الديون التركية.. غموض القيمة لا يؤثر على نمو الاقتصاد

الاثنين 16 أبريل 2018 08:04 ص

حالة من الغموض، تكتنف الرقم الحقيقي للدين الخارجي بتركيا، في ظل تباين الأرقام المنشورة بين المعارضة التركية ومراكز الأبحاث الموالية للحكومة التركية في ظل عدم توافر أرقام حديثة من البنك المركزي التركي.

الفارق كبير بين ما تعلنه المعارضة التركية، وتعتمد عليه بعض وكالات التصنيف الائتماني العالمية، التي تتهمها السلطات التركية بالانحياز، والذي يقدر بـ438 مليار دولار، في حين تؤكد هيئات ومصادر تركية منها مركز الدراسات الاستراتيجية، أن حجم الديون الخارجية على الدولة، لا يزيد عن 266 مليار دولار فقط.

صحيفة «زمان» التركية المعارضة الموالية للمتهم الأول بتنفيذ محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016 «فتح الله كولن»، قالت في تقرير لها نهاية 2017، عما سمته مستشارية الخزينة في تركيا، إن إجمالي الديون الخارجية لتركيا بلغ 438 مليار دولار، لتصل نسبة الدين بالنسبة للدخل القومي إلى 51.9%.

فيما يقول مركز الدراسات الاستراتيجية في إسطنبول، إن رقم الدين الخارجي على تركيا، والذي تعلنه الحكومة هو 266 مليار دولار فقط، ويقسم هذا الرقم إلى ديون على القطاع الخاص والدولة، ما يمثل 31% من الناتج المحلي الإجمالي.

تخويف وتضخيم

من جانبه، اتهم الاقتصادي التركي «محمد كامل ديميريل»، بعض الأطراف المعارضة والجهات الخارجية، بما فيها وكالات التصنيف الائتماني، التخويف من رقم الديون، بل والمبالغة فيه، على رغم أن تركيا لا تخشى أو تخفي حجم ديونها.

وأشار إلى أن كبريات الدول العالمية لديها ديون أكبر من الديون التركية، وفقا لما نقلته عنه صحيفة «العربي الجديد».

وأكد أنه لا يمكن استشفاف قوة اقتصاد من خلال حجم ديونه أو سعر صرف عملته، إذ يعتبر هذا الأمر «خطأ اقتصاديا»، ضاربا المثل بالديون الأمريكية والعملة الصينية.

وأضاف «ديميريل» أن للديون فوائد كثيرة، وخاصة إذا تم توظيفها بمشاريع تحقق النمو والعائدات بنسب تزيد عن فوائدها، كما أن الديون تفتح علاقات مهمة مع دول ومؤسسات مالية دولية، وتركيا لديها خطوط ائتمان تزيد من مصداقيتها مع الدول والمؤسسات المقرضة.

خلط أوراق

من جهته، قال الأكاديمي الاقتصادي «برهان كور أوغلو»، إن أسباب تباين أرقام الديون على تركيا، هو الخلط بين الديون الداخلية والخارجية، وعدم التفريق بين الديون المترتبة على الدولة التركية وبين الديون على القطاع الخاص.

وأشار إلى أن الديون على القطاع الخاص التركي تصل نسبتها إلى نحو 70% من إجمالي الديون الخارجية، ومعظمها ديون على المصارف.

وحسب الأستاذ الجامعي، فإن صافي الديون التركية الخارجية، يزيد عن 282 مليار دولار حتى نهاية العام الماضي، والأرجح أنه تم تسديد جزء منها، ليكون رقم 266 مليارا هو الأقرب إلى الصحة.

وتابع: «الديون لا ترهق تركيا، كما لا تؤثر على النمو أو العملة، لأن عائدات الدين تزيد عن نسبة فوائده، وهذا مهم بعلم الاقتصاد، إذ لا يتم تقييم أي دولة أو اقتصاد من خلال كتلة الديون عليها، وإلا فالاقتصاد الأمريكي الذي يعاني من أكبر مديونية عبر التاريخ، هو اقتصاد سيئ، وهذا غير صحيح».

