ذا إيكونوميست: نفوذ روسيا يتضاءل في أفريقيا.. وأوكرانيا دخلت المعركة بالقارة السمراء

الخميس 27 يوليو 2023 09:49 ص

قال تحليل نشرته مجلة "ذا إيكونوميست" إن تنافسا بين روسيا وأوكرانيا على النفوذ بدأ في أفريقيا، بالتزامن مع استمرار الحرب بينهما، معتبرا أن رد فعل القادة الأفارقة على الغزو الروسي لأوكرانيا كان مفاجئا لبوتين، حيث اتسم بالاتزان وتفضيل الحياد، رغم صلات موسكو الوثيقة بالعديد من الأنظمة الاستبدادية في القارة السمراء.

وأوضح التحليل، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن بوتين، الذي يعاني من عزلة دولية غير مسبوقة حاليا، كان ينتظر تدفق الزعماء الأفارقة إلى سان بطرسبرج، الخميس 27 يوليو/تموز الاري لحضور القمة الثانية بين روسيا وأفريقيا.

لكن الإقبال يبدو أنه يعكس نفوذ روسيا المتراجع في أفريقيا، كما يقول التحليل، حيث تشير التقارير إلى أن 17 رئيسا وقائدا أفريقيا فقط سيحضرون تلك القمة، أي أقل من نصف الـ 43 الذين ذهبوا إلى قمة عام 2019.

ويمضي التحليل بالقول إن موقف أفريقيا تجاه روسيا وحربها في أوكرانيا يبدو متذبذبا، فمن بين 54 دولة في القارة، أيدت 19 دولة أوكرانيا، مقابل دولتين فقط فعلت الشيء نفسه مع روسيا.

لكن بشكل عام، امتنعت الدول الأفريقية عن التصويت في 52% من المناسبات المماثلة في مجلس الأمن منذ بداية الغزو الروسي.

اتفاقية الحبوب

وتشير المجلة إلى انسحاب روسيا الأخير من اتفاقية مبادرة الحبوب بالبحر الأسود، وهو الاتفاق الذي ساعد في خفض أسعار الحبوب بنسبة 14%، وبالتالي فإن تحرك موسكو سيؤدي إلى تفاقم التضخم والجوع، لا سيما في أفريقيا، وهو أمر من المتوقع أن يدفع القادة الأفارقة لإثارة الموضوع مع بوتين خلال القمة.

وتأمل روسيا في أن تتمكن من إبقاء القادة الأفارقة هادئين إزاء ما حدث، خاصة أن أوكرانيا تقول إن موسكو بانسحابها من الاتفاق أوقفت جهودا من كييف للتبرع بالحبوب لأفريقيا، في إطار برنامج أطلق في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

في غضون ذلك، تصدر روسيا قمحها إلى دول صديقة في أفريقيا بأسعار مخفضة، وعلى سبيل المثال، تلقت مالي، التي تدعم روسيا وميليشيات "فاجنر" مجلسها العسكري، 50 ألف طن بأسعار متدنية الشهر الماضي.

أيضا استخدم الكرملين مخططًا للتبرع بالأسمدة الروسية العالقة في أوروبا، من خلال برنامج الغذاء العالمي، للضغط على الدول الأفريقية للمطالبة بإنهاء العقوبات المفروضة على روسيا.

سمكة صغيرة

ويرى التحليل أن روسيا تحاول ممارسة نفوذها في أفريقيا قدر الإمكان، فهي لا تزال سمكة صغيرة داخل القارة السمراء، بالنسبة لأمريكا والصين أو القوى الأوروبية.

ففي عام 2018، وهو آخر عام تم تحليله من قبل الباحثين ، قدمت روسيا 28 مليون دولار من المساعدات الثنائية للبلدان الأفريقية ، أي أقل من 1% من إجمالي المساعدات البريطانية - وثلث ما قدمته روسيا لكوبا.

بالإضافة إلى ذلك، تمثل روسيا أقل من 1% من الاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا.

وفي عام 2020، بلغت التجارة بين روسيا وأفريقيا 14 مليار دولار، أي 2% من إجمالي تجارة القارة وحوالي واحد على عشرين من التجارة بين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا.

وخلال القمة الأولى بين روسيا وأفريقيا، تفاخر المسؤولون بتوقيع صفقات بقيمة 12.5 مليار دولار، وقليل منها تحقق.

ويردف التحليل: "لا عجب أن القادة من كينيا ونيجيريا والاقتصادات الكبيرة الأخرى قرروا تخطي حدث هذا العام في سان بطرسبرج".

