هل يحدث انضمام السعودية والإمارات إلى بريكس تغيرًا في التكتل؟

السبت 30 سبتمبر 2023 07:24 ص

من السابق لأوانه تحديد كيف أو ما إذا كان انضمام السعودية والإمارات إلى البريكس، سيغير ميزان القوى العالمي، لكنه علامة واضحة على جهود دول الخليج العربية لتنويع التحالفات والشراكات الاقتصادية والسياسية.

هكذا يخلص تحليل لموقع "أمواج ميديا"، وترجمه "الخليج الجديد"، الذي يقول إن "على الرغم من أن التأثير الكامل لانضمام السعودية والإمارات المحتمل إلى المجموعة لا يبدو واضحًا، غير أن هذا التطور يأتي وسط جهود البلدين لتنويع علاقاتهما الاقتصادية والسياسية مع الدول الأخرى".

وتصدرت دعوة السعودية والإمارات الشهر الماضي، للانضمام إلى "بريكس"، وهي كتلة اقتصادية وجيوسياسية تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، عناوين الأخبار في جميع أنحاء العالم.

وإلى جانب الدولتين العربيتين الخليجيتين، عُرض على الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران الانضمام إلى المجموعة، في يناير/كانون الثاني 2024.

وقبلت الإمارات الدعوة رسميًا، وأشاد الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بهذا التطور، وقال: "إننا نتطلع إلى استمرار الالتزام بالتعاون من أجل الرخاء والكرامة والمنفعة لجميع الدول والشعوب في جميع أنحاء العالم".

في المقابل، لم تتخذ السعودية بعد قرارًا نهائيًا بشأن الانضمام، لكن وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان، أوضح أن الرياض تقدر هذه الفرصة، قبل أن يصف مجموعة "بريكس"، بأنها "قناة مفيدة ومهمة"، مضيفًا أنه سيتم اتخاذ "القرار المناسب" بحلول بداية عام 2024.

يقول التحليل إن احتمال انضمام أبوظبي والرياض إلى مجموعة دول "بريكس" يسلط الضوء على سياسة "التوجه شرقًا" التي تنتهجها دول الخليج العربية، وقد تبلور هذا النهج مع تحول مركز الثقل الجغرافي الاقتصادي العالمي بعيدًا عن الغرب.

وتمثل دول آسيوية مثل الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة، في الوقت الحالي، معظم الطلب العالمي على النفط والغاز في منطقة الخليج.

وتحاول السعودية والإمارات الاستفادة من النمو الاقتصادي المتوقع في آسيا وسط الابتكار التكنولوجي وتوسيع الأسواق في المنطقة.

وينقل التحليل عن كبير الباحثين المقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن روبرت موغيلنيكي القول: "ترى السعودية والإمارات أن هناك الكثير من الإمكانات التي لم تستغل بعد للمشاركة الأعمق مع التجمعات والتكتلات العالمية الجديدة".

ويشكك الخبراء في أن العلاقات الاقتصادية الإماراتية أو السعودية مع أي من أعضاء "بريكس" ستشهد تحولات كبيرة مفاجئة.

لكن هناك سبب وجيه لتوقع "مزيد من التوافق على مستوى واسع بين الحكومات"، كما يقول موغيلنيكي.

ويضيف أن زيادة المشاركة السعودية أو الإماراتية في بنك التنمية الجديد، وهو مقرض تنمية متعدد الأطراف أنشأته مجموعة "بريكس"، وقد تؤدي إلى "معاملة تفضيلية للشركات الخليجية المتنافسة على المشاريع".

وتمنح عضوية "بريكس" القدرة على إفادة الأجندات الإماراتية والسعودية على المديين المتوسط ​​والطويل، وفق ما يوضح رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية عمر العبيدلي.

