«بوليسي دايجيست»: أزمة الخليج تحفز الدوحة نحو الإصلاح الاجتماعي

الاثنين 30 أكتوبر 2017 10:10 ص

من شأن التحركات القطرية المحتملة لكي تصبح أول دولة خليجية تلغي بشكل فعال نظام الكفالة المرهق، أو نظام رعاية العمال المرهق في المنطقة، الذي تم إدانته مرارا كشكل من أشكال الرق الحديث، أن يجعل من كأس العالم 2022 حدثا نادرا يترك إرثا حقيقيا من التغيير الاجتماعي والاقتصادي.

وفي تعليق نادر، أشاد اتحاد النقابات الدولي، الذي كان دائم الانتقادات لقطر، بإعلان قطر أنها بصدد تنفيذ إصلاحات بعيدة المدى، باعتبارها «انطلاقة».

وكان اتحاد النقابات الدولي وجماعات حقوق الإنسان قد قامت بحملة لإصلاح العمل وإلغاء نظام الكفالة، منذ منح فيفا قطر استضافة كأس العالم 2022، في ديسمبر/كانون الأول عام 2010. وعلى الرغم من إحباط النشطاء من بطء وتيرة التغيير في قطر منذ ذلك الحين، مثلت استجابة قطر للانتقادات ما يمكن اعتباره حالة نادرة لحدث رياضي يخلق نوعا من التغيير حتى قبل عقده.

وأصبحت قطر أول دولة خليجية تتعامل مع منتقديها بدلا من رفض الحديث معهم ومنع دخولهم إلى البلاد، وهي ممارسة تقليدية في معظم دول الخليج. كما أقرت في وقت مبكر بأن نظام الكفالة، الذي يضع العمال المهاجرين تحت رحمة أصحاب العمل، بحاجة إلى تغيير.

وسرعان ما أقر اتحاد النقابات الدولي بأن الإعلان القطري هذا الأسبوع يعد بإصلاحات بعيدة المدى. وستشمل الإصلاحات، التي لم ينص عليها القانون بعد، الضمانات التي تحول دون قيام أرباب العمل بتغيير عقود العمل من جانب واحد، وإلغاء تأشيرات الخروج، وإدخال حد أدنى للأجور، وتخفيف مراقبة أرباب العمل لوثائق العمال.

وكان اتحاد النقابات الدولي وجماعات حقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش، حاسمين في دفع قطر نحو الإصلاحات، التي من شأنها أن تضعها في مقدمة التحولات العمالية في الخليج. لكن توقيت الإصلاحات الموعودة كان من المرجح أن تحدده حاجة قطر إلى تجنب العقوبات من قبل منظمة العمل الدولية، إضافة إلى أزمة الخليج المستمرة منذ 5 أشهر، والتي تضع الدولة الخليجية الصغيرة ضد تحالف عربي تقوده الإمارات والسعودية.

وكانت منظمة العمل الدولية قد هددت بفرض عقوبات قاسية على دولة قطر، إذا ما فشلت الدولة الخليجية في التصدي بشكل واضح للانتقادات التي تطال نظام عملها، بحلول الوقت الذي تجتمع فيه المنظمة في نوفمبر/تشرين الثاني. وتضرب الإصلاحات المعلنة عصفورين بحجر واحد. حيث أنه مما لا شك فيه، ستعمل هذه الإصلاحات إلى حد ما على إرضاء منظمة العمل الدولية، إضافة إلى السماح لقطر بتقديم نفسها على الصعيد الدولي كعضو صالح في المجتمع الدولي، في الوقت الذي فرض فيه التحالف السعودي الإماراتي مقاطعة دبلوماسية واقتصادية على الدوحة، في محاولة لإجبارها على اتباع سياستهما، بدلا من رسم مسار مستقل.

