معادلة استقرار الكويت.. عامل مفقود قد يدفع نحو الفوضى

الأربعاء 13 سبتمبر 2023 12:52 م

تشتد الحاجة في الكويت للعودة إلى التسويات بين مؤسساتها الفعالة، إذ باتت الخلافات السياسية المتكررة بين الجهتين التشريعية والتنفيذية تهدد البلد الخليجي بالفوضى وعدم الاستقرار وتعيق توجهه نحو تنويع الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات.

ذلك ما خلص إليه عماد حرب، مدير الأبحاث والتحليلات في "المركز العربي واشنطن دي سي" للدراسات (ACW)، عبر تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، مشيرا إلى أن الانتخابات البرلمانية في يونيو/ حزيران الماضي، وهي الثالثة خلال ثلاث سنوات، أسفرت عن فوز المعارضة بأغلبية المقاعد (29 من أصل 50)، ما دشّن فترة أخرى من الخلاف بين مجلس الأمة (البرلمان) ورئيس الوزراء الحالي الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح.

وتابع أن "البرلمان الحالي هو عمليا نسخة طبق الأصل من مجلس آخر تم انتخابه في سبتمبر/ أيلول 2022، لكن المحكمة الدستورية ألغته في مارس/ آذار 2023، وأعادت مجلسا آخر تم انتخابه في 2020، والذي تم حله بدوره بمرسوم ملكي في مايو/ أيار 2023، لإفساح المجال لإجراء انتخابات يونيو".

"ومنذ عام 2006، أجرت الكويت 10 انتخابات برلمانية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تعتبر البرلمانات النشطة أمرا شاذا، وحيث تكون الفروع التشريعية عادة خاضعة لسلطة الملكيات القوية التي تعتمد على الشرعية التاريخية والثروات الهيدروكربونية (النفط والغاز الطبيعي) لتأكيد هيمنتها"، كما أردف حرب.

وزاد بأن "المشهد السياسي في الكويت لم يكن مستقرا جدا أيضا على جانب السلطة التنفيذية من معادلة الحكم، ففي أعقاب انتخابات يونيو/حزيران، أعلن رئيس الوزراء أحمد النواف عن تشكيل حكومة من 15 وزيرا، والتي ستنضم، وفقا للدستور، إلى البرلمان المنتخب لتشكيل مجلس الأمة".

واستدرك: "لكن بعد أسابيع من توليه منصب وزير المالية، استقال مناف عبدالعزيز الهاجري، ليحل محله في 3 سبتمبر/أيلول الجاري، فهد عبدالعزيز الجارالله. وقبل هذه الحكومة الأخيرة، شهدت البلاد سبع حكومات أخرى خلال السنوات الثلاث الماضية".

البرلمان والحكومة

و"السبب الأكثر أهمية لهذا الانقلاب البرلماني والتنفيذي هو الخلافات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية؛ ما أجبر القصر الملكي في مناسبات عديدة على إما حل البرلمان بسبب تجاوزه الواضح في التحقيق مع الحكومة أو الوزراء الأفراد أو إقالة الحكومة؛ لأنها لم تتمكن من العمل مع البرلمان أو الحصول على موافقة برلمانية على عملها"، بحسب حرب.

وقال إن "التأرجح بين الانتخابات التشريعية الدورية وتشكيل حكومات قصيرة الأمد في الكويت يدعو إلى التشكيك في جدوى ونجاح هذا التعايش على المدى الطويل بين النظام الملكي والبرلمان المفوض دستوريا".

وتابع: "على الرغم من كونها فريدة من نوعها في دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن هذه العملية لم تكن دائما صعبة كما أثبتت في السنوات الأخيرة، إذ كانت الكويت في السابق قادرة على التغلب على التحديات المتمثلة في تسهيل هذا الوضع المؤسسي الذي يبدو متناقضا".

واستدرك: "لكن الظروف المحلية والإقليمية والدولية الجديدة أثقلت كاهل المجتمع ونظام الحكم، وجعلت من الصعب تحقيق الآليات القديمة للتسويات النخبوية، وتهدد حاليا القوة المؤسسية والاجتماعية طويلة المدى لدولة كانت مستقرة ذات يوم".

تسويات مطلوبة

بالتالي، وفقا لحرب، "يتعين على النخب الكويتية، من القصر نزولا إلى الحكومة والبرلمان، أن تعمل على إيجاد التسويات الدستورية والمؤسسية والسياسية اللازمة لتجنب الخلافات التي أعاقت الحكم الرشيد والمستدام على مدى السنوات القليلة الماضية".

وشدد على أنه "لا ينبغي لأي دولة تحاول التغلب على المشاكل الاقتصادية والانطلاق على طريق ضروري للتنويع بعيدا عن الاعتماد المفرط على النفط والغاز أن تتأخر بسبب الخلافات حول الخيارات السياسية التي يمكن حلها من خلال التسوية".

وأضاف أنه "إذا كانت مثل هذه التنازلات تستلزم ضبط النفس البرلماني في الإشراف على الإجراءات والسياسات التنفيذية، إلى درجة لا تكون غير قانونية أو غير دستورية، فمن الأفضل للبرلمان أن يمتنع عن التجاوز".

واستطرد: "ومن ناحية أخرى، إذا وجد البرلمان أنه من الضروري التحقيق في الأنشطة غير القانونية أو الفاسدة التي يقوم بها مسؤولو السلطة التنفيذية، بما في ذلك أفراد العائلة المالكة، فيجب عليه القيام بوظيفته الرقابية بقوة وفعالية".

"لقد نجحت النسخة الكويتية من الديمقراطية البرلمانية لفترة طويلة، ومن الأهمية من أجل أمن واستقرار البلاد، أن تعود إلى تسويات الماضي القابلة للتنفيذ"، كما ختم حرب.

المصدر | عماد حرب - المركز العربي واشنطن دي سي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الكويت فوضى استقرار خلافات الحكومة مجلس الأمة