كيف تتطلع إيران إلى الحوثيين لتصعيد القتال مع إسرائيل؟

الجمعة 8 ديسمبر 2023 09:40 م

إن الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن والذين شنوا مؤخراً هجمات بطائرات بدون طيار وصواريخ على أهداف إسرائيلية وأمريكية، يظهرون كبطاقة جامحة وخطيرة لا يمكن التنبؤ بها في الشرق الأوسط، حيث تعتبرهم إيران الوسيلة الأكثر ملاءمة لتوسيع الحرب مع إسرائيل.

هكذا يخلص تحليل لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، وترجمه "الخليج الجديد"، لافتا إلى أن وجود الحوثيين في اليمن، تجعلهم في وضع مثالي لتصعيد القتال في المنطقة، على أمل الضغط على إسرائيل لإنهاء حربها مع "حماس" في غزة.

ويتتبع تقييم المحللين، وصفًا لخطة إيران وشبكتها من الميليشيات لزيادة الهجمات على أهداف إسرائيلية وأمريكية في المنطقة، وفقًا لاثنين من الإيرانيين المنتمين إلى الحرس الثوري الإسلامي، ولم يُسمح لهما بالتحدث علنًا.

وقال المحللان إن الحوثيين هم وكلاء إيران المختارون، لأنهم من اليمن قريبون بما يكفي من الممرات المائية الاستراتيجية للبحر الأحمر لتعطيل الشحن العالمي، وبعيدون بما يكفي عن إسرائيل لجعل الضربات الانتقامية صعبة.

وعلى النقيض من "حزب الله" الجماعة المسلحة المدعومة من إيران، والتي ضربت إسرائيل من لبنان، فإن الحوثيين ليسوا مدينين بالديناميات السياسية المحلية، مما يجعلهم غير مسؤولين فعليا أمام أي شخص.

وقال اثنان من كبار مسؤولي الدفاع الإسرائيليين، إن معلوماتهم الاستخبارية أكدت أن قادة إيران يدفعون الميليشيات الإقليمية إلى تكثيف هجماتها ضد إسرائيل.

وقالا إن دوائر الدفاع والاستخبارات الإسرائيلية شعرت بالقلق من هجمات الحوثيين الأخيرة واعتبرت التهديد خطيرا بما فيه الكفاية، لدرجة أن المخابرات العسكرية أنشأت وحدة خاصة مخصصة للتهديدات القادمة من اليمن.

وأضافا أن المخابرات الإسرائيلية توقعت أيضًا في السنوات الأخيرة، أن الحرب القادمة ستُخوض على جبهات متعددة، وذكروا الحوثيين وغيرهم من وكلاء إيران.

وبالفعل، استخدم الحوثيون قربهم من ممرات الشحن الرئيسية لمهاجمة السفن التجارية وتهديد السفن الحربية الأمريكية.

وقال محللون إن المزيد من التصعيد على نفس الطرق قد يعطل الشحن العالمي.

من جانبه، يقول المحلل السياسي في إيران والمقرب من الحكومة ناصر إيماني: "نعتقد أن الحوثيين في اليمن سيشكلون تهديدا لإسرائيل على المدى الطويل أكثر من حماس أو حتى حزب الله".

ويضيف أن "إيران تعتبرهم لاعباً رئيسياً وجزءاً من الاستراتيجية الجماعية لمحور المقاومة".

وكان المتحدث باسم الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، قال الخميس، إن هجمات الحوثيين تهدد بتصعيد التوترات في المنطقة، مضيفا: "من الواضح أنها تشكل خطراً على احتمال اتساع وتعميق الصراع".

وتشمل شبكة الميليشيات الإقليمية المدعومة من إيران، والمعروفة باسم محور المقاومة "حماس" و"الجهاد الإسلامي" الفلسطينيين في غزة، و"حزب الله" في لبنان و"الحوثيين" في اليمن، بالإضافة إلى العديد من الجماعات المسلحة في العراق وسوريا.