ويضيف: "الدولتان الخليجيتان ستستفيدان اقتصاديًا من إقامة علاقات دبلوماسية أقوى مع الأعضاء الخمسة المؤسسين للمجموعة، ويشمل ذلك فرص الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال في إطار سعيها نحو التنويع الاقتصادي".

ويشير العبيدلي إلى حيثية أخرى قد لا يتم الالتفات إليها إلا بعد التدقيق وهي أن "هذه العضوية تمنح أبوظبي والرياض مقعدًا على الطاولة، عندما تفكر هاتان الدولتان القويتان في طرق بديلة لتنظيم الاقتصاد العالمي".

وينظر صناع السياسات الإماراتيون والسعوديون إلى علاقات بلادهم مع القوى الآسيوية باعتبارها أمرًا بالغ الأهمية، لأنها ستسمح لهم بفتح باب بعيد عن الهيدروكربون.

أما الزميل المشارك في "تشاتام هاوس" ومقره لندن أحمد عبوده، فإن السعودية والإمارات "تودان الحصول على معاملة تفضيلية في التجارة والاستثمار ووكالات التأمين البحري والزراعة والأدوية".

ويوضح أن هذه المجالات هي "اللبنات الأساسية" لخطط أبوظبي والرياض لتنويع اقتصادهما بعيدًا عن الاعتماد على عائدات النفط، وتعزيز نمو أكثر استدامة.

لكن الاختلافات الرئيسية بين دول "بريكس" المؤسسة والأعضاء المحتملين الجدد من المحتمل أن تؤثر بشكل كبير على مستقبل الكتلة، وفق التحليل.

وفي هذا الصدد تقول الزميلة المساعدة في مركز الأمن الأمريكي الجديد راشيل زيمبا، إن تنوع تركيبة "بريكس" من المرجح أن يعيق تطوير المبادرات التي تشمل جميع الأعضاء.

وبدلًا من ذلك، تضيف أن "العلاقات الثنائية والتجمعات الصغيرة الأخرى ستكون أكثر أهمية بالنسبة للمشاريع الرائدة والاستثمارات وغيرها من الجهود".

وتتابع زيمبا، أن توسيع الكتلة في العام المقبل من شأنه أن يضخم "الاختلافات القائمة في السياسات بين دول بريكس".

ومع ذلك، يمكن لعدد أكبر من الأعضاء أن يقوموا بزيادة بعض الاستثمارات المشتركة وعمليات نقل التكنولوجيا.

وبالإضافة إلى ذلك، تشير زيمبا إلى أن الكثير "يعتمد على القرارات التي ستتخذها الولايات المتحدة، بما في ذلك دراسة الاستثمارات وضوابط التصدير".

وتخلص إلى أن ذلك سيتأثر بمدى دعم دول الخليج العربية لسلاسل التوريد العسكرية الصينية والروسية.

ووفق تحليل "أمواج"، فإن انضمام السعودية والإمارات إلى مجموعة "بريكس" من شأنه أن يوجه رسالة واضحة إلى الولايات المتحدة حول نوايا دول الخليج العربية لتنويع تحالفاتها العالمية.

ولكي تصبحا أكثر استقلالية عن واشنطن، من الواضح أن أبو ظبي والرياض تسعيان إلى إقامة شراكات بديلة.

ومن المرجح أن تسعى الصين وإيران وروسيا إلى الاستفادة من مجموعة "بريكس" لتوحيد المزيد من الدول خلف أجندة مناهضة للولايات المتحدة.

لكن من المرجح أن تعمل أبوظبي والرياض على تحقيق التوازن بين علاقاتهما المتنامية مع أعضاء "بريكس" وشراكاتهما الدفاعية المستمرة منذ عقود مع واشنطن.

وفي هذا السياق، أوضح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وجهة نظره بأن "مجموعة بريكس ليست مجموعة ضد أمريكا أو الغرب"، في مقابلة له مع وسائل إعلام أمريكية في وقت سابق من هذا الشهر.

