هجوم «تشارلي إيبدو» يعزز المخاطر الناتجة عن جلد السعودية لـ«رائف بدوي»

الأحد 18 يناير 2015 01:01 ص

تتعرض الأسرة الحاكمة في المملكة العربية السعودية لضغوط من الدول الغربية بسبب تنفيذها حكم الجلد أسبوعيًا على الكاتب «رائف بدوي» بتهمة «إهانة الدين الإسلامي»، ولكن يبدو أن المملكة أكثر قلقًا بشأن ما سيترتب على إزعاج رجال الدين المحافظين في المملكة في حال إطلاق سراح «بدوي».

المخاطر السياسية الناتجة عن معاقبة «بدوي» - الذي كان مفترضا أنه سيُطبق عليه 50 جلدة أخرى يوم الجمعة الماضي - عززها الهجوم على مقر صحيفة «تشارلي إيبدو» في باريس يوم الأربعاء، والرسوم الكاريكاتورية الجديدة المسيئة للنبي محمد.

وتحاول المملكة حشد المسلمين المحافظين وراء حملتها ضد متشددين إسلاميين في تنظيم القاعدة و«الدولة الإسلامية»، ولكن هؤلاء المحافظين استشاطوا غضبًا تجاه ما وصفوه برد الفعل الضعيف من بلادهم تجاه الرسوم المسيئة للنبي محمد.

وأصدرت الرياض بيانًا غير مشروط أدانت فيه الهجوم تناقله وردده المحافظون على مستوى المملكة، لكنه خلى من انتقاد الرسوم المسيئة، في الوقت الذي شارك السفير السعودي في مسيرة التضامن التي حمل فيها المحتجون رسومًا مُسيئة في شوارع باريس.

«إنهم تحت ضغط داخلي يدفعهم لمعاقبة أفراد مثل بدوي؛ وخصوصًا الضغط من السلفيين. إنها مسألة شرعية الدولة. عليك أن تضع في الحسبان أن هؤلاء الناس مؤثرين للغاية في الشارع»؛ هكذا قال «مصطفى العاني» – خبير أمني عراقي تربطه علاقات وثيقة بوزارة الداخلية السعودية.

ولم تُتح فرصة التواصل مع مسئولين سعوديين للحصول على تعليق منهم بخصوص الأمر.

ومنذ الهجمات التي وقعت في فرنسا مؤخرًا؛ تنتقد الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي معاقبة «بدوي» الذي كان قد اتهم رجل دين بالتطرف في موقعه المعروف باسم «الليبراليين السعوديين» على شبكة الإنترنت، وأثار موجات من الغضب على وسائل الإعلام الاجتماعي. ومن الممكن أن ينظر بعض الإسلاميين إلى إبطال إدانته - في حال حدوثها - على أنها خيانة للقيم الإسلامية الأساسية.

وعلى خلفية الاضطرابات الإقليمية؛ أصدرت السلطات السعودية عقوبات أكثر صرامة ضد كل أشكال المعارضة في العام الماضي؛ بدءًا من قيادة النساء للسيارات وانتهاءًا بنشر تعليقات على وسائل الإعلام الاجتماعية تحمل دعمًا للمتشددين الإسلاميين، كما زادت المملكة من استخدام عقوبة الإعدام بقطع الرأس في أماكن عامة.

علاوة على ذلك؛ يسيطر رجال الدين البارزين على السلطة القضائية، ما يجعلها غير مريحة خاصة للأسرة الحاكمة لنقض قراراتها؛ نظرًا لأنها غير منتخبة وتعتمد على موافقة كتابية من رجال الدين كجزء من شرعيتها.

غضب المحافظين

ورفض الناشط الإسلامي «محسن العواجي» – كمثال للغضب الذي يشعر به المحافظون – الحديث مع وكالة «رويترز» عن قضية بدوي بسبب غضبه لنشر رسوم كاريكاتورية جديدة تسئ للنبي محمد في مجلة «تشارلي إيبدو» يوم الأربعاء.

وأضاف «ليس لدينا الوقت في هذه الأيام للتفكير في رجل مثل رائف بدوي نظرًا للكراهية التي تبناها الغرب تجاه جميع المسلمين بنشر هذا النوع من الصور المسيئة ضد مُحمد. تلك الكراهية وما يترتب عليها من أعمال هو ما يشغل بال الجميع في الوقت الحاضر».

وسيواجه «رائف بدوي» - الذي طبقت وزارة الداخلية السعودية عليه 50 جلدة أمام الناس قبل أسبوع - نفس العقوبة كل يوم جمعة حتى يُكمل ألف جلدة، فضلاً عن قضائه عشر سنوات في السجن.

