ثلاثة بدائل للإمارات ومصر في «ليبيا ما بعد حفتر»

الثلاثاء 17 أبريل 2018 06:04 ص

تفاضل الإمارات ومصر، بين ثلاثة بدائل، لترتيب أوضاعا في ليبيا، على وقع الغموض الذي يكتنف مصير اللواء المتقاعد «خليفة حفتر»، والذي سيسبب موته أو عجزه عن أداء مهامه، فراغا في السلطة، ويشعل صراعا للسيطرة على المنطقة الشرقية في ليبيا.

وشكلت البلدان، اللتان كانتا تدعمان «حفتر»، خلية أزمة بقيادة مستشار الأمن الوطني الإماراتي «طحنون بن زايد آل نهيان»، ورئيس اللجنة الوطنية المصرية المعنية بليبيا اللواء «محمد الكشكي»، للبحث في سبل التعاطي مع الوضع الجديد بليبيا، بعد غياب «حفتر».

وحسب مصدر رفيع في المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، تحدث لموقع «الجزيرة نت»، فإن البلدين دخلا سباقا مع الزمن لترتيب المرحلة الجديدة، سواء لجهة اختيار خليفة لـ«حفتر»، أو منع انهيار «عملية الكرامة» التي أطلقها حليفهم عام 2014 في مناطق شرقي ليبيا.

وتتردد أنباء تقول إن بعض منافسي «حفتر» في الشرق، تحركوا بالفعل ضد عائلته وداعميه، وأنه لا يوجد نائب أو خليفة له لتولي منصبه، وسط إشارات عن بدء تآكل سلطة «حفتر» في المنطقة، مما يجعل من عملية انتقال السلطة إلى بديل آخر أمرا صعبا.

ومن المتوقع أن يتسبب اختفاء «حفتر» من الساحة السياسية، سواء حاليا أو مستقبلا، في زعزعة استقرار المنطقة الشرقية، وعرقلة العملية السياسية الهشة الساعية لتحقيق توافق وطني، فضلا عما يزيده من مأزق مصر والإمارات الداعميتن لـ«حفتر»، في البحث عن بديل مناسب.

3 بدائل

وترشح الإمارات ومصر أحد ثلاثة أشخاص لخلافة «حفتر» في منصب «القائد العام للجيش»، على رأسهم اللواء «عون الفرجاني»، وهو من أبناء عمومة «حفتر» وأحد أهم مساعديه.

أما الشخصان الآخران فهما الرائد «خالد» نجل «حفتر» والذي يقود إحدى أكبر الكتائب العسكرية في قوات والده.

بينما الشخص الثالث، فهو اللواء «عبد السلام الحاسي»، الذي يشغل منصب قائد غرفة العمليات العسكرية لـ«عملية الكرامة».

وحسب مراقبين، فإنه «حفتر»، بات اليوم، عنوانا لأزمة تتمثل في احتمالات غيابه، بعد أن بنت الأطراف الداعمة له مشروعها في ليبيا على إعادة إنتاج «دكتاتور» لا على بناء دولة دفع الليبيون ثمنا كبيرا لها.

مصير «حفتر»

وتفرض السلطات الفرنسية ستارا من الغموض حول مصير «حفتر»، الذي تضاربت الأنباء مؤخرا بشأنه، لدرجة أن وسائل إعلام ليبية تحدثت عن وفاته، وبعدها بساعات خرجت أنباء عن اتصال أجراه المبعوث الأممي لليبيا «غسان سلامة» مع «حفتر»، دون مزيد من التفاصيل.

ويبدو الإرباك كبيرا في معسكر السياسيين والإعلام المحسوب على «حفتر»، ففي حين تحدثت قنوات ليبية تبث من بنغازي والأردن عن تماثل «حفتر» للشفاء، قالت أخرى إن «قائد الجيش الليبي يجري فحوصا اعتيادية في مستشفى بفرنسا».

وذهبت إحدى القنوات الليبية حد القول، إن «حفتر» يقوم بجولة في عدد من الدول الأوروبية، دون أن تؤيد هذه القنوات أخبارها بأي صور أو تصريحات تنفي الأخبار عن تدهور حالته الصحية.

وتكشف مصادر ليبية مطلعة أن «أجهزة مخابرات دولية، أبلغت مصادر مسؤولة في المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، عبر وسطاء، أن حفتر في حالة صحية حرجة لن تسمح له بالعودة للعمل من جديد لمنصبه».

وأشارت المصادر إلى أن «هذه الأجهزة أكدت أن حفتر يعاني منذ مدة من سرطان في الغدة الدرقية، وكان يتردد على الأردن للعلاج، وأصيب مؤخرا بجلطة دماغية وصعوبة في التنفس».

وترجح تقارير غربية وفاة «حفتر» (75 عاما)، لكن مصادر نقلت لـ«الخليج الجديد» أن الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» أصدر تعليمات بالتكتم على الأمر مؤقتا.

وجاءت خطوة «ماكرون» بتأجيل الإعلان عن وفاة «حفتر» بطلب من أطراف إقليمية عربية، داعمة للرجل؛ حتى يتم ترتيب أمر من يخلفه في قيادة قوات الشرق الليبي.

وسبق أن نفى المكتب الإعلامي لرئيس أركان القوات المدعومة من مجلس النواب في طبرق الليبية (شرق) الفريق «عبدالرازق الناظوري» تكليفه للقيام بمهام «حفتر».

وكان آخر ظهور مؤكد لـ«حفتر»، في 26 مارس/آذار الماضي، عندما أجرى لقاء مع سفير بريطانيا «فرانك بيكر» في منطقة الرجمة.

