زيارة كشيدا للسعودية والإمارات وقطر.. تحول كبير في دبلوماسية اليابان للشرق الأوسط

الجمعة 28 يوليو 2023 03:56 م

اعتبر أستاذ سياسات العلوم والتكنولوجيا بجامعة طوكيو سوزوكي كازوتو، أن زيارة رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا للشرق الأوسط، والتي شملت السعودية والإمارات وقطر، بمثابة تحول كبير في دبلوماسية اليابان تجاه المنطقة.

وأضاف كازوتو في مقال نشرته مجلة ديبلومات المتخصصة في شئون منطقة أسيا والمحيط الهادي، أن زيارة كيشيدا التي امتدت لثلاثة أيام من 16 إلى 18 يوليو/تموز يمكن وصفها بالتاريخية.

وأوضح أن زيارات القادة اليابانيين السابقين للشرق الأوسط عادة ما كانت تهدف إلى تثبيت إمدادات الطاقة، مشيرا إلى أن هذا الغرض لطالما مثل أولوية قصوى لليابان نظرًا لاعتمادها الشديد على المنطقة فيما يتعلق بإمدادات النفط والغاز الطبيعي.

لكن بحسب كازوتو، فإن زيارة كيشيدا الأخيرة كانت مختلفة، لأنها تمثل تحولا كبيرا في دبلوماسية اليابان الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط، ما يعكس في الوقت ذاته إحساسًا قويًا بالتغير الجذري للوضع الدولي والتغيرات الجارية داخل المنطقة.

استثمارات اليابان ومستقبل الخليج

رأي كازوتو أن الهدف الأول لزيارة كيشيدا يتمثل في مساعدة دول المنطقة في التحول إلي هيكل اقتصادي يتكيف مع إزالة الكربون.

وذكر أن اليابان تهدف إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 وتعمل على تطوير سياسات لتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري.

وتابع أن الهياكل الصناعية المتغيرة ستؤدي أيضًا إلى إحداث تحول في اقتصادات دول الخليج، التي طالما اعتمدت على صادرات الوقود الأحفوري.

على هذا النحو، ففي هذه الزيارة، كان كيشيدا يحاول وضع اليابان للعب دور في دعم دول الخليج في جهودها لتحقيق التحول الأخضر بأنفسهم.

تتولى دولة الإمارات حاليًا مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28"، وعلى الرغم من أن هذا أثار بعض القلق؛ نظرًا لأن الإمارات دولة منتجة للنفط والغاز، لكن في الواقع، تتحرك دول الخليج بالفعل نحو المستقبل.

على سبيل المثال، تحت قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تسعى السعودية إلى تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي واجتماعي يسمى رؤية السعودية 2030، حيث بدأت في الاستعداد لعصر إزالة الكربون.

ترى اليابان هذا الاتجاه كفرصة تجارية، ولا تريد فقط التعاون في إنتاج الهيدروجين والأمونيا باستخدام موارد تحت الأرض في الشرق الأوسط، ولكن أيضًا التعاون في مجالات مثل إنتاج المواد التي لا ينبعث منها ثاني أكسيد الكربون أثناء التصنيع.

مع وضع هذا في الاعتبار، استغل كيشيدا الزيارة لمتابعة استراتيجية لتعزيز العلاقات مع الشرق الأوسط من خلال ربط التقنيات والاستثمارات اليابانية بمستقبل دول الخليج.

دعم التحول الخليجي

وبحسب كازوتو فإن لزيارة رئيس الوزراء الياباني هدف أخر يتمثل في تزويد دول الخليج بالدعم الذي تحتاجه لتحويل هياكلها الاقتصادية بعيدًا عن الاعتماد على صادرات الوقود الأحفوري.

ولكي تنتقل دول الخليج إلى اقتصادات لا تعتمد على الوقود الأحفوري، ستحتاج إلى زراعة صناعات تستفيد من مستويات التعليم العالية، والقوى العاملة، وموارد الطاقة الشمسية الوفيرة.

