100 سنة جمهورية.. رحلة تركيا من استقلال عسكري إلى تحرر سياسي

الاثنين 30 أكتوبر 2023 01:54 م

"لم يبدأ القرن العشرين بشكل جيد بالنسبة للإمبراطورية العثمانية (1299-1923)، وكانت الدول التوسعية في تلك الفترة تنظر إلى الإمبراطورية، التي وصفوها بـ"رجل أوروبا المريض"، باعتبارها دولة سيتم تقاسم مواردها وأراضيها"، بحسب مقال لكمال إنات في موقع "بوليتيكس توداي" الأمريكي (politics today).

إنات أضاف، في المقال الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أنه "في 1923، فازت تركيا في حرب الاستقلال على الجبهة العسكرية، لكنها كانت عرضة لتهديدات جديدة من الخارج؛ لأنها لم تكن من بين الجهات الفاعلة القوية اقتصاديا وعسكريا في النظام السياسي الدولي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الأولى (1914-1918)".

وأردف أن "الإمبراطورية العثمانية كانت من بين الدول المهزومة في الحرب، وعانت من خسائر إقليمية كبيرة، واضطرت للتخلي عن العديد من المناطق ذات الموارد الاقتصادية الغنية، ولا سيما بالطاقة".

وآنذاك "بلغ عدد سكان الجمهورية حديثة الإنشاء (في 29 أكتوبر/ تشرين الأول 1923) 12.5 مليون نسمة، مع ناتج محلي إجمالي قدره 561.4 مليون دولار، وصادرات بقيمة 51 مليون دولار، وواردات بقيمة 87 مليون دولار"، كما زاد إنات.

تهديدات الجيران

إنات قال إن "الجمهورية الجديدة كانت تجاور مباشرة بريطانيا وفرنسا، مركزي القوى الرئيسيين في تلك الفترة، عبر العراق وسوريا، اللذين كانا تحت وصايتهما".

واستطرد: "وعبر نهر الدوديكانيز، تجاورت تركيا مع إيطاليا، التي أعلنت الحكم الفاشي مع صعود موسوليني إلى السلطة عام 1922، ولم تخف طموحاتها التوسعية بإطلاق اسم "بحرنا" على البحر الأبيض المتوسط".

وأردف أن "تركيا كانت أيضا، عبر القوفاز، جارة للاتحاد السوفييتي، وهي دولة مهمة أخرى في ذلك الوقت".

وشدد على أنه "في ظل هذه الظروف، كان لزاما على تركيا، المحاطة بالتهديدات من الجوانب الأربعة، أن تعمل على زيادة قدراتها الاقتصادية والعسكرية بسرعة، في حين تلاحق سياسة التوازن عبر الدبلوماسية الناجحة لإزالة مخاطر ضعفها النسبي".

و"زودت واشنطن أنقرة بمظلة أمنية في مواجهة تهديدات موسكو، وفي مقابل هذا الدعم، أصبحت تشارك بشكل متزايد في سياسة تركيا الداخلية والخارجية"، كما أضاف إنات.

وتابع أن "عجز تركيا عن زيادة قدرتها الاقتصادية والعسكرية بما فيه الكفاية أدى إلى فترة طويلة من الاعتماد غير المتكافئ على الولايات المتحدة.

فترة الانقلابات

و"في 1960، بلغت نسبة سكان تركيا إلى إجمالي سكان العالم 0.92%، في حين انخفضت حصتها في إجمالي الصادرات والواردات العالمية إلى 0.25% و0.35% على التوالي"، بحسب إنات.

وقال إن "فترة الانقلابات التي بدأت بانقلاب عام 1960 لم توجه ضربة خطيرة للحياة السياسية في تركيا فحسب، بل كان لها أيضا آثار مدمرة على اقتصاد البلاد".

وأضاف أن "الانقلابات العسكرية الثلاثة ومحاولات الانقلاب العديدة بين 1960 و1980، جعلت تركيا أكثر عرضة لنفوذ الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى".

وأردف أن "الأزمات الاقتصادية، التي نتجت حتما عن عدم الاستقرار السياسي، جعلت البلاد "في حاجة إلى 70 سنتا" بحلول نهاية السبعينيات، وهي العبارة الشهيرة لزعيم المعارضة سليمان ديميريل عندما علم في 1977 أن تركيا توقفت عن تدفئة مكتب رئيس الوزراء".

ومضى إنات قائلا إنه "بحلول 1980، وعلى الرغم من كونها موطنا لحوالي 1% من سكان العالم، انخفضت حصة تركيا في التجارة العالمية إلى أقل من 0.25%".

صعود العدالة والتنمية

"في انتخابات 2002، وصل حزب العدالة والتنمية إلى السلطة بمفرده وجلب الاستقرار إلى تركيا، وتمكن النمو الاقتصادي السريع والقدرات العسكرية من قمع الضغوط والتدخلات الأجنبية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مما جعل تركيا أكثر مرونة"، كما قال إنات.

وتابع: "فمن ناحية، كان على إدارة حزب العدالة والتنمية الحفاظ على علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية للوصول إلى الموارد المالية التي تحتاجها تركيا، ومن ناحية أخرى، كان عليها منع واشنطن والعواصم الأوروبية من التدخل بشكل مفرط في شؤون تركيا الخارجية والخارجية".

وأفاد بأن "التوتر الرئيسي الأول في هذا السياق كان مع الولايات المتحدة، إذ كانت تتوقع أن تدعم أنقرة التدخل في العراق (غزو 2003)، الذي كان مخالفا للقانون الدولي، مقابل دعمها الاقتصادي لتركيا".

واستدرك: "لكن الولايات المتحدة لم تتمكن من فتح جبهة ضد العراق عبر تركيا، مما أدى إلى أزمة طويلة الأمد بين تركيا والولايات المتحدة".

وقال إن "الخطوات التي اتخذتها الولايات المتحدة، التي غزت العراق، لتعزيز تطور حزب العمال الكردستاني (المناهض لتركيا) في ذلك البلد (العراق) ومنع القوات المسلحة التركية من مواصلة عملياتها ضد هذا التنظيم في شمال العراق، أظهرت مرة أخرى أن تركيا بحاجة إلى إقامة نظام أكثر توازنا في العلاقة مع الولايات المتحدة، بما يتماشى مع مصالحها الوطنية".

أما "الأزمة الخطيرة الأولى في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، والتي كانت تسير بشكل جيد بما يتماشى مع هدف العضوية (لتركيا في الاتحاد) في السنوات الأولى من حكم حزب العدالة والتنمية، فنشأت حول القضية القبرصية"، بحسب إنات.

ولفت إلى أن "حكومة (أنجيلا) ميركل، التي وصلت إلى السلطة في ألمانيا عام 2005، أعلنت عن معارضتها لعضوية تركيا في الاتحاد، واستخدمت قضية قبرص كوسيلة ضغط لمنع العضوية، كما تسبب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عام 2007، والذي كان ضد عضوية تركيا، في أزمة في العلاقات بين أنقرة والاتحاد".

و"تسبب تحرك تركيا نحو سياسة خارجية أكثر استقلالية، نتيجة لقوتها الاقتصادية والعسكرية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، في إزعاج الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، ودفعت ضغوطهم وعقوباتهم في ذلك العقد إلى تصعيد الأزمة".

المصدر | كمال إنات/ بوليتيكس توداي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا جمهورية استقلال العدالة والتنمية انقلابات