البيروقراطية وعراقيل أخرى تدفعان «بن سلمان» لتخفيض طموحات الإصلاح

الجمعة 8 سبتمبر 2017 01:09 ص

قالت مصادر مطلعة إن السعودية تعدل أجزاء من خطة للتنمية الاقتصادية أُعلنت قبل عام بسبب البيروقراطية في الوزارات وعراقيل أخرى، لكن السياسات الرئيسية، بما في ذلك الاصلاحات المالية وبرنامج ضخم للخصخصة، لن تتأثر بهذه المراجعة.

وفي يونيو/حزيران 2016، أعلنت الحكومة السعودية «برنامج التحول الوطني»، الذي يتضمن مئات من الخطوات لتحديث الاقتصاد والمجتمع، من تسريع إجراءات المحاكم، إلى تحسين ظروف الحجاج والمعتمرين، وتطوير قواعد التجارة الإلكترونية، وتشجيع السعوديين على ممارسة المزيد من الألعاب الرياضية.

لكن يبدو أن من غير المرجح أن تتحقق بعض هذه الأهداف بحلول الموعد النهائي المحدد لها في 2020 لأسباب من بينها أنها معقدة وطموحة، إضافة إلى صعوبات في تنفيذها بسبب ضعف كفاءة بعض الوزارات، التي تعاني من البيروقراطية.

ولذا قام مسؤولون ومستشارون بوضع نسخة مركزة من الخطة تعرف باسم «برنامج التحول الوطني 2»، حسب المصادر التي تحدثت لوكالة «رويترز» للأنباء مشترطة عدم الكشف عن هويتها لأن الحكومة لم تعلن بعد الخطة الجديدة. ولم يرد مسؤولون حكوميون على طلبات للتعقيب.

وقال أحد المستشارين إن «القيادة غير راضية عن أداء بعض الوزارات بسبب ضعف الالتزام وتريد انطلاقة جديدة».

وقال مصدر آخر إن بعض الأهداف يجرى تخفيفها، بينما يجري تصحيح أخطاء بالبيانات في الوثيقة الأصلية.

ومن المنتظر استكمال مسودة خطة «برنامج التحول الوطني 2» بنهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل، حسب وثيقة رسمية اطلعت عليها «رويترز».

وأظهرت الوثيقة أن هناك عشرة وزارات مدرجة في الخطة المعدلة، انخفاضا من 18 وزارة في الخطة الأصلية.

وتختصر النسخة الجديدة أهداف الخطة إلى 36 هدفا من بينها زيادة مساهمة المرأة في قوة العمل، وتحسين الاستفادة من الرعاية الصحية، وتطوير اقتصاد رقمي.

و«خطة التحول الوطني» هي جزء من مبادرة إصلاح أوسع نطاقا تعرف باسم «رؤية السعودية 2030»، يقودها ولي العهد «محمد بن سلمان».

وأظهرت الوثيقة أن عدم إدخال تعديلات على القرارات الرئيسية للسياسة الاقتصادية، التي تتعلق باستقرار المالية العامة للمملكة في حقبة النفط الرخيص، وتنويع الاقتصاد، وتقليص اعتماده على صادرات النفط.

وشرعت الرياض في تخفيضات في الإنفاق وزيادات في الضرائب لتقليص العجز في الموازنة، الذي سجل مستوى قياسيا بلغ 98 مليار دولار في 2015، إلى الصفر بحلول 2020.

وأطلقت أيضا برنامجا للخصخصة تقول إنه سيدر أكثر من 200 مليار دولار، يتضمن بيع حصة في شركة «أرامكو السعودية» النفطية العملاقة المملوكة للدولة، وتخطط لتطوير قطاعات مثل بناء السفن والترفيه بدعم من صناديق حكومية.

وقالت «مونيكا مالك»، كبيرة الخبراء الاقتصاديين لدى بنك أبوظبي التجاري، إن تباطؤ النمو الاقتصادي وهبوط أسعار النفط يعرقلان بعض الإصلاحات الاقتصادية في السعودية، لكن مراجعة خطة التحول الوطني لا يشير إلى أن القوة الدافعة للإصلاح تباطأت.