وفي أول عمل مشترك منذ اندلاع الخلاف بين دول الخليج، انضمت قطر، هذا الأسبوع، إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، فضلا عن الولايات المتحدة، في فرض عقوبات على العديد من الأفراد والكيانات المتهمة بدعم تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة في اليمن. ومن خلال انضمامها، أكدت قطر أنها لا تزال إلى جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأثبتت زيف مزاعم دول الخليج الأخرى بأنها تدعم التشدد والعنف السياسي.

وإذا ما تم تنفيذها، فإن إصلاحات العمل سوف تضعف أيضا الحملة السرية التي تقودها الإمارات لإقناع الفيفا بحرمان قطر من استضافة كأس العالم، حيث تم استخدام قضية العمل كورقة قوية في الحملة. وقال رئيس شرطة دبي، اللواء ضاحي خلفان، إن الإمارات والسعودية سيتراجعان عن المقاطعة إذا تخلت قطر عن حق استضافتها لكأس العالم، وهو الطلب الذي رفضته قطر.

ومن شأن إصلاحات العمل أن تؤدي أيضا إلى تأكيد زيف مزاعم ارتكاب مخالفات في محاولة قطر للحصول على استضافة كأس العالم. وقد أصبح «ناصر الخليفي»، رئيس باريس سان جيرمان والرئيس التنفيذي لمجموعة بي إن ميديا، الامتياز الرياضي لشبكة تلفزيون الجزيرة، أول مسؤول قطري يجري التحقيق معه لرشوة مسؤول بالفيفا، في محاولة قطر للحصول على حق استضافة كأس العالم. وقد حقق المحققون السويسريون مع السيد «الخليفي»، هذا الأسبوع، لمدة 7 ساعات. وقد نفى ارتكاب أي مخالفات.

وقال «شارون بورو»، الأمين العام لاتحاد النقابات الدولي :«تشير التوجهات الجديدة في قطر إلى بدء إصلاحات حقيقية، من شأنها أن تضع حدا لاستخدام الرق الحديث، وتضع البلاد على الطريق المؤدي إلى أن تفي بالتزاماتها القانونية الدولية المتعلقة بحقوق العمال. وبعد مناقشات في الدوحة، أؤكد أن هناك التزام حكومي واضح بتطبيق الحماية الصناعية للعمال المهاجرين».

وعلى النقيض من اتحاد النقابات الدولي، الذي قدم ثناء لا لبس فيه على قطر، قدمت منظمات حقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية، ترحيبا أكثر حذرا بإصلاحات قطر المخطط لها.

وأشار متحدث باسم منظمة العفو الدولية إلى أنه من المبكر جدا الحكم على الأمور. وقال: «إننا غير قادرين على تقييم أهمية هذه التطورات، إلى أن نكون قد اطلعنا على التفاصيل الكاملة لالتزامات الحكومة. ومع ذلك، فإن إعلانات اليوم لديها قدرة واضحة لكي يكون لها تأثير إيجابي على حياة العمال المهاجرين، اعتمادا على كيفية تنفيذها».

وعلى خلفية أزمة الخليج، فإن لدى قطر المصلحة الأكيدة في الوفاء بوعودها. ومن شأن إصلاح العمل أن يقدم الدولة باعتبارها دولة حديثة من القرن الحادي والعشرين، تتبنى درجة من التغيير، ليس فقط بالنسبة للآخرين في الشرق الأوسط الكبير، بل أيضا لنفسها. ومن المحتمل أن يصبح كأس العالم 2022 حدثا رياضيا نادرا، يمثل حافزا للتغيير. ويعد هذا إرثا تتطلع إليه الجمعيات الرياضية الدولية من خلال البطولات الكبرى، لكن نادرا ما يتحقق ذلك.

المصدر | جيمس دورسي - إنترناشيونال بوليسي دايجست

  كلمات مفتاحية

قطر الأزمة الخليجية حقوق العمال كأس العلم 2022 مونديال قطر الحصار