تفاصيل محاولة «ترامب» ترحيل مواطن أمريكي للسعودية دون محاكمة

الأحد 29 أبريل 2018 10:04 ص

تحاول إدارة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» ترحيل مواطن أمريكي بسبب اتهامات بصلات مزعومة مع تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى المملكة العربية السعودية، دون محاكمة، وبدون أي ضمانات، بأنه لن يتم إلقاؤه بالسجن بمجرد وصوله إلى الأراضي السعودية.

ولا توجد سابقة في الولايات المتحدة لهذه الحالة، وهي تبرز رغبة «ترامب» في الخروج عن الممارسات القانونية الراسخة كجزء من استراتيجيته المتشددة لحرب واشنطن الطويلة على الإرهاب.

وسوف تصل الدراما القانونية إلى ذروتها يوم الجمعة، عندما تستمع محكمة استئناف فيدرالية إلى قضية طلب إدارة «ترامب» للمضي قدما في عملية نقل السجناء.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قام قاض فيدرالي بمنع الإدارة مؤقتا من إرسال السجين، الذي لم يكشف عن اسمه، إلى السعودية، لأن الحكومة «فشلت في توفير» حجة مقنعة للمضي قدما بهذا، والآن، يحاول البيت الأبيض مرة أخرى، وقد تكون سابقة تاريخية سوداء إذا حصلت الإدارة على ما تريد.

وقال «بريت كوفمان»، محامي اتحاد الحريات المدنية الأمريكي، الذي يدافع عن المعتقل: «ليس لدينا علم بأية قضية في التاريخ الأمريكي حول محاولة الحكومة إرسال مواطن أمريكي خارج البلاد».

ولم تكشف حكومة الولايات المتحدة أبدا عن اسم المواطن المعني، الذي سلم نفسه إلى المقاتلين المتحالفين مع الولايات المتحدة في سوريا، وتحدده جميع وثائق المحكمة على أنه «جون دو»، ولقد ذهبت وزارة العدل إلى حدود غير عادية لتقليص جميع الإيداعات القانونية، وتستمر في القول بأن جعل تفاصيل القضية علنية قد «تقوض» الدبلوماسية الأمريكية.

لكن المعركة القضائية مستمرة، حيث يجلس الرجل في زنزانة في سجن بالعراق، بينما تحاول إدارة «ترامب» إيجاد طريقة لنفيه إلى السعودية.

ولدى هذه القضية بعض الارتباط ببرنامج الرئيس الأسبق «جورج بوش» بعنوان «التسليم الاستثنائي»، الذي بعث فيه عملاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (السي آي إيه) مشتبهين بالإرهاب إلى 54 دولة، قامت العديد منها بعدها بتعذيب السجناء.

لكن الحالة الجديدة لها اختلاف رئيسي؛ حيث يبدو أنها المرة الأولى في التاريخ الحديث التي تحاول فيها الحكومة أن ترحل مواطنا أمريكيا إلى الخارج ضد إرادته ودون أي محاكمة، وإذا انتصرت الإدارة الأمريكية على المحكمة، يمكن حينها تكرار هذه الممارسة بسهولة بحجة الحرب على الإرهاب.

القضية سرية

وعلى الرغم من الجهود الحكومية الرامية إلى إبقاء تفاصيل القضية سرية، تصف وثائق المحكمة المنقوصة معركة قانونية استمرت 7 أشهر بعد استسلام الرجل لقوات سوريا الديمقراطية المتحالفة مع الولايات المتحدة، عند نقطة تفتيش بالقرب من الحدود مع تركيا، في سبتمبر/أيلول من العام الماضي.

وبالإضافة إلى كونه مواطنا أمريكيا، فإن «جون دو» مواطن سعودي أيضا، حيث تريد الحكومة الأمريكية إرساله، وفقا لتقارير إخبارية وإفشاء غير مقصود في مستند المحكمة.

ويقول «جون دو» إنه كان في سوريا «للإبلاغ» عن «الدولة الإسلامية»، وليس لمساعدة المنظمة الإرهابية، وفقا لوثائق المحكمة.

وتدعي حكومة الولايات المتحدة أنها تستطيع إرسال الرجل إلى بلد لم تذكر اسمها، حيث ذكر الكشف المفاجئ عن أنها السعودية، دون محاكمة، لأن تلك البلد لها «مصلحة سيادية» في الرجل.

والمشكلة هي أن نظام العدالة الجنائية في المملكة العربية السعودية له سجل مزعج في مجال حقوق الإنسان، وهي تقضي بشكل روتيني بإصدار أحكام على المجرمين المدانين بعقوبات الإعدام، والعديد من المدعى عليهم لا يحصلون حتى على محامين.

وقد يفسر ذلك سبب حرص حكومة الولايات المتحدة على تجنب ذكر كلمة «السعودية» علانية أو في أي وثائق قضائية، ونحن نعلم أن هذا البلد محل شكوى، لأن أحدهم قام بتفصيل تفاصيل القضية الخاصة بإيداع الملف في المحكمة في 18 أبريل/نيسان، وترك إشارة إلى النظام «القانوني السعودي»، وتم تقديم نسخة محدثة من الوثيقة بعد ساعات بتصحيح الخطأ الأصلي، ولكن عند هذه النقطة، كانت تلك العبارة قد تم رؤيتها ومشاركتها على نطاق واسع.