كما لا تشكل «الديون الكبيرة» برأي «كور أوغلو»، على القطاع الخاص التركي، عائقا أمام نموه وأرباحه، فهو ساهم وبشكل كبير العام الماضي، إلى جانب الحكومة، ببلوغ تركيا أعلى نسبة نمو بالعالم، وهكذا بالنسبة لبقية المؤشرات التي يساهم بها القطاع الخاص، من صادرات وإنتاج واستثمارات.

وعلى عكس توقعات كبرى البنوك ومؤسسات التصنيف الائتماني الدولية، التي عدّلت توقعاتها لنمو الاقتصاد التركي مرات عدة، حقق الاقتصاد التركي معدل نمو وصل إلى 7.4% خلال 2017.

ووفق معطيات هيئة الإحصاء التركية، حقق اقتصاد البلاد خلال الربعين الأول والثاني من العام الماضي، نموا بنسبة 5.4%، في حين سجل في الربع الثالث من 2017، قفزة نوعية خالفت توقعات أكثر المتفائلين بأداء الاقتصاد التركي، إذ بلغ 11.3%، بينما سجل في الربع الرابع 7.3%، ليصبح بالمحصلة نمو الاقتصاد خلال العام الماضي، 7.4%.

وقبل أيام، أعرب البنك الدولي، عن توقعاته بأن يتراوح معدل نمو الاقتصاد التركي بين عامي 2018 و2019، عند حدود 4% إلى 5%.

ويرى مختصون، أن ثمة خلطا يتم خلال الحديث عن ديون تركيا الخارجية، ولا يقتصر على مزج الديون الحكومية بديون الشركات الخاصة وأهمها المصارف، إذ يقول البعض إن تركيا من دون ديون خارجية منذ حزيران عام 2013، وهو التاريخ الذي سددت خلاله تركيا ديونها لصندوق النقد الدولي.

سداد ديون

يشار إلى أن تركيا نجحت في 2013 من تسديد جميع ديونها المستحقة لصندوق النقد الدولي، الذي كان لها معه ماض متوتر.

ولم تر الحكومة التركية بعد ذلك، من ضير بالديون، شرط ألا يتم فرض «إملاءات»، وأن يتم تشغيل القروض بمشاريع اقتصادية وتنموية تساعد بتحقيق حلمها قبل مئوية تأسيس الجمهورية عام 2023.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت وكالة «فيتش» العالمية للتصنيف الائتماني، أن السيولة النقدية من العملات الأجنبية في تركيا، قادرة على تغطية وسداد الديون قصيرة الأمد المستحقة بالنقد الأجنبي.

وهناك أزمة ثقة بين تركيا ووكالات التصنيف الدولية، للدرجة التي دفعت هيئة تنظيم ومراقبة القطاع المصرفي التركية، لتأسيس وكالة تصنيف ائتماني وطنية خلال العام الجاري.

وتعمل حكومة «العدالة والتنمية»، وعلى رغم الديون الخارجية التي توصف بالكبيرة، على مضاعفة الاحتياطي النقدي الأجنبي والذهب في مصرف تركيا المركزي، الذي نقلته من 23 مليار دولار عام 2002، وقت وصول الحزب للسلطة، إلى نحو 76 مليارا عام 2011 ليصل هذا العام إلى نحو 120 مليار دولار، مع توقعات بوصوله إلى نحو 150 مليار دولار، بحسب مساعي الحكومة التركية وتصريح سابق لرئيس الدولة «رجب طيب أردوغان».

  كلمات مفتاحية

الاقتصاد التركي تركيا ديون المعارضة معدل النمو نمو اقتصادي البنك الدولي

صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته حيال نمو الاقتصاد التركي