وأضافت قائلة: «نرى أن كثيرا من التغييرات المحتملة تهدف إلى تقديم تعريف أوسع وإطار عمل وهيكل أفضل لخطة التحول الوطني، وليس أي تغييرات شاملة أو تخفيف خطة الإصلاح الأصلية».

مبالغة في الطموح

صحيفة «فايننشال تايمز» أكدت، أيضا، سعي السعودية إلى إجراء تعديلات على خطة الإصلاحات، والتي شملت إلغاء بعض الجوانب التي كان من المفترض أن تشملها الإصلاحات، وتمديد الفترة الزمنية لتحقيق أهداف أخرى.

واعتبرت الصحيفة البريطانية، عبر تقرير لها، أن هذا التحرك يشير إلى أن الرياض أدركت بأن بعض أهداف «برنامج التحول الوطني» عكست مبالغة في الطموح، مشيرا إلى أن الحكومة بدأت منذ يوليو/تموز الماضي بإعادة صياغة الخطة، التي تشكل لب جهود «بن سلمان» لإعادة صياغة الاقتصاد السعودي، الذي يعتمد بشكل رئيسي على النفط.

ووصفت مذكرة داخلية، اطلعت عليها «فايننشال تايمز»، «برنامج التحول الوطني 2» بأنه «تغيير المبادرات الحالية، وإضافة مبادرات جديدة».

وقالت إن «الجدول الزمني لبرنامج التحول الوطني سيستمر حتى عام 2020، لكن الخطة تتطلب تطبيق الأهداف في الفترة ما بين 2025 و2030».
وأوضحت الصحيفة أن التعديلات على الخطة تشمل نقل الإصلاحات التي كانت ضمن برنامج التحول الوطني إلى برامج أخرى؛ حيث تسعى الحكومة لتطوير أجندة يسهل التحكم فيها بشكل أفضل.

وأشارت إلى أن الخصخصة الجزئية لشركة «أرامكو السعودية» خارج برنامج التحول الوطني، لكنها مركزية للخطط الكلية للأمير «بن سلمان»، لافتة إلى أنه ليس هناك ما يشير إلى أن إعادة صياغة البرنامج ستؤثر في خطوة الخصخصة الجزئية للشركة كما هو مخطط العام القادم.

كما بينت أن التعديلات على الخطة تتضمن اتمام برنامج الخصخصة الأوسع والمبادرات الأخرى، مثل توفير السكن بأسعار معقولة، وإصلاح قطاع المال، خارج برنامج التحول الوطني، وتتولاه الوزارات المختلفة.

وتنقل «فايننشال تايمز» عن استشاري يعمل مع الحكومة السعودية (لم تذكر اسمه) قوله إن إعادة صياغة البرنامج كان لا بد منها إذا ما أخذنا بعين الاعتبار حجم معاناة البيروقراطية لتحقيق الأهداف بعد أكثر من ثلاث سنوات بقليل.

وكشفت الصحيفة أن المستشارين قلقون من أن مراجعة البرنامج قد تخلق إرباكا للمستثمرين القلقين من التباطؤ الاقتصادي.

ونوهت إلى أن المصرفيين قلقون من أن جهود الإصلاح ركزت كثيرا على إجراءات توليد الدخل، مثل زيادة الضرائب وتخفيض الدعم، بدلا من مبادرات تعزز النمو الاقتصادي.

وذكرت الصحيفة البريطانية في هذا الصدد أن برنامج التحول الوطني سيركز بعد تجديده على الإصلاحات البيروقراطية الحكومية، مثل تحسين الإنتاجية للموظفين الحكوميين، وتحسين الشفافية، مشيرا إلى أن أهدافه ستتضمن زيادة مشاركة الإناث في القوة العاملة، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.

واختتمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن تفاصيل التغييرات بشكل كامل لن تعرف حتى نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وهو الموعد المفترض لتسليم النسخة النهائية من مسودة البرنامج.

  كلمات مفتاحية

السعودية محمد بن سلمان خطة التحول الوطني رؤية السعودية 2030