الفيلم المجري «عن الجسد والروح».. تُفسد الخطايا آفاق الأحلام

الاثنين 19 مارس 2018 01:03 ص

فيلم اليوم «On Body and Soul أو عن الجسد والروح»، فيلم مجري تم إنتاجه في مارس/آذار 2017، وقالت مؤلفته ومخرجته «إلديكو إينيدي» لفريق عمله حينها: «إنه لن يذهب هذا الفيلم إلى أي مهرجان مهم، فهو ليس مرتبطا بأي أحداث حالية»، لكن الغرب الذي أعطى فيلم «شكل الماء» الأوسكار عن العام الجاري، جنح إلى الغرائبية لينال فيلم اليوم جائزة «الدب الذهبي» عن العام الماضي، ويترشح لجائزة أفضل فيلم أجنبي لـ«لأوسكار» الأخير.

إننا أمام نفس مكونات فيلم «شكل الماء» لكن مع التلاعب بالحيوانات ودورها في إشباع غرائز أبطال الفيلم، وبالتالي أحلامهم ورؤاهم لكيفية استمرار حياتهم في ظل خواء اجتماعي وروحي .. وترد وانهيار خلقي.

فن بلا مضمون

«عن الجسد والروح»، فيلم جديد آخر من الأفلام الغربية حيث تقنيات السينما الاحترافية، ومنها التصوير على الأشرطة المعتادة (35 مم)، وحركة كاميرا رائعة لـ«ماتي هيرباي»، وموسيقى تصويرية أكثر من مناسبة للأحداث، ومونتاج احترافي، وضوء ألوانه تساير الأحداث وتلقي عليها نظرة غامضة إلى حد ما.

ولكننا في النهاية لسنا أمام ورق أو مضمون من الأساس بل مجموعة من المراهقات والأفكار المتضاربة العشوائية، والأخيرة لا تنتظم إلا في إطار الرؤية البوهيمية أو كون الفن للفن، لا للتلقي ولا لمجرد الفهم.

يزيد من قسوة وضراوة استبعاد واحترام المُشاهد الفيلم المجري البعد عن الحياة الواقعية أو حتى مناطقها الغريبة، والذهاب إلى أخرى بالغة القسوة ممتلئة بالدماء، وإن كانت لحيوانات غالبًا، فالفيلم يذهب إلى مسلخ للأبقار في المجر ليرصد الدماء المستمرة، والقسوة في ذبح الحيوانات، وفي المقابل التوحش البشري من خيانة جنسية، ورشوة ورغبة في الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من المتع البوهيمية بلا سبب سوى انتقام البشر داخل المجتمعات المُفترض أنها متقدمة من بعضهم البعض.

تلتحق الطبيبة البيطرية «ماريا» أو الممثلة (ألكساندرا بوربيلي) بالمسلخ كرئيسة لقسم الجودة به، لتبدو في البداية صاحبة نصيب من اسمها الذي ينتمي إلى عالم قديسة، لكنها تلاحظ أن متلطبات الجودة القياسية المطلوبة مفتقدة في المجزر والمسلخ، وحينما تتضح الصورة أمامها وهي جالسة بمفردها أمام الحاسب الآلي بضوئه الأزرق في إشارة لنقائها في مجتمع لا يعرف إلا القسوة المناهية، حينما تتضح الصورة تفضل الإبلاغ بها، ما يجلب عليها المتاعب مع جميع العاملين.

في المقابل يقف «أندرو» أو (جيزا مورساني) مدير المصنع المشلول اليد، المتعايش مع الفساد فيه، الذي يبدو عملاقًا بجسده الطويل النحيف حينما يرشو الشرطي، وتتخذ الكاميرا الوضع المائل العالي لإبراز صورته عندما يمارس الفساد مع جهات التحقيق، وكذلك تبدو الكاميرا مائلة والألوان باهتة، حتى الأحمر المناسب للدماء والذبح، والألوان الباهتة ذات الكادر المائل غالبًا يشير لضياع الأبطال في الفيلم سواء الرئسيين الاثنين أو الهامشي الأدوار، فـ«كوفس» (إيفا باتا)، همها خيانة زوجها مع الجميع، وتحدي معرفته بالأمر رغم عمله معها في نفس المجزر، فيما «ساني» العامل الجديد أو (إيرفن ناغي) يوغل في الحماقات مع الجميع ومعها.

غابة وآثام

ومن المجزر إلى الغابة فمع بداية الفيلم تبدو أنثى الغزال مستجيبة للذكر في العلاقة البوهيمية، ومع تقدم الفيلم نكتشف عبر حبكة صغرى غير متقنة أن «ماريا» و«أندرو»، رغم شباب الأولى وشيخوخة الثاني يريان نفس الحلم بتفاصيله كل ليلة، إذ يعيشان وسط الحيوانات والفظاظة في التعامل معها نهارًا وليلًا تكون غزالة ويكون غزالًا في الغابة.

ويتدفق نصف الفيلم الثاني في مشاهد مطولة، ولقطات رتيبة وإن لم تفتقد لحس الأنثى المُخرجة، من انكسار للبطلة نتيجة إصابتها بمتلازمة نفسية تمنع رغبتها الجنسية، وترفع «أندرو» في المقابل عنها، ثم قطع «ماريا» لشريان يدها، في دم جديد يضاف لبركان الدماء في الفيلم.

وبعد تطويل ممل في الأحداث (الفيلم يقع في قرابة 105 دقائق)، تترك «ماريا» ذراعها النازفة وتستسلم للخطيئة مع «أندرو» في لقطة ختام مقززة، لتذهب الأحلام والغزال والغزالة وغدير الماء في الغابة، ليذهب كل هذا إلى غير رجعة، فمع الخطيئة لم تعد للأحلام قدرة على التواجد.

لا حياة اجتماعية لدى جميع الأبطال، لا أسرة ترعى البطلين، الجميع يعيش في نطاق سكن خاص بالعمل وليس لهم أهل، والمتزوجون من أبطال الفيلم الثانويين يخونان بعضهما البعض بلا حتى مجرد الاستتار عن علم الطرف الآخر.

فيلم «عن الجسد والروح».. فيلم مجري ينتصر لشهوات الحياة من ذبح القوي للضعيف بلا شفقة أو رحمة، وممارسة الجنس بمثل الرغبة في ازدراء أي طعام، دون متعة حتى أو احترام للإنسانية، ومثل هذه القصص الهابطة صارت هدفًا لنيل الجوائز الكبرى في السينما الغربية.

  كلمات مفتاحية

فيلم مجري إنتاج 2017 On Body and Soul عن الجسد والروح دماء أحلام غابة خطيئة انعدام قصة

فيلم الأوسكار 2018 «شكل الماء»: هل تتنفس مناديل الحواة؟!