استطاعت المذيعة الساخرة «إليندي جنيريس» مؤخرا النجاح في إقناع النجم ذو القامة القصيرة والابتسامة النادرة والحضور الطاغ  «آل باتشينو»، ليس فقط بالحديث معا وإنما أيضا بالظهور في برنامجها التليفزيوني الشهير, وهو ما سبقه تنويهات متكررة على الشاشة لأيام, لكونه حدثا استثنائيا لا يتكرر كثيرا.

عاصفة من التصفيق الحاد قوبل بها النجم ذو القامة القصيرة والابتسامة النادرة والحضور الطاغ من قبل الموجودين لدى دخوله المكان وحتى صافح «دي جنيريس» وبدأ الحديث معها.

سألته المذيعة عن نشأته، فحكى «آل باتشينو» كيف ولد لعائلة شديدة الفقر، و ذلك في حي برونكس في نيورك، إذ كان أبوه بائعًا متجوّلاً ترجع أصوله إلى جزيرة صقلية الإيطالية.

وكيف كانت طفولته صعبة بعد انفصال والديه وهو بعد في سن مبكرة وتخلي الأب عنه، لولا احتضان جده وجدته له واحتواؤهما إياه بالحب والحنان، وهو ما شكل لديه «طوق نجاة وأمان» على حد تعبيره، لولاه لما استطاع أن يخطو خطواته بنجاح.

أما والدته، فكانت شديدة وصارمة للغاية وكانت تمنعه من الخروج مع أصدقائه إلا نادرا ليستذكر دروسه، وعندما استشعرت حبه الشديد للسينما بدأت تكافئه كلما أجاد واجباته بأن تصطحبه لمشاهدة فيلم، و عندما سئل عن الفيلم الذي أثر فيه بشدة في تلك المرحلة قال إنه كان بلا شك فيلم Thelastweekend  الذي حصل فيه على الأوسكار الممثل راي ميلاند، وكان باتشينو دائما يحاول تقليده، وأصبحت عادة لديه كلما شاهد فيلما أن يمضي الليل محاولا تقمص شخصياته وتجسيدها مرة أخرى.

وعن المنعطف الأساسي الذي غير حياته، قال إنه كان بوفاة والدته ومن بعدها وجد نفسه في قسوة الحياة تلطمه بأمواجها، وإن نيويورك كانت مكانا يلتهم فيه القوي الضعيف ولا يعرف فيه سوى لغة المال.

حكى كيف عمل في وظائف عديدة آخرها بيع الصحف قبل أن يلتحق بإحدى الفرق المسرحية ويبدأ خطواته في مجال التمثيل .

وعن دور المسرح في حياته، قال إنه كان الفأل الحسن بكل المقاييس، وكان يمثل بيته بمعنى الكلمة، ليس فقط لتفانيه فيه في تلك الفترة، وإنما لأنه كان فقيرا للغاية ولم يكن قادرا على دفع إيجار منزل، فكان يتنقل بين المسرح وبيوت الأصدقاء للمبيت في أيهما. كذلك كان أداؤه على المسرح هو ما جذب أنظار الناس إليه، وكان يمثل دورا في مسرحية  Creditors عندما تم اختياره لتجسيد دوره الأشهر في سلسلة أفلام « الأب الروحي» والتي تعد من كلاسيكيات السينما العالمية ليومنا هذا.

وعن ذكرياته مع هذا الفيلم الذي كتب بعد ذلك بحروف من ذهب انطلاقته الفنية، قال «آل باتشينو» إنه لم يكن موافقا في البداية على الدور وكان يملؤه التردد، حتى التقى المخرج «فرانسيس فورد كوبولا»، وعندما لمس دقته في العمل وافق على المضي قدما في العمل.

كذلك يذكر كيف ظل الناس لفترة طويلة لا ينادونه باسمه، وإنما باسم «مايكل» الذي جسد شخصيته في السلسلة، وهو ما أربكه وضايقه بشدة، حتى تفهم أن هذا من طبيعة العمل وتعلم كيف يتعامل مع الأمر بدون حساسيات مفرطة، حتى أنه يضحك من شعوره حينذاك عندما يتذكره الآن.

«آل باتشينو» حصل على جوائز عديدة ورغم عبقرية وبراعة الدور الذى لعبه في الأب الروحي، إلا أنه لم يحصل عنه على أوسكار، ولكنه حصل على الجائزة بعد 21 عامًا، وبعد أن ظل يترشح لها فيلمًا بعد آخر،  وعن دوره في فيلم عطر امرأة في مطلع التسعينيات والذي أدي فيه دور ضابط متقاعد كفيف صعب الطباع، بسؤاله عن مدى إحساسه بأنه لاقى التقدير اللائق في مشواره الطويل قال إنه اختار العمل في هذا المجال لأنه أحبه ولم يلتفت يوما للجوائز، كما لم يلتفت يوما للمال.

واستطرد قائلا:«حتى في أيام الفقر والعوز لم أكن ألتفت للمال، وأذكر أنه يوما سرقت مني دراجتي وكانت كل ما أملك في بداياتي، حزنت بعض الشيء ولكن سرعان ما انتهى الأمر، وبعد ثرائي، اشتريت سيارة فارهة وسرقت مني في ذات اليوم وإذا بي أنفجر ضاحكا ! فلم يكن المال قط في نظري يستحق الكثير من الخزن والقلق».

وعن الأشياء التي شكلت الكثير من أساسيات فكره  ووعيه، يحكي عن 3مواقف، أولها عندما تعرض للسجن وهو في عمر المراهقة، والسبب في ذلك كان حيازته لسلاح دون تصريح أو ترخيص. الآن هو من أشد المعارضين لحرية تملك الأسلحة.

الموقف الثاني كان عندما تعرض صديق له في مقتبل شبابه بالسرطان، وإذا به يقابل والد هذا الصديق والذي أخذ يقول له كم يتمنى أن يكون هو المريض وابنه معافى.« لم أفهم مطلقا هذا الكلام سوى بعد سنوات طويلة عندما أصبحت أبا، ولكن حينذاك أخذت مسألة التعاطف مع الغير لدي منعطفا جديدا».

الموقف الثالث كان فشل فيلمين متتاليين له بعد الأب الروحي.« أدركت أن النجاح ليس أمرا مسلما به، وأن الحياة قد تحمل في جعبتها العديد من الأحزان والعراقيل قبل أن تنفرج الأمور مرة أخرى».

«آل باتشينو» أب لثلاثة أطفال رغم أنه لم يتزوج مطلقا، إذ إن لديه ابنة من صديقته السابقة «جان تارانت»، كما أن لديه توأمًا من صديقته «بيفرلى دانجيلوا».

وعن إحجامه عن الزواج لفترة طويلة، قال: أعتقد أنني أصبت بعقدة بعد أن رأيت أبي يتزوج 5 مرات ويفشل.