ومنذ أن أعلنت إسرائيل الحرب على "حماس" بعد أن شنت الجماعة هجومًا على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، فتح أعضاء المحور الآخرون جبهات ثانوية ضد إسرائيل بطريقة منضبطة، ولم يصلوا إلى حد إشعال حرب شاملة.

وهاجمت الميليشيات في العراق وسوريا القواعد العسكرية الأمريكية أكثر من 70 مرة بطائرات بدون طيار وصواريخ.

ومع قيام إسرائيل بتوسيع حربها في غزة، التي استشهد فيها أكثر من 16 ألف شخص، العديد منهم من النساء والأطفال، وفقًا لمسؤولي الصحة في غزة، خلصت مجموعات المحور إلى أنه يجب عليها زيادة احتمالات نشوب حرب إقليمية.

وتشمل الخطة الجديدة هجمات الحوثيين على السفن المملوكة لإسرائيل والولايات المتحدة العاملة في البحر الأحمر، وفقًا للإيرانيين المرتبطين بالحرس الثوري.

وأضافا أن الميليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا ستزيد أيضا من هجماتها على القواعد العسكرية الأمريكية بقصد التسبب في الأذى والضرر.

وتابعا أن الهدف الإضافي هو زعزعة استقرار الأمن البحري والشحن العالمي وإمدادات الطاقة.

وقال الإيرانيان، إن الحرس الثوري الإيراني يزود الحوثيين بمعلومات استخباراتية للمساعدة في التعرف على السفن المملوكة لإسرائيل في البحر الأحمر.

وفي الآونة الأخيرة، قال مسؤول دفاعي غربي كبير وأحد الإيرانيين المطلعين على التخطيط، إن إيران أنشأت أيضًا موقعًا استخباراتيًا في جنوب إيران، لتمرير معلومات عن السفن الإسرائيلية إلى الحوثيين.

ونفى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، علناً وفي مقابلة حديثة مع صحيفة "نيويورك تايمز"، أن إيران تسيطر على الحوثيين وجماعات الميليشيات الأخرى.

لكن كبار المسؤولين والمستشارين العسكريين الإيرانيين قالوا في خطابات عامة وفي منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، إن إيران تقوم بتسليح الميليشيا ودعمها والتنسيق معها.

وعلى الرغم من خطط إيران لاستخدام الحوثيين كبيدق في استراتيجية إقليمية أكبر، قال مسؤولون استخبارات إسرائيليون وأمريكيون إن "الحوثيين يمثلون خطرًا كبيرًا بسوء التقدير، ويمكن أن يحرضوا عن غير قصد على حرب إقليمية أكبر، قال المسؤولون الإيرانيون إنهم لا يريدونها".

وتساءل مسؤولون أمريكيون وخبراء آخرون، عما إذا كانت إيران قادرة على كبح جماح الحوثيين، الذين أطلقوا طائرات بدون طيار هذا الأسبوع على مدمرة تابعة للبحرية الأمريكية، إذا خرجت أفعالهم عن السيطرة.

ويقول علي فايز مدير شؤون إيران في مجموعة الأزمات الدولية: "هذه لعبة يصعب ضبطها بالنسبة لمجموعة مثل الحوثيين الذين ليسوا متعصبين فحسب، بل ليس لديهم الكثير ليخسروه".

ويضيف: "هناك الكثير من نقاط التوتر.. وكلما طال أمد الحرب، زاد خطر خروج التوترات تماما عن السيطرة".

وأسقطت البحرية الأمريكية الأربعاء طائرة بدون طيار تابعة للحوثيين انطلقت باتجاه مضيق باب المندب، وهو مدخل ضيق للبحر الأحمر مزدحم بالسفن التجارية والناقلات.

وقال الحوثيون أيضًا إنهم أطلقوا وابلًا من الصواريخ الباليستية باتجاه إيلات بإسرائيل.

