أسعار الحديد والأسمنت تضرب سوق البناء بمصر

الأربعاء 11 أبريل 2018 02:04 ص

رغم عدم ارتفاع أسعار «الحديد الخردة»، و«خام البليت»، الأساسيان في صناعة «حديد التسليح»، منذ أكثر من عام، فإن أسعار الحديد ارتفعت في مصر خلال عام واحد من 8500 جنيه (483 دولارا تقريبا) لتصل إلى 13200 جنيه (750 دولارا تقريبا)، ما يعني أن أسعاره ارتفعت بنحو 55% تقريبا.

الارتفاع الكبير في أسعار الحديد جاء مواكبا لقرارات حكومية (في ديسمبر/كانون الأول الماضي) بفرض رسوم جمركية «رسوم إغراق» على واردات الحديد لمدة 5 سنوات، الأمر الذي رآه العاملون في قطاع البناء بأنه دعم حكومي للممارسات الاحتكارية التي فرضتها ضدهم مصانع الحديد، وهو ما بات يهدد 12 مليون عامل في قطاع البناء.

وتسبب ارتفاع الأسعار في شلل سوق البناء وعدم اتزانه، بالإضافة إلى خسائر كبرى في شركات البناء التي تعاقدت على تسليم وحدات سكنية ومبان بأسعار محددة، ثم جاء ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت بشكل غير متوقع ليلتهم أرباحها، بل ويتسبب في خسائر لها.

الأسمنت لم يكن أفضل حالا من الحديد، فسعره الذي لم يتجاوز منذ أسابيع 750 جنيها للطن (43 دولارا)، قفز ليحقق الآن 940 جنيها للطن (53.5 دولار تقريبا).

وفي تعليقه على الارتفاعات المتوالية، قال نائب رئيس مجلس إدارة إحدى شركات الحديد «كامل الغرباوي»، إن «الارتفاع الكبير للحديد والأسمنت حدث بطريقة مستفزة وغير منطقية وغير مبررة، لأن سعر طن الخردة عالميا لم يتعد 350 دولارا، لذا لايمكن أن يتجاوز سعره 9 آلاف جنيه، حسب مجلة ميتل العالمية التى تحدد سعر الحديد على مستوى العالم».

ولفت إلى أن سعر البليت العالمي 560 دولارا للطن، فكيف يكون سعر طن الحديد المنتج من الشركات المصرية 13200 جنيه وسعره الحقيقى الآن يتراوح مابين 8500 جنيه و9 آلاف جنيه، وسعر الخردة لم يتخط المعدل الطبيعي وهو ثابت منذ عام، وكان سعر الحديد منذ أسابيع 10200 جنيه، وكذلك حجم استيراد الخردة في مصر في العام الواحد يتعدى 700 ألف طن وهو ثابت منذ عام.

وبالنسبة للأسمنت اعتبر «الغرباوي» أن «زيادة الأسعار تمت بصورة غير معلومة، فالسعر الحقيقي للطن لا يتعدى 650 جنيها، لأن 98% من الخامات الداخلة في إنتاج الأسمنت محلية، ولا يتجاوز سعر المتر المكعب فى المحجر 5 جنيهات، ويكفي لإنتاج 2 طن أسمنت.. لذا يجب على الجهات الرقابية متابعة هذا القطاع لأن الارتفاع المتتالي للأسعار بدون مبرر ينعكس على الاقتصاد المصري، ويجب ألا نغفل أن هناك أكثر من 12 مليون عامل ثابت ومؤقت يعملون في قطاع التشيد والبناء»، وفقا لتصريحاته التي نقلته صحيفة «الأهرام» المصرية.

من جانبه، برر رئيس غرفة الصناعات المعدنية «محمد حنفي»، زيادة الأسعار بأن صناعة الحديد تعتمد على مدخلات جميعها مستوردة، وتمثل نحو 80% من تكاليف الإنتاج، وبسبب الأوضاع العالمية المضطربة في سوق الحديد ارتفعت أسعار المدخلات والخامات مثل الخردة والبليت، بالإضافة إلى العديد من مستلزمات الإنتاج حتى إن البليت ارتفع 60 دولارا فى شهر واحد، وهذا الارتفاع لا يمكن أن تتحمله ميزانيات الشركات المنتجة خاصة مع الزيادات المتتالية فى أسعار الكهرباء والغاز والعمالة والنقل مع التمويل (فوائد البنوك)، وكل لوازم التشغيل والنقل.

وأضاف: «لذلك تقوم المصانع بإعادة حسابات التكاليف بشكل يومي للمواءمة بين تكاليف الإنتاج، وتحمل الأسواق خاصة المستهلك النهائى، فإلاضافة قد تكون مقبولة، وقد تؤدى إلى ركود المنتجات، وهو أمر أخطر من الخسارة فى البيع، حيث تتحمل المنتجات الراكدة فوائد البنوك، بينما الخسائر محتملة للبيع بأقل من التكلفة، مع ملاحظة أن مصر تقوم بتصدير حديد إلى بعض الدول الأوروبية لأن الحديد المصرى أرخص من الأجنبي».