شريك للأنظمة الاستبدادية

ورغم ما سبق، فإن روسيا تمثل شريكا مهما للأنظمة الاستبدادية في أفريقيا، كما يقول التحليل، حيث كانت أكبر مورد للأسلحة إلى دول أفريقيا لأكثر من عقد من الزمان.

وعلى الرغم من أن أكثر من نصف هذه الصادرات كانت إلى الجزائر ومصر، إلا أنها تبيع أيضًا أسلحة لأنظمة جنوب الصحراء، مثل أوغندا بسعر أرخص وبضوابط أقل مما قد يقدمه الغرب.

أيضا، فإن ميليشيا "فاجنر"، التي تظل محسوبة على روسيا رغم تمردها الأخير، لا تزال تحافظ على أماكنها في أفريقيا، حيث تدعم أنظمة مستبدة هناك بقوة.

وبشكل عام، تشكل الأسلحة والمرتزقة جزءا من استراتيجية روسيا منخفضة التكلفة وعالية التأثير لاستهداف النخب الأفريقية، ولذلك امتنع العديد من البلدان التي تتمتع فيها الطبقة الحاكمة بعلاقات وثيقة مع موسكو عن التصويت في الأمم المتحدة إزاء أزمة أوكرانيا، مثل الجزائر ومدغشقر وموزمبيق وأوغندا وزيمبابوي.

ويمتد الاستهداف الروسي ليطال نخبا في دول أكثر ديمقراطية، مثل جنوب أفريقيا، حيث نسجت علاقات متميزة مع رئيسها الاسابق جاكوب زوما، والذي كان قريبا من توقيع صفقة نووية مع موسكو، وهو يتواجد الآن في روسيا "لأسباب صحية"، ومدد إقامته هناك قبل أيام، فى انتظار قرار من حكومة بلاده بشأن حكم المحكمة الدستورية الأخير الذى يأمر بإعادته إلى السجن لقضاء عقوبته.

ويرى التحليل أن جهود روسيا الدعائية في أفريقيا تلاقي تأييدا بين الدول التي تعد أرضا خصبة لمشاعر معاداة الغرب، مثل الدول الفرانكفونية في غرب أفريقيا الناطقة بالفرنسية، ففي استطلاع للرأي شمل 23 دولة أفريقية في عام 2022 أجرته مؤسسة "جالوب"، وجد أن الدول التي حصلت على أعلى معدلات موافقة لروسيا هي مالي (84%) وساحل العاج (71%)، والمراكز السبعة الأولى كانت من الدول الفرانكفونية.

أوكرانيا تنضم

وأوضح التحليل أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي انضم متأخرا إلى معركة النفوذ في أفريقيا، لكنه يحارب من أجل كسب القلوب والعقول، كما يقول التحليل.

ففي الأسبوع الماضي، استضاف زيلينسكي في كييف مجموعة من الصحفيين الأفارقة، حيث شبه أمامهم الحرب في أوكرانيا بالحروب ضد الاستعمار في أفريقيا، لافتا إلى أن أسلافهم مروا بتجارب شبيهة بالذي تمر به أوكرانيا الآن.

واعتبر زيلينسكي أن نهج روسيا في التعامل مع الحبوب وإفريقيا كان مثل استخدامها السابق للنفط والغاز في أوروبا، وقال إنه في كلتا الحالتين ، حاولت روسيا القضاء على المنافسين واستخدام الموارد لخلق التبعية السياسية.

ويختتم التحليل بالقول إن المشاركة المنخفضة للقادة الأفارقة في قمة سان بطرسبرج الحالية يعني أن القارة  السمراء تعيد الآن بناء وجهة نظرها بشأن روسيا، رغم اتهام موسكو للغرب بممارسة الضغط على هؤلاء القادة.

المصدر | ذا إيكونوميست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الروسية الأفريقية نفوذ روسيا أفريقيا مبادرة الحبوب قمة روسيا أفريقيا غزو أوكرانيا أوكرانيا

بالإضافة إلى تصدير الحبوب.. بوتين يتعهد بمشاريع طاقة وتعليم في أفريقيا

صور تظهر قائد فاجنر مع قادة أفارقة في سان بطرسبرج رغم التمرد.. وتفسيرات متعددة

روسيا تلغي 23 مليار دولار من ديون الدول الأفريقية

بالمجان.. وزير روسي يعلن منح 6 دول أفريقية 50 ألف طن حبوب

بعد إبعاد الغرب.. كيف تقترب روسيا أكثر من دول الساحل الأفريقي؟