وبعد ذلك، ظهر «حفتر» إعلاميا في صورة نشرت نهاية الشهر الماضي، عندما نشر مكتب الإعلام التابع له صورة قال إنها للقاء أجراه في مكتبه بالقيادة العامة في منطقة الرجمة، التي تبعد 15 كيلومترا عن بنغازي، مع وفد من المجلس الاجتماعي ومشائخ وأعيان مدينة المرج، الذين جاؤوا لتجديد الدعم للقوات الموالية له في حربها، بحسب ما نشره مكتب الإعلام التابع لـ«عملية الكرامة».

أزمة البديل

من جهته، قال المحلل السياسي والمستشار السابق لرئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا «أشرف الشحّ»، إن «الغموض الذي يكتنف مرض خليفة حفتر، تسبب في ارتباك كبير لدى الأطراف المستثمرة في حفتر ومشروعه لدولة دكتاتورية في ليبيا».

وأضاف أن «أزمة هذه الدول تتمثل في أنها لا تجد شخصية قادرة على أن تحل محل حفتر من حيث الشخصية والكاريزما والقدرة على تنفيذ مشروعها».

وتابع «الشح»: «مهما كانت النتائج، فإن مرحلة ما بعد مرض حفتر، لن تكون هي مرحلة ما قبلها».

وبرأيه فإنه حتى لو عاد «حفتر» للمشهد، فإن «عملية الكرامة» انهارت من الداخل، بعد أن ثبت أنها تقوم على شخص لا على مشروع لبناء الدولة.

وتوقع «الشح» أن تشهد المنطقة الشرقية في ليبيا صراعا سيبدأ فور إعلان مصير «حفتر»، لافتا إلى وجود قبائل متضررة من إبعاد حفتر لها مقابل تقريب شخصيات من خارج المنطقة الشرقية.

وتابع: «رئيس مجلس النواب المنعقد في طبرق عقيلة صالح، كان مكبلا بالسيطرة العسكرية لخليفة حفتر»،

واستطرد: «هذا واضح من الموافقة السريعة لصالح، على دعوة الرئيس الجديد للمجلس الأعلى للدولة خالد المشري للقائه في الصخيرات الأسبوع الماضي».

وأوضح «الشح» أن «المشري هو مرشح حزب العدالة والبناء المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، التي أعلنت عملية الكرامة الحرب عليها، وهو ما يؤكد أن صالح تحرر من قيود حفتر».

بحث عن نفوذ

وفي الإطار ذاته، قال المحلل السياسي «عبدالسلام الراجحي»، إنه ورغم التوقعات بغياب «حفتر» فإن «هناك من يخشى أن يعود للمشهد، لأن حلفاءه باتوا يتمسكون به أكثر من أي وقت مضى نظرا لأزمة إيجاد خليفة له».

وأضاف: «الدول الداعمة لحفتر، لا سيما مصر والإمارات دفعت أموالا ضخمة لتحقيق مصالحها، فمصر لن تفرط بنفوذها الكبير بالمنطقة الشرقية، والإمارات ستتمسك بمكاسبها وعلى رأسها قاعدة عسكرية على البحر المتوسط».

وبرأي «الراجحي»، فإن الأسماء المطروحة لخلافة «حفتر»، لا يمكن أن تشكل بديلا له.

ولا يستبعد المحلل السياسي الليبي، أن تدفع أزمة إيجاد بديل لـ«حفتر» كل من الإمارات ومصر لتشكيل «مجلس عسكري ثلاثي» يحكم الشرق الليبي.

لكنه لفت إلى أن «التمزق والصراع سيكون عنوان المرحلة المقبلة، لا سيما مع وجود خلافات متعددة الأوجه منها الخلافات مع القائمين على استخراج النفط، وأخرى مع القبائل».

وتابع: «بغض النظر عن الشخصية التي ستخلف حفتر، فإنها ستفتقد للطموح السياسي، فحفتر أراد أن يكون رئيسا لليبيا، أما البديل له فسيكون أقصى طموحه أن يكون له دور ما في المرحلة المقبلة».

يُشار إلى أن «حفتر»، شارك مع الرئيس الرليبي الراحل العقيد «معمر القذافي»، في الانقلاب الذي أطاح بالملك «إدريس السنوسي» في فاتح سبتمبر/أيلول 1969، وتولى بعد ذلك مهام متعددة في القوات المسلحة.

وعام 1980 رقي لرتبة عقيد، ولاحقا قاتل بجبهة تشاد، خلال حرب الرمال المتحركة بين ليبيا وتشاد في ثمانينيات القرن العشرين، ولكنه أُسِرَ مع مئات من الجنود الليبيين نهاية مارس/آذار 1987.

بعد ذلك انشق «حفتر» عن نظام «القذافي»، وشكل جبهة عسكرية للإطاحة به من تشاد، ولكن هذه الدولة المجاورة تخلت عنه فانتقل إلى الولايات المتحدة وعاش بها فترة طويلة.

ويتهم «حفتر» بأن له علاقات قوية ببعض الدوائر السياسية والاستخباراتية الغربية، خاصة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه).

وقد انضم لثورة 14 فبراير/شباط 2011، التي أطاحت بنظام «القذافي»، لكنه تمرد على المؤسسات التي انبثقت عن هذه الثورة عام 2014، وحاول تنفيذ انقلاب عسكري ضد المؤتمر الوطني العام.

ومنذ تمرده على الثورة، يخوض «حفتر» حربا ضد جماعات من الثوار والمسلحين الإسلاميين بدعم قوي من مصر والإمارات.

  كلمات مفتاحية

حفتر ليبيا مصر الإمارات ما بعد حفتر

سيناريوهات ما بعد «حفتر».. صراع محتمل في الشرق الليبي