استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مسارات فشل الثورات

الأربعاء 18 فبراير 2015 07:02 ص

هناك ظاهرة لافتة للنظر: اليمين المحافظ أنتج مفكرين هم أفضل من حلل عوامل ولادة الثورات، مثل أليكسيس دو توكفيل في كتابه: «النظام القديم والثورة» (1856) الذي وضح فيه أن الثورات هي لحظة ولادة انفجارية لجنين موجود في رحم النظام القديم وأن ما تولده الثورات من مسار عام هو استمرار لمسار كامن في مرحلة ماقبل انفجارها: نزعة المركزة التي أوصلها نابليون بونابرت (1799-1815) بعد الثورة الفرنسية عام 1789 إلى ذروتها يراها توكفيل ذروة مسار عام بدأ مع لويس الرابع عشر (ت 1715).

في انكلترا ومن خلال ثورة البرلمان ضد الملك (1642-1649) ثم ثورة 1688 -1689 التي جعلت «الملك يملك ولا يحكم» هناك توليد لجنين بدأ الحبل به مع (الماغنا كارتا) عام 1215 كميثاق حقوق وحكم للقانون لما بدأ الملك أمام تنامي قوة النبلاء بالاعتراف بحقوق وسلطات لمجالس محلية خارج سلطته المطلقة.

في المقابل الماركسية كانت أفضل من حلل سيرورات فشل الثورات من خلال كتاب كارل ماركس: «الثامن عشر من برومير لويس بونابرت» (1852) الذي يقدم تحليلاً غير مسبوق ولا لاحق لسيرورة فشل ثورة 24- 25 شباط 1848 الفرنسية وكيف انتهت في انقلاب عسكري قاده رئيس الجمهورية يوم 2 كانون أول 1851 ضد الجمعية التشريعية وجعل من نفسه امبراطوراً باسم (نابليون الثالث) واستمر حكمه حتى الهزيمة أمام الألمان في معركة سيدان بأيلول 1870.

كتاب ماركس هذا يصل بعده إلى أن يكون كتاباً تعليمياً للسياسة، كفن وحرفة، يفوق كتاب مكيافللي. هناك كتاب ثان ماركسي قدمه ليون تروتسكي عام 1936 بعنوان: «الثورة المغدورة» لا يمكن بدونه الوصول إلى تفسير نهاية ثورة أوكتوبر1917 في انهيار مبنى الاتحاد السوفياتي بالأسبوع الأخير من عام 1991. 

هذه سيرورة ثورة لغالبية في مجتمع انتهت بعد ثلاث سنوات وعشرة أشهر باستقالة غالبية مجتمعية من السياسة وتسليم مصائرها لفرد واحد. في انكلترا ثورة 1642- 1649 حصل شيء مماثل مع أوليفر كرومويل عام 1653 لما قام بحل البرلمان ونصب نفسه (الحامي: البروتكتور). عادت الملكية إلى انكلترا عام 1660.

ربما أيضاً كان انقلاب نابليون بونابرت في 9 تشرين ثاني 1799 ايذاناً بهزيمة واترلو عام 1815 وبفشل ثورة 1789 ولو أن نجاحاته هو وكرومويل قد أعطتا دفعاً لأن تكون ثورات لاحقة استمراراً وتكميلاً لثورتي 1642- 1649 و1789. كادت ثورة شباط 1917 أن تنتهي إلى هذا المصير في آب لولا تحالف لينين مع كرنسكي ضد حركة الجنرال كورنيلوف وبعد هزيمة الأخير قام الزعيم البلشفي بالإطاحة بحكومة كرنسكي في ثورة أوكتوبر 1917. كانت سيطرة ستالين وديكتاتوريته الفردية منذ عام 1929 بداية لفشل ثورة البلاشفة والتداعي اللاحق للبناء السوفياتي. 

هنا، بعد أربع سنوات من «الربيع العربي»، التي حصلت فيه ثورات في تونس ومصر وما يشبه الثورة في اليمن، يفوز بالرئاسة التونسية شخص مسن يقارب عمره التسعين كان رئيساً للمجلس التشريعي لنظام بن علي بعد ثورة أطاحت ببن علي وكان عمادها الجيل الشاب، كما يفوز حزب هذا الرئيس المنتخب بالمرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية، وهو حزب يشكل طبعة منقحة عن حزب بن علي.

في اليمن يعود الرئيس السابق علي عبدالله صالح إلى السلطة بين يومي 21 أيلول 2014 و6 شباط 2015 من وراء ستارة الحوثيين.

في مصر، التي تشبه ثورة 25 يناير 2011 وصولاً إلى انقلاب 3 يوليو 2013، مسار ثورة 24 -25 شباط 1848 الفرنسية حتى انقلاب 2 كانون أول 1851، كما يشبه السيسي لويس بونابرت، كان أحد مؤشرات فشل الثورة المصرية ليس فقط انقلاب 3 يوليو وإنما أيضاً ما يرمز إليه ويعكسه في الفضاء السياسي المصير القضائي لحسني مبارك الآن بالقياس لمصير رئيس منتخب هو محمد مرسي.

لكن هنا تأخذ رمزية أكثر مآلات أحد رموز شباب الثوار (عضو ائتلاف شباب الثورة) أحمد دومة: مجموع سجونه في عهدي مبارك وطنطاوي تبلغ ثماني عشرة مرة. سجنه مرسي مرتين. حكم عليه السيسي بالمؤبد. 

* محمد سيد رصاص كاتب سوري

 

المصدر | الأخبار اللبنانية

  كلمات مفتاحية

الثورات المسارات الانقلابات المآلات لويس بونابرت فرنسا مصر اليمن محمد مرسي حسني مبارك علي عبد الله صالح السيسي

الأنظمة العربية والحرب العالمية على شعوبها