الجارديان: عبر صفقات مع ديكتاتوريين.. أوروبا تشن حملة وحشية ضد المهاجرين

السبت 7 أكتوبر 2023 12:51 م

اعتبرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن الاتفاق الذي أبرمته أوروبا مع تونس لمنع تدفق المهاجرين يشكل "حملة وحشية قاسية لا تحتمل من الدول الأوروبية ضد المهاجرين"، مشيرة إلى أن الاستعانة بمصادر خارجية لمراقبة الحدود، يمثل تقصير أوروبي في أداء الواجب تجاه المهاجرين، و"صفقة كريهة مع نظام ديكتاتوري".

وقالت الصحيفة، في افتتاحيتها، إن هناك تعاطفا مع المهاجرين في أوروبا، وهو ما ظهر في مهرجان البندقية السينمائي الشهر الماضي، حيث حظى فيلم "أنا كابتن" بإشادة كبيرة وفاز بجائزة "الأسد الفضي"، وكان هناك استقبال حافل له، لأنه تناول رحلة مراهقين سنغاليين تضمنت تعايشهما مع العنف والابتزاز والاحتجاز والعمل القسري على أيدي الشرطة الفاسدة والمتاجرين بالبشر في شمال إفريقيا.

ورغم أن الفيلم قدم مشاهدة مفجعة، لكن "الجارديان" أكدت أن تقاريرها الواردة من تونس تشير إلى أن الواقع أكثر كآبة، وأن أوروبا متواطئة بشدة في الرعب الذي يتكشف الآن.

قمع وحشي للمهاجرين

وأشارت إلى اتفاق وقعه الاتحاد الأوروبي في يوليو/ تموز الماضي، يقدم مساعدات إلى الرئيس التونسي الذي وصفه التقرير بـ"الاستبدادي"، قيس سعيد، مقابل شن حملة على المهاجرين غير الشرعيين الذين يسعون لعبور البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا.

ووفقا لشهادات المهاجرين والمنظمات غير الحكومية الموجودة على الأرض، كانت النتيجة هي القمع الوحشي والإساءة والترهيب للمهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى.

ونقل مراسل "الجارديان" أن أكثر من 4 آلاف شخص قد تم احتجازهم ثم إلقائهم في مناطق صحراوية نائية على حدود تونس مع ليبيا والجزائر، وقد تعرض بعضهم للضرب وسرقة أموالهم على أيدي حرس الحدود.

ويُعتقد أن العشرات لقوا حتفهم بسبب العطش أثناء محاولتهم العودة إلى الساحل أو إلى مكان آخر.

وتحدثت الصحيفة مع أحد طالبي اللجوء من الكاميرون الذي انفصل عن زوجته وطفله أثناء رحلة هجرة، ثم تعرف على جثتيهما بعد نشر صور لهما ميتين في الصحراء.

وانتقدت الصحيفة ما قالت إنه خطاب تحريضي من جانب قيس سعيد، عزز العداء العنصري للمهاجرين السود، وتسبب في اندلاع أعمال العنف ضدهم.

وفي ليبيا المجاورة لتونس وقع الاتحاد الأوروبي اتفاق مماثل أيضا قبل ست سنوات، وهناك يتعرض المهاجرون المحتجزون بشكل روتيني للاغتصاب والضرب والابتزاز والطرد الجماعي.

خيانة للقيم الأوروبية

وقالت الصحيفة إن "التواطؤ الجبان في انتهاكات حقوق الإنسان، باسم الحدود الآمنة"، يشكل خيانة للقيم التي تدافع عنها أوروبا.

وكما قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك: "لابد أن ترشدنا الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعاون في تعاوننا ـ، وهو الأمر الذي لم يحظ بالاعتبار المناسب في الاتفاق مع تونس".

ويشير التقرير إلى أن رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، والمحاطة بجورجيا ميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا اليمينية المتطرفة، ومارك روته، الزعيم الهولندي المنتهية ولايته، باتت ترى أن توظيف الديكتاتوريين كحرس حدود لأوروبا أمر يمكن التعاطي معه.

بعد تونس.. صفقة متوقعة مع مصر

وفي القمة الأوروبية الأخيرة، والتي عقدت في غرناطة، الخميس الماضي، اتحد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك مع ميلوني في تأييد مثل هذه الصفقات.

وربما تكون الصفقة مع النظام في مصر هو الأمر التالي.

وتختتم "الجارديان" افتتاحيتها بالقول إن التحدي المتمثل في الهجرة في القرن الحادي والعشرين معرض لخطر تفكك النسيج الأخلاقي للسياسة الأوروبية، لا سيما أن عدم الاستقرار والصراع الجيوسياسي، وعدم المساواة العالمية، وحالة الطوارئ المناخية، تعني أن الهجرة الجماعية هي ظاهرة عصرنا.

ويطرح هذا مشاكل ومعضلات عظيمة، وبالنسبة لقارة تعاني من الشيخوخة السكانية وتحتاج إلى تحديث قوتها العاملة، فإن هناك دائما فرص في المهاجرين.

المصدر | الجارديان - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مهاجرين غير شرعيين العلاقات التونسية الأوروبية صفقة مكافحة الهجرة البحر المتوسط قيس سعيد