وأكدت تلك التقارير الإعلامية أن المعتقل كان مواطنا أمريكيا سعوديا مزدوج الجنسية، وأن واشنطن كانت تحاول إرساله إلى المملكة.

ويقول اتحاد الحريات المدنية الأمريكي إنه ينبغي على الحكومة الأمريكية إثبات أن الرجل ارتكب جريمة قبل أن تتمكن من تسليمه إلى السعودية.

وقد طلب «دو» أن يتحدث مع الأمريكيين عندما استسلم في العام الماضي، وسلمته قوات سوريا الديمقراطية إلى الجيش الأمريكي، الذي اقتاده إلى سجن عسكري في العراق، ولا يزال محتجزا هناك حاليا.

ومنذ البداية، أصر محامو الحكومة على أن الرجل كان عضوا في «الدولة الإسلامية»، وبالتالي لم يعد يتمتع بنفس الحماية القانونية التي يتمتع بها المواطنون الأمريكيون، وقد وصفوه بأنه «مقاتل عدو»، وهو المصطلح القانوني الذي استخدمته إدارة «بوش» لتبرير تجنب المحاكمات خلال الأعوام الأولى من الحرب على الإرهاب بعد 11 سبتمبر/أيلول.

ويعني ذلك الوصف أساسا أن الشخص المعني يقاتل من أجل جماعة مسلحة، ولكنه ليس جزءا من جيش معترف به، وبالتالي فهو غير محمي بموجب القانون الدولي مثل اتفاقية جنيف.

وبعد عدة تقارير تفيد بأن الجيش كان يضع مواطنا أمريكيا رهن الاحتجاز، تدخل «اتحاد الحرية المدنية الأمريكي» العام الماضي وبدأ معركة قضائية للدفع باتجاه نوع من المحاكمة للرجل، ولم تنجح المحاولة حتى الآن، لكن في يناير/كانون الثاني، قضى قاض فيدرالي بأن على الجيش تقديم إشعار قبل 72 ساعة من نقله من مكان احتجازه إلى أي بلد آخر.

وأصر البنتاغون على أنه لا يجب عليه إعطاء إشعار للمحكمة بشأن النقل، وطلب إعفاء دولتين لم يذكر اسمهما من قاعدة الـ72 ساعة.

ونفى القاضي ذلك الطلب، وفي 17 أبريل/نيسان، قام محامو وزارة العدل بتقديم أوراق عمل قالوا فيها إنهم خططوا لتسليم الرجل، مع ذكر السعودية.

سابقة تاريخية

ويعد «دو» ثالث مواطن أمريكي يحتجزه الجيش الأمريكي منذ 11 سبتمبر/أيلول، وفقا لما ذكره «فلاديك»، خبير قانون الأمن القومى.

وسبق وأن نقلت الحكومة «خوسيه باديلا» إلى نظام القضاء المدني، وحكم عليه في عام 2007 بالسجن لأكثر من 20 عاما، بسبب دعمه لتنظيم القاعدة.

وقد وافق مواطن أمريكي آخر، وهو «ياسر حمدي»، على صفقة للانتقال إلى السعودية عام 2004، بعد أن قضى 3 أعوام في الحبس العسكري بزعم القتال مع طالبان.

وإذا نجحت إدارة «ترامب» في مسعاها، فإن «جون دو» سيكون أول مواطن أمريكي في التاريخ الحديث يتم إرساله إلى الخارج بدون محاكمة.

وقال «لي كوفمان»: «هناك الكثير من الناس على معرفة بتسليم المجرمين. لكن من غرابة هذه القضية، لم يتهم أحد وكيلنا بجريمة».

وقال «فلاديك» إن الحجة القانونية للإدارة الأمريكية قد تضع «سابقة خطيرة»، لأن الحكومة يمكنها بسهولة بعد ذلك أن تستخدم نفس المنطق مع أي مواطن أمريكي تعتقد أنه يدعم الإرهاب، ويعني ذلك أن الحكومة قد تعتمد على تسليم المجرمين كتكتيك مع المشتبه في أنهم إرهابيون ويحملون جنسية مزدوجة، لتجنب المحاكم المدنية.

وفي كلتا الحالتين، تخبر القضية الكثير عن الكيفية التي تريد بها الإدارة شن حربها ضد «الدولة الإسلامية» والإرهاب على نطاق أوسع.

ويبدو أن مسؤولي «ترامب» مستعدون للقيام بكل ما يلزم للتخلص من الأشخاص الذين يعتقدون أنهم إرهابيون، حتى على حساب تسهيل قيام الإدارات المستقبلية بعمل شيء لم يكن من الممكن التفكير فيه في يوم من الأيام.

المصدر | موقع فوكس الأمريكي

  كلمات مفتاحية

جون دو دونالد ترامب السعودية داعش العراق البنتاغون

الإفراج عن سوداني معتقل بأمريكا منذ 22 عاما وترحيله للخرطوم