لكن مبررات «حنفي» لم يتفق معها أستاذ الاقتصاد «رشاد عبده»، الذي وصف ما يحدث بأنه «استغلال واحتكار وتعطيش للسوق، بدليل أن الدولار الجمركي انخفض سعره، والدولار البنكي أصبح متوافرا لكن هناك بعض المصانع ترفع السعر وهوما يحدث بلبلة في السوق، فلا وجود للرقابة لمنع استغلال الشركات، ولابد من تدخل الدولة لمراقبتها، وتحديد هامش الربح المناسب لها».

وحول المبررات التي تسوقها مصانع الحديد للارتفاعات المتتالية في أسعار الغاز والكهرباء والسولار، شدد «رشاد» على أن هذا الكلام غير صحيح، وغير منطقي لأن أسعار الكهرباء والسولار، لم ترتفع منذ شهر مضى، ففي الشهر الماضي كان سعر طن الحديد 10 آلاف جنيه، فهل ارتفعت أسعار كل شيء ليصبح السعرالآن 13200 جنيه؟!».

وطالب بضرورة أن تجبر الدولة الشركات الكبرى على الجلوس على مائدة مفاوضات واحدة لمناقشة مايتعلق بأسعار كل شيء على أرض الواقع، ليشمل أجور العمال المتدنية وغيرها، ويتم فرض السعر المناسب على الشركات والتجار الذين يتحكمون في السوق، وهو الأمر المتبع في الدول الأوروبية وأمريكا.

ونتيجة للارتفاعات، كشف نائب رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات وعضو سابق بالغرف التجارية «سيد الجيوشي»، أنه بعد تلك الزيادات في الأسعار بات «من يشتري الآن هو المضطر الذى يقوم بعمل تشطيبات نهائية، حيث يأخذ كميات صغيرة جدا، وسعر الأسمنت الحقيقي والذي تسعى إليه الدولة الآن هو 700 إلى 750 جنيها للطن، وهذا متوقع خلال الفترة المقبلة بعد أن استشعرت الدولة خطورة ما يحدث فى سوق الأسمنت».

ولفت إلى أن الدولة في سبيل ذلك قامت بالانتهاء من بناء مصنع كبير فى بنى سويف، به 6 خطوط ليتمكن من إنعاش السوق مرة أخرى، ولكن الحديد مرتبط بالبليت والخردة، وسعر العملة فارتفع سعره بهذه الصورة.

أما «محمد عبدالعزيز صالح» (مقاول) فأكد أنه بعد توقيعه على عقد بناء عقار بأسعار وتكاليف محددة، فوجئ بعد أسبوع بارتفاع سعر الحديد والأسمنت، مما اضطره للتفاوض مرة أخرى لرفع قيمة العقد، ووضع شرط جزائي بأن تكون هذه الزيادة على المالك وليس على المقاول.

وبدوره يقول «أحمد محمود أحمدي هاشم»: «إننى أقوم الآن بعمل تشطيبات نهائية للشقة التي أمتلكها في 6 أكتوبر، ولكن عندما علمت بارتفاع الأسعار بهذه الصورة أوقفت العمل لحين توفير الفارق في التكلفة».

ويقول «مصطفى أحمد محمد» (محام): «بعد طول معاناة وجمع «تحويشة العمر» قمت بشراء شقة على «الطوب الأحمر»، وعندما ذهبت لأشتري الأسمنت والأدوات الكهربائية وجدت الأسعار مرتفعة، فقررت أن أنتظر سنوات لحين تدبير مبالغ أخرى».

ويصف أستاذ الاقتصاد والرئيس الأسبق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، «عبدالمطلب عبدالحميد»، ما يتم في السوق المصري الآن بأنه عبارة عن ممارسات احتكارية لعدم اتخاذ إجراءات ضد فوضى بعض الشركات والتجار، ويجب أن تتصدى لها الدولة لأن فكرة الإصلاح الاقتصادي وتعويم الجنيه، لابد أن تؤتي ثمارها، وضبط الأسعار لا يتم إلا بالتوازن الاقتصادي في السوق».

كما رأى أن «فتح باب الاستيراد على الأجل القصير يجبر المنتجين على خفض الأسعار، ولابد أن نسعى بقوة لطرح رخص لشركات جديدة لانتاج الحديد بحيث لا يتم الاحتكار من شركات بعينها دون أخرى، وكذلك هناك ضرورة لإصلاح أفران شركة الحديد والصلب مع طرح شركات جديدة تعمل في مجال الأسمنت، وهو ما يساعد على التوازن في الأسعار لكي لا تحدث أزمات».

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

الحديد الأسمنت البليت سوق البناء الأسعار الاحتكار جمرك

ارتفاع أسعار الحديد في مصر رغم تراجع تكلفته