ويعلق التحليل على ذلك بالقول إن "الكيفية التي قد يؤثر بها توسع الكتلة على مساعي إلغاء الدولرة، أي الجهود المبذولة لتحريك الاقتصاد العالمي بعيدًا عن الاعتماد على العملة الأمريكية، سيكون أمرًا حاسمًا لصانعي السياسات في دول الخليج العربية".

ويضيف: "بينما قد يكون الحديث عن عملة محتملة لمجموعة بريكس سابقًا لأوانه، إلا أن مثل هذه التكهنات تدل على أن بعض الدول تبحث عن بدائل للدولار، خاصة في أعقاب العقوبات الغربية الضخمة على روسيا بسبب غزوها ​أوكرانيا في فبراير/شباط 2022".

وساهم اعتماد واشنطن المفرط على العقوبات كأداة للسياسة الخارجية بتغذية التحرك نحو وقف الدولرة أيضًا، فقد فرضت الولايات المتحدة قيودًا مالية على آلاف المجموعات والمؤسسات الحكومية والأفراد في جميع أنحاء العالم في محاولة منها للضغط على مجموعة متنوعة من الأعداء.

ويقول سفير الولايات المتحدة السابق في قطر باتريك ثيروس، إن واشنطن "بالغت بشكل كبير ومن دون تفكير في استخدام الدولار كسلاح على مدى العقود الثلاثة الماضية".

ويتابع: "لقد فرضنا عقوبات على الكثير من الأشخاص لدرجة أننا دفعنا الكثير من الدول إلى السعي لاستخدام عملات أخرى".

وفي حين لا تقوم دول الخليج العربية بقيادة عملية الابتعاد عن الدولار، إلا أنها تنخرط بشكل عملي في هذه العملية.

وفي مارس/آذار، صدّرت الإمارات 65 ألف طن من الغاز الطبيعي المسال إلى الصين، وتم إتمام الصفقة بالكامل باليوان الصيني.

بينما قالت السعودية أيضًا إنها قد تبيع النفط للصين بعملات غير الدولار الأمريكي.

ويوضح الباحث عبوده أن "التوقف عن الدولرة سيكون بمثابة توجيه ضربة مؤلمة للعقوبات الاقتصادية الأمريكية".

ويقول إنه بعد فرض العقوبات على روسيا إثر غزوها لأوكرانيا، أصبحت الكثير من الدول منفتحة على مثل هذه الجهود.

ويشير عبوده إلى أن "السعودية والإمارات أجرتا بالفعل معاملات تجارية باستخدام العملات المحلية، وإن كان ذلك على نطاقات صغيرة".

ومن وجهة نظره، يبدو أن كلا البلدين يفضلان خفض المدفوعات بالدولار، ولكنهما يدركان أن هذه عملية تستغرق عقودا من الزمن، وبالتالي فإنهما يلعبان "لعبة طويلة الأمد لإلغاء الدولرة".

وهناك نقطة أخرى يجب أخذها في الاعتبار، وهي أن الخلافات الجيوسياسية داخل مجموعة "بريكس" والعلاقات المختلفة بين أعضائها مع الولايات المتحدة قد تؤثر على الإجراءات المتعلقة بإلغاء الدولار.

أما موغيلنيكي، فيشير إلى أن "المشاركة الأكبر" في مجموعة "بريكس" لا تغير بشكل كبير المخاطر بالنسبة لدول الخليج العربية التي تدرس خياراتها حول الابتعاد عن الاعتماد على الدولار.

ويضيف: "لا يبدو أن دول البريكس نفسها قادرة على الاتفاق على مسار عمل من شأنه الدفع لإلغاء الدولار وقلب الموازين".

المصدر | أمواج ميديا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية الإمارات بريكس الدولار الصين روسيا أمريكا

أبرزها غزة.. 4 أحداث محورية شكلت أقوى تغيرات العالم الجيوسياسية في 2023

القوى المتوسطة وتوسيع بريكس.. هكذا تعزز مصالحها وتؤكد نفوذها