«بروكينغز»: إيران تخطط لمهاجمة (إسرائيل).. متى وكيف؟

الخميس 19 أبريل 2018 09:04 ص

بينما ينقشع الغبار بعد الهجوم الأمريكي الفرنسي البريطاني في نهاية الأسبوع الماضي على منشآت الأسلحة الكيميائية السورية، بدأ العد التنازلي للجولة التالية من الصراع العسكري بين (إسرائيل) وإيران.

وفي الأسبوع الماضي، استهدفت (إسرائيل) مرة أخرى قاعدة «التيفور» في سوريا، التي تضم قوات إيرانية، عن طريق طائرة بدون طيار، مما أسفر عن مقتل 7 إيرانيين وتدمير مشروع بنية تحتية على ما يبدو.

وهذه هي القاعدة نفسها التي تم من خلالها إطلاق طائرة إيرانية بدون طيار في فبراير/شباط، والتي اعترضتها القوة الجوية الإسرائيلية، قبل أن تضرب (إسرائيل) القاعدة وتلا ذلك إسقاط طائرة إسرائيلية بالنيران السورية المضادة للطائرات.

ومن المرجح أن تكون هناك ضربة إيرانية انتقامية ضد (إسرائيل).

لكن أين وكيف تختار طهران تنفيذ هجومها؟

لا يزال الأمر غير واضح، ولكن لأسباب وصفناها أدناه، فمن المرجح أن يكون هجوما صاروخيا يتم إطلاقه من سوريا.

وسيحدد الخيار ما يمكن توقعه لمستقبل المواجهات الإيرانية والإسرائيلية.

لماذا؟

هناك إشارات واضحة جدا بأن إيران هذه المرة سترد فعلا، فقد قدمت وسائل الإعلام الإيرانية تغطية واسعة للهجوم الإسرائيلي على القاعدة، وأصدر القادة الإيرانيون، وبشكل أكثر وضوحا «على أكبر ولايتي»، المستشار الأعلى للمرشد الأعلى في إيران، تهديدات مباشرة بالرد.

كما حذر «حسن نصر الله»، زعيم حزب الله، (إسرائيل) من أن هذه المرة سيكون هناك ثمن باهظ تدفعه. وكانت الجنازات التي تم بثها على نطاق واسع لأفراد فيلق القدس هي أحدث هذه المؤشرات.

وتلتزم إيران الآن بشكل عميق وعلني بالرد.

ويبدو الأمر في مرحلة التجهيز.

وتصر إيران على الاستثمار الضخم في سوريا، من خلال تحسين وجودها العسكري والوسائل التي يمكن بها الضغط على (إسرائيل).

وفي نهاية المطاف، فإن هدفها هو ترسيخ نفسها بقوة كقوة إقليمية.

وفي غضون ذلك، تصر (إسرائيل) على عدم تكرار الخطأ الذي ارتكبته في لبنان، وهي تراقب على الهامش، مع تزايد التهديد الإيراني من جهة حزب الله.

وأوضحت (إسرائيل) عزمها على محاربة التهديد منذ البداية، بينما لا يزال من الممكن التحكم فيه.

ومن وجهة نظر (إسرائيل)، فقد حان وقت العمل بسبب العوامل الجيوسياسية والاستراتيجية على حد السواء.

ومع رغبة روسيا في إبقاء الوضع في سوريا مستقر نسبيا، فإن (إسرائيل) في موقف فريد من نوعه مع نفوذ الدولة الروسية الأكبر والأكثر قوة في المنطقة الآن.

وقد تكون حرية (إسرائيل) في العمل بالأجواء السورية محدودة في المستقبل، سواء بسبب تحسين القدرات الإيرانية أو السورية المضادة للطائرات، أو بسبب أي اتفاق دولي.

كيف؟

وفي حين أن النوايا واضحة، لا يزال هناك جدل كبير حول شكل الانتقام.

وفي الشرق الأوسط، تبرز هذه الفروق الدقيقة والإجابات الغامضة.

وهناك عدة احتمالات، ولكل منها احتمالية مختلفة لرد إسرائيلي مضاد.

ويبدو أن إطلاق الصواريخ هو الرد الإيراني الأكثر ملاءمة، من حيث القدرات وحساب المخاطر، ومع ذلك، فإن السؤال الأكثر أهمية هو الهدف الذي سيختارونه.

ويبدو أن هدفا عسكريا هو الرد الأنسب. بحيث يكون هجوما مقنعا، يهدف إلى توجيه ضربة قاتلة لسمعة الجيش الإسرائيلي بعد أن اهتزت سمعة سلاح الجو منذ سقوط طائرة مقاتلة من طراز إف-16، في فبراير/شباط.

لكن الرادع الأكثر فاعلية قد يكمن في استهداف مدينة كبيرة، وبالتالي إثارة الذعر، حتى لو تم اعتراض الهجوم من قبل أنظمة الدفاع الإسرائيلية.

وقد يكون الهدف من المنظور الإيراني هو خلق ضغط علني سيعمل بدوره على تغيير حساب المخاطر الإسرائيلية في سوريا.