ولم تتناول الصحافة في المملكة العربية السعودية مسألة جلد «بدوي» على الإطلاق، ما يؤكد الحساسيات الرسمية بشأن هذا الموضوع، ولكن مواقع التواصل الاجتماعي شهدت بعض الجدل حول عدالة عقوبته.

وقد غرّدت امرأة باسم «فاطمة» على موقع «تويتر»: «تدين المملكة العربية السعودية الهجمات الإرهابية على تشارلي إبدو في فرنسا، وفي الوقت نفسه تجلد رائف بدوي لحرية التعبير، يا لها من حكومة جاهلة».

لكن رأي «إبراهيم الزبيدي» – حساب آخر على تويتر – جاء مُغايرًا حيث غرّد: «أي شخص يزدري الإسلام يستحق نفس المصير»، وهو الرأي الذي بدا أكثر تطابقًا مع معظم الآراء السعودية على منبر الإعلام الاجتماعي.

وأشار «العواجي» أن الكثير من رجال الدين المحافظين عرّضوا أنفسهم للخطر بعد إظهار تعاطفهم مع المتشددين عقب هجمات «تشارلي إبدو».

وأردف: «الناس غاضبون من الحكومة. إنهم يعتقدون أنها تظهر المزيد من الاحترام للغرب أكثر من احترامها للنبي، بل إنهم شاركوا في تلك المظاهرة التي نُظمت في باريس ورفع المشاركون فيها صورًا تزدري النبي».

ضغط غربي

وبذلت أسرة «آل سعود» أقصى جهدها على مدى السنوات العشر الماضية الماضي لبناء دعم ديني مُساند لحملتها ضد تنظيم القاعدة، ومؤخرًا ضد "الدولة الإسلامية" التي تهاجم الأسرة الحاكمة لعلاقاتها مع الغرب والتحركات التدريجية لجعل المجتمع السعودي أكثر تحررًا.

وأقدمت السلطات السعودية على سجن رجال الدين الذين دعموا الجماعات المسلحة علنًا، كما أقالت عددًا آخر بسبب تعليقات رأتها السلطات متطرفة، ومنذ سنوات تضغط على كبار رجال الدين للتنديد بتنظيم القاعدة وحديثًا «الدولة الإسلامية» وغيرهما من المجموعات «المنحرفة».

وتتعرض المملكة العربية السعودية دومًا لانتقادات غربية لتطبيقها عقوبات شرعية مثل قطع الرأس، وكذلك الجلد على جرائم مثل الزنا والردة والكفر والشعوذة جنبًا إلى جنب مع إنكار حقوق مساواة المرأة بالرجل.

ولكن عندما زار الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» الرياض في شهر مارس من العام الماضي قالت واشنطن إنه لم يتطرق إلى مسألة حقوق الإنسان مع الملك «عبد الله» في اجتماع ركز على الصراعات الإقليمية، وهو الأمر الذي أشار إلى نطاق الضغوط الغربية.

ورغم ذلك؛ فإن «آل سعود» يتراجعون في بعض الأحيان عن تنفيذ العقوبات التي نصت عليها الشريعة؛ خاصة في الحالات التي تجلب غضب الرأي العام العالمي بشكل خاص مثل معاقبة ضحايا الاغتصاب بتهمة كسر قواعد الفصل بين الجنسين.

وفي الوقت الذي يبدو فيه أن العاهل السعودي الملك «عبدالله» لن يغامر على الأرجح بإثارة غضب الرأي العام المحلي عن طريق إصدار عفو عن «بدوي» – بحسب ما قاله العاني – إلا إنه ربما يستجيب لتزايد الضغط الدولي من خلال تعليق الجلد قبل استكماله بطريقة غير رسمية، مُضيفًا أن المرحلة الأولى من الجلد تمت بالفعل وما زالوا حتى الآن يُصرّون على وجهة نظرهم.

المصدر | نيوزويك

  كلمات مفتاحية

رائف بدوي شارلي إيبدو

أعضاء بمجلس الشيوخ يحذرون من تضرر العلاقات السعودية الأمريكية بسبب قضية «رائف بدوي»

السعودية تحيل قضية الناشط «رائف بدوي» إلى المحكمة العليا

تأجيل جلد الناشط السعودي «رائف بدوي» بسبب «سوء حالته الصحية»

«ميركل»: الإسلام جزء من ألمانيا .. وعلي علماء المسلمين توضيح صورته الحقيقية

«هيومن رايتس ووتش» تطالب بعفو فوري عن «رائف بدوي» ونشطاء يستنكرون موقف المملكة

«ذا ديلي بيست»: لماذا يجب أن نكون «كلنا رائف بدوي»؟

الاتحاد الأوروبي يطالب السعودية بإلغاء عقوبة الجلد .. ويستنكر تطبيقها بحق «رائف بدوي»