للمساعدة في تحقيق ذلك، وقعت اليابان اتفاقيات ثنائية في مجالات مثل أشباه الموصلات والفضاء والطب والتعليم والزراعة والسياحة.

وذكر كازوتو مساعدة دول الخليج في تنفيذ تحول في الهيكل الصناعي من خلال الاستفادة من هذه التقنيات المتقدمة تعد أحد المجالات التي يمكن للشركات اليابانية أن تلعب فيها دورًا، من خلال تقديم قدرات تكنولوجية متقدمة وتطوير أسواق جديدة.

ورافق كيشيدا رؤساء صناعة الطاقة التقليدية بالإضافة إلى شركات الفضاء والرعاية الصحية، وتم توقيع أكثر من 50 اتفاقية بين الشركات على مدار الأيام الثلاثة.

علاوة على ذلك، ستبدأ المفاوضات لإبرام اتفاقية تجارة حرة بين اليابان ومجلس التعاون الخليجي في عام 2024، لتوفير مزيد من الدعم لأنشطة هذه الشركات.

بيئة أمنية مستقرة

وبحسب كازوتو فإن الهدف الثالث من زيارة كيشيدا لليابان هو توفير بيئة أمنية مستقرة في المنطقة.

وذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت الضامن الرئيس للنظام الأمني في الشرق الأوسط، ولكن منذ ثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة، انخفض اعتمادها على الشرق الأوسط.

كما أدت العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، على سبيل المثال من خلال اتفاقيات إبراهيم، إلى تغيير كبير في النظام في الشرق الأوسط.

 في غضون ذلك، يتقدم تطبيع العلاقات الدبلوماسية بوساطة صينية بين السعودية وإيران، ويتزايد النفوذ الصيني الروسي في الشرق الأوسط، كما يتضح على سبيل المثال في العلاقات بين إيران وروسيا، والتي تعززت بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

ونظرًا لأن اليابان أصبحت مهتمة ليس فقط بإمداد مستقر للطاقة ولكن أيضًا في التحول نحو عصر إزالة الكربون، فهي تسعى إلى وضع مستقر لبناء بيئة أمنية وعلاقات ثنائية.

لاعب جيوسياسي

كما تأمل اليابان في تعزيز العلاقات مع دول الجنوب العالمي من منظور الأمن الاقتصادي، ليس فقط من حيث العلاقات بين اليابان ودول مجلس التعاون الخليجي، ولكن أيضًا مع منظمة التعاون الإسلامي، كوسيلة لتنويع التوازن الإقليمي.

تتمتع اليابان إلى حد بعيد بأكبر قوة ناعمة في الشرق الأوسط، وذلك بفضل أشياء مثل الرسوم المتحركة والمانجا (رسومات في الكتب والرّوايات المصوّرة)، لكن هذا لم يترجم إلى تأثير سياسي.

ومع ذلك، تحاول اليابان مواجهة التقدم الصيني الروسي من خلال ممارسة نفوذها في المنطقة التي يهيمن الإسلام على ثقافتها.

 بالنسبة لليابان، إذن، لن تقتصر العلاقات مع الشرق الأوسط على سياسة الطاقة، بل ستتطور ديناميكيًا عبر مجموعة واسعة من المجالات، من التعاون الصناعي إلى الأمن.

أشارت زيارة كيشيدا إلى تحول في الدبلوماسية اليابانية في الشرق الأوسط، حيث تسعى اليابان إلى تعزيز وجودها كلاعب جيوسياسي في المنطقة.

المصدر | سوزوكي كازوتو/ذا ديبلومات- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فوميو كيشيدا العلاقات اليابانية الخليجية المناخ الاقتصادات الخليجية

وزير الدفاع السعودي يبحث مع نظيره الياباني تعزيز التعاون العسكري

اليابان والإمارات والطاقة الخضراء.. التكنولوجيا من طوكيو والتمويل من أبوظبي

على بساط الهيدروجين الأخضر.. اليابان والخليج "زواج في طور التكوين"