وشن الحوثيون، الأحد، هجمات على ثلاث سفن تجارية في البحر الأحمر.

وقالت البحرية الأمريكية في بيان لها إن مدمرتها "يو إس إس كارني" أسقطت طائرة مسيرة تابعة للحوثيين كانت متجهة نحوها.

وأوضح العميد محمد علي الغديري القائد البحري للحوثيين، عن ضربات الأحد بالقول: "ستصبح مياه أرضنا مقبرة لسفن العدو الصهيوني"، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام في إيران واليمن.

وتأخذ واشنطن التهديد على محمل الجد، وأرسلت هذا الأسبوع المبعوث الخاص لليمن تيم ليندركينغ، إلى الخليج العربي لإجراء مشاورات مع الحلفاء الإقليميين حول كيفية حماية الأمن البحري في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي واشنطن وتل أبيب، فكر الاستراتيجيون العسكريون في توجيه ضربات إلى اليمن لاحتواء الحوثيين، وفق مسؤولين أمريكيين ومسؤول دفاعي غربي كبير.

وقال المسؤولان الأمريكيان إن المسؤولين الأمريكيين أعدوا أهدافًا أولية للحوثيين في اليمن في حالة أمرت إدارة الرئيس جو بايدن بشن ضربات انتقامية، لكن حتى الآن، أضافا، أن واشنطن لا تريد المخاطرة بحرب إقليمية أوسع نطاقًا.

كما خففت إسرائيل من ردها على هجمات "حزب الله" و"الحوثيين"، فحدّت من رد فعلها عند الهجوم عليها، واعتمدت بدلاً من ذلك على دفاعاتها.

وقال قادة عسكريون أمريكيون حاليون وسابقون، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية متطورة بما يكفي لإسقاط الصواريخ والطائرات بدون طيار التي تطلق على إسرائيل، لكن التهديد للمياه الدولية يمثل تحديا أكبر.

ويلفت الرئيس السابق للقيادة المركزية للجيش الجنرال كينيث ماكينزي جونيور إلى أن "قدرة الحوثيين على إيذاء إسرائيل محدودة للغاية".

ويضيف: "الخطر الأكبر هو إذا استخدموا الألغام أو صواريخ كروز قصيرة المدى في باب المندب".

فيما قال مسؤول دفاعي إسرائيلي رفيع المستوى، إنه إذا أصاب صاروخ باليستي حوثي إسرائيل، وتسبب في أضرار جسيمة أو قتل مدنيين، فسيكون من الصعب للغاية على إسرائيل عدم الرد.

وفي السنوات القليلة الماضية، طورت إسرائيل تعاونًا عسكريًا واستخباراتيًا قويًا مع الدول العربية في الخليج العربي، بما في ذلك الإمارات والبحرين، التي لديها معرفة بأهداف الحوثيين وخبرة في قتالهم، وفقًا لمحللين عسكريين.

وقال أحد المسؤولين الإيرانيين المطلعين على التخطيط الإيراني، إن الحوثيين قالوا إنهم سيردون على أي هجوم داخل اليمن، من خلال إغلاق مدخل البحر الأحمر، وإطلاق وابل من الطائرات بدون طيار والصواريخ بشكل عشوائي على السفن.

المصدر | نيويورك تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحوثيون اليمن حرب غزة إسرائيل إيران

الحوثيون: السفن المتجهة لإسرائيل ستكون هدفا لنا في البحر الأحمر

انطلقتا من اليمن.. فرنسا تعلن إسقاط طائرتين مسيرتين في البحر الأحمر

واشنطن بوست: هل تنجح خطة بايدن في التصدي لهجمات الحوثيين؟

إسرائيل تعترف أن تهديدات الحوثيين منعت وصول سفن

جيوبوليتيكال فيوتشرز: هل تستخدم إيران الحوثيين لتطويق السعودية؟