وعلى الجانب السلبي، تعد المراكز المدنية هي هدف أقل شرعية، وقد يضع إيران في وضع غير مريح على المستوى الدولي، في حين قد يكون هذا هو آخر شيء تحتاج إليه إيران، حتى لا تثير القلق العالمي.

والمعضلة الثانية التي تواجه الإيرانيين هي من أين يتم إطلاق الصواريخ، والخيارات المتاحة هي إيران أو سوريا أو لبنان.

وسيبعث الإطلاق من إيران بطبيعة الحال برسالة قوية إلى (إسرائيل)، حول القدرات والتصميم، لكن العيب الواضح لهذا الخيار هو إضفاء الشرعية على رد إسرائيلي مضاد في الداخل الإيراني، وهو تصعيد آخر غير ضروري، في الوقت الراهن، من المنظور الإيراني.

وتعد لبنان مجهزة بشكل جيد بمجموعة متنوعة من الصواريخ، من حيث المدى والحجم، وبالتالي هي موقع مناسب للإيرانيين.

ومع ذلك، فإن التصعيد في لبنان سيكون أكثر ضررا بكثير لجميع الأطراف المعنية، فمن الممكن أن يؤدي إلى إشعال حرب بين (إسرائيل) وحزب الله، الأمر الذي قد يضر ترسانات حزب الله الأساسية والبنية التحتية، وهو ما لا يخدم مصالح إيران ولا حزب الله.

ولا يهتم حزب الله بالحرب في الوقت الراهن، حيث ينشغل قادته بترسيخ صورته كـ «حامي» للبلاد قبل الانتخابات البرلمانية اللبنانية في مايو/أيار.

ومع العديد من الضحايا في سوريا، وحقيقة أن المجموعة لا تزال لديها ما يقرب من 7 آلاف جندي على الأرض هناك، يزداد المشهد تعقيدا

ويبقى الخيار الأكثر منطقية هو سوريا، الساحة الأقل خطورة بالنسبة للإيرانيين، والمنطقة ذات الصلة بالمناوشات الأخيرة.

ومع ذلك، هناك تحديان رئيسيان لا يزال يتعين مراعاتهما، وهما العلاقة الحساسة مع الروس، وخطر وقوع المزيد من الإضرار بالأصول والقدرات الإيرانية في سوريا، في حالة إقدام (إسرائيل) على الرد.

ومن أجل تجنب وضع الضغط على الروس، فقد ينتقم الإيرانيون بطريقة يمكن للروس أن يجدوها مقبولة ويمكن احتواؤها.

وقد أعربت روسيا عن غضبها بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير، وبالتالي ستتحمل على الأرجح نوعا من الرد الإيراني المقابل.

والسؤال هو: ما الذي قد تقبله روسيا؟ ربما أي شيء لا يشكل تهديدا كبيرا للاستقرار في سوريا، ولا يثير ردة فعل إسرائيلية متصاعدة.

ويبدو أن هذه معادلة مستحيلة لحلها.

وتريد إيران دعم قدرتها على الردع بعد أن أثبتت (إسرائيل) استعدادها لدفع ثمن باهظ لمنع إيران من إنشاء جبهة أخرى في سوريا قد تهدد الأمن الإسرائيلي، كما فعلوا في لبنان مع حزب الله في الماضي.

وبعد تحديد السيناريوهات المحتملة، من المرجح أن تكون الضربة الإيرانية ضربة صاروخية من سوريا، تستهدف هدفا عسكريا إسرائيليا كبيرا. ومن أجل الوصول إلى الهدف، يجب أن يكون حجمه كبيرا.

ويصعب التنبؤ بالآفاق والتطورات على المدى الطويل لهذا الصراع، حيث أن كلا الطرفين على استعداد لدفع ثمن باهظ لأجل مصالحهما الاستراتيجية.

ويعتمد الرد الإسرائيلي على مدى ضرر الرد الإيراني. ومع ذلك، تفهم (إسرائيل) أنها لا تستطيع أن تتطرف في الرد.

ولقد تم إثبات العزم والرغبة في تحمل المخاطر بوضوح، سواء من خلال تصريحات كبار المسؤولين أو الهجمات التي وقعت في الأشهر الأخيرة.

وفي الوقت الحالي، ستدفع (إسرائيل) مرة أخرى بالأمور ضد إيران، بأي ثمن، إلى أن تنجح أي ضغوط دولية أو جهود دبلوماسية كبيرة في كبح قوة إيران في سوريا.

ويعمل الروس كمقيمين جزئيا، لكن لديهم دافع محدود، وقدرات محدودة أكثر، لفرض حل فعلي على أي من الطرفين.

وحتى لو كان هناك حل بسيط، ففي ضوء العزم الإسرائيلي والإيراني على إلحاق الضرر ببعضهما البعض، حتى لو كان ذلك بتكلفة عالية، فإن الجهود الروسية لن تنجح على الأرجح.

  كلمات مفتاحية

سوريا حزب الله إيران (إسرائيل) روسيا

مجددا.. إيران تنفي التفاوض مع (إسرائيل) بالأردن حول سوريا