بطولة «البلوت» السعودية تفجر الجدل.. تقنين القمار أم تشجيع الرياضة؟

الجمعة 16 فبراير 2018 10:02 ص

ما إن أعلنت الهيئة العامة للرياضة السعودية إقامة كأس الهيئة العامة للرياضة للعبة «البلوت» بالرياض بجوائز تصل إلى مليون ريال سعودي، حتى اشتعل جدل واسع في المملكة بين من يعتبرها إرثا اجتماعيا وبين من يعتبرها نوعا من أنواع القمار المحرم شرعا.

وقالت الهيئة العامة للرياضة في بيان رسمي إن رئيس الهيئة العامة للرياضة، «تركي آل الشيخ»، وافق، أمس الخميس، على إقامة كأس الهيئة العامة للرياضة للبلوت في الرياض بين يومي 4-8 أبريل/نيسان المقبل بجوائز تصل إلى مليون ريال سعودي.

وأضاف البيان أن رئيس الهيئة العامة اتحاد الرياضات الذهنية والإلكترونية وجه بالبدء في إعداد كافة الترتيبات الخاصة بالبطولة التي سيكون «شويش الثنيان» (لاعب كرة القدم السابق) مديرا لها، وتصل جائزة البطل إلى 500 ألف ريال، ووصيفه 250 ألف ريال، والمركز الثالث 150 ألفا، بينما يحصل صاحب المركز الرابع على 100 ألف ريال سعودي.

وسيكون هذا الحدث الرياضي الثالث الذي تنظمه الهيئة العامة للرياضة بعد ماراثون الرياض الدولي الذي سيقام أواخر فبراير/شباط الجاري، وبطولة كأس الهيئة العامة للرياضة الإلكترونية، على أن يبدأ استقبال اللاعبين المشاركين في البطولة عن طريق الموقع الإلكتروني الذي سيتم تدشينه الأسبوع المقبل.

لكن هيئة الرياضة السعودية، فجرت انقساما كبيرا بين منتقدين يرون هذه الخوة تقنينا رسميا للقمار الحرام في بلاد الحرمين ومهبط الوحي التي تطبق الشريعة الإسلامية، ومؤيدين يرون أن هذه اللعبة باتت إرثا شعبيا وتحتل المرتبة الثانية في المملكة من حيث الشعبية.

ولعبة «البلوت» هي إحدى فروع أوراق اللعب الشهيرة، وتنتشر في الخليج العربي بشكل كبير، وتقوم على أربعة لاعبين، ولها قوانينها الخاصة التي تميزها عن باقي فروع  ألعاب الورق التي تحتاج أربعة لاعبين أيضا.

خلاف فقهي محتدم

ويدور الخلاف بين الفريقين حول كون اللعبة لا تشتمل على عوض مادي بين المتنافسين، فإن اشتملت على عوض مادي كانت حراما باتفاقهما لأنها مقامرة.

لكن المانعين على الإطلاق، يستندون إلى فتوى مفتي المملكة الراحل الشيخ «عبدالعزيز بن باز» التي تضمنتها فتوى اللجنة الدائمة بالسعودية بتاريخ 21 محرم 1402هـ (19 نوفمبر/تشرين الثاني 1981).

حيث جزم بتحريم لعبة البلوت، ولو كانت بدون عوض (القمار)، لأنها تشغل عن ذكر الله، وتضيع الوقت بلا فائدة، وتفضي إلى الشحناء والبغضاء، ورئيس اللجنة في ذلك الوقت هو الشيخ «عبدالعزيز بن باز» رحمه الله.

لكن المؤيدين للقرار يرون أن التحريم مقيد بأمرين، «الأول أن تشغل عن الواجبات أو عن ذكر الله»، و«الثاني أن يصحبها القمار ونحوه».

لكن الجدل الفقهي لم يقف عند ذلك، لأن هيئة الرياضة وضعت عوضا ماديا أو جائزة للفائزين، وهو ما جعل بعض المعارضين يرون أنها صارت مقامرة صريحة.

بعض المؤيدين للبطولة يرون أن الجائزة أو العوض المادي ليس من أحد المتنافسين، وبالتالي تخرج عن كونها مقامرة، لأن المقامرة أن تقامر بمالك.. أي أن تضع جزءا من مالك أملا في الحصول على أموال غيرك، وهو ما ليس موجودا هنا، برأيهم.

إرث اجتماعي

ويقول مؤيدو قرار الهيئة بتنظيم بطولة للعبة إنها تراث اجتماعي منتشر في البلاد منذ القدم، وإن تنظيم البطولة والجوائز المخصصة لها لا يغير من طبيعتها كلعبة خصصت لها جوائز من طرف ثالث شأن كل المسابقات الرياضية التي لا يمكن وصفها بالقمار.

ورأى المغرد «بتال القوس» أن «البلوت» إرث اجتماعي سعودي، وإعلان بطولة لها، حدث سيفتح الأبواب لكثير من النقاشات؛ الجوائز قيمة والبطولة تستحق هذا الصخب الذي رافق إعلانها، بل إن الصخب جزء من البلوت نفسها، وفق وصفه.

بدوره، كتب لاعب كرة القدم السعودي «ياسر القحطاني» جميل أن تتحول اللعبة الشعبية الأولى في المملكة إلى بطولة ترعاها الهيئة العامة للشباب والرياضة وبمكافآت مجزية.

إرث فتاوى العلماء

لكن المعارضين لتنظيم البطولة يستندون إلى فتاوى دينية لكبار علماء السعودية يحرمون اللعبة ويعتبرونها مخالفة للشريعة الإسلامية، ويضعون إرث الفتاوى أمام ما يسميه غيرهم «إرثا اجتماعيا».

ويستشهد كل طرف في نقاش محتدم على مواقع التواصل الاجتماعي بأدلة دينية وأحاديث لعلماء بعضهم يبيحها بشروط وبعضهم يحرمها كونها تلهي عن الصلاة على حد قولهم دون أن يؤثر ذلك التباين في الآراء على القرار الرسمي بتنظيم البطولة.

وتشهد المملكة تغييرات اجتماعية غير مسبوقة بالتزامن مع خطة اقتصادية طويلة الأمد لتنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط، حيث سمح للنساء بقيادة السيارة ودخول ملاعب كرة القدم لتشجيع فرقهن المفضلة، وأبيح تنظيم الحفلات الفنية، وبناء دور عرض سينمائية.

ويقول قادة المملكة إنهم متمسكون بتطبيق الشريعة الإسلامية في المملكة، لكن ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» قال إن ذلك يتم وفق تفسيرات كانت متبعة قبل نحو ثلاثة عقود، في إشارة لتراجعه عن الفترة الماضية التي أطلق عليها اسم «الصحوة الإسلامية»، واصفا إياها بأنها جعلت المملكة واحدة من أكثر بلاد العالم المحافظة والمنغلقة استنادا لتفسيرات رجال الدين.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

بطولة البلوت إرث اجتماعي السعودية الرياض هيئة الرياضة تركي آل الشيخ

هل تسمح الإمارات بالقمار؟.. بلومبرج تكشف عن تحركات جديدة بالدولة الخليجية

الإمارات والقمار.. شركة أمريكية تتوقع افتتاح 4 كازينوهات قريبا بالدولة الخليجية