«القسوة أو الخروج».. وصية «برنارد لويس» للغرب للتعامل مع العرب

الأحد 20 مايو 2018 07:05 ص

«كان أكثر المثقفين تأثيرا فيما يتعلق بإدارة النزاع بين الإسلام الراديكالي والغرب.. وكأن هنري كيسنغر يرجع له».. هكذا تحدث السياسي الأمريكي «ريتشارد بيرل»، عن المؤرخ والباحث البارز في تاريخ الشرق الأوسط البريطاني «برنارد لويس»، الذي توفي الأحد، عن عمر يناهز 101 عام.

«لويس»، وصل تأثيره إلى قمة صناعة القرار السياسي في أمريكا، فبعد هجمات سبتمبر/أيلول 2001، شوهد الرئيس السابق «بوش» يحمل مقالاته التي من الواضح أن مستشارته للأمن القومي «كوندوليزا رايس» أمدته بها.

وكانت رسالة «لويس» السياسية، لأمريكا بشأن الشرق الأوسط عام 2001، بسيطة وهي «القسوة أو الخروج»، محذرا من أن المفجر الانتحاري قد يصبح رمزا للمنطقة بأسرها التي تغرق في الكراهية والغضب والقمع والفقر.

وأطلق البعض على رسالته اسم «مذهب لويس»، وعرفت صحيفة «وول ستريت جورنال» نظريته بـ«زرع الديمقراطية في دول الشرق الأوسط الفاشلة للتصدي للإرهاب».

وكان «لويس» يدعو لاستخدام الحد الأدنى من القوة الغربية لأقل وقت، لبث الحياة في المؤسسات السياسية في الشرق الأوسط، بداية بالعراق الذي يتوفر به الثروة النفطية، وطبقة متوسطة كبيرة، وماضي عريق، ومجتمع علماني، وبالتالي فـ«إن للديمقراطية فرصة للتجذر هناك أكثر من أي مكان آخر في العالم الإسلامي».

وكانت هذه رسالته إلى البيت الأبيض لدى دعوته لإلقاء خطاب في العاملين بمقر الرئاسة الأمريكية عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، حيث تحدث عن شعور «القاعدة» بالدونية والكراهية تجاه الغرب الناجم عن ثلاثة قرون من التراجع الإسلامي والعربي ثقافيا وعسكريا وتكنولوجيا منذ فشل العثمانيين في الاستيلاء على فيينا عام 1683.

ولم يلق اللوم قط على أمريكا، حيث قال في حديث إذاعي: «لا يمكن أن تكون غنيا وقويا وناجحا ومحبوبا، وخاصة من جانب أولئك الذين يفتقدون للقوة والثراء والنجاح، لذلك فإن الكراهية شيء بديهي.. والسؤال يجب أن يكون هو لماذا لا يحبوننا أو يحترموننا؟».

وأثارت آراؤه غضب العديد من الأكاديميين في بريطانيا وأوروبا، فرغم أنه يجيد بطلاقة العربية والفارسية والتركية والفرنسية والألمانية، وإصداره 11 جزءا في كامبريدج عن تاريخ الإسلام وخبرته التي تمتد لعقود في هذا المجال، وكونه كبير محرري «إنسكلوبيديا الإسلام» على مدار 31 عاما، فإن البعض انتقده على خلفية وصف المنظر الفلسطيني «إدوارد سعيد» له بأنه «مستشرق من الطراز القديم ليست لديه مشاعر تجاه دول المنطقة باستثناء تركيا».

ومن آرائه التي أثارت السخط موقفه من التدخل في العراق، ونفى «لويس» تأييده لغزو العراق، قائلا إنه «كان يدعو إلى تقديم مساعدات أكبر إلى الأكراد المتحالفين مع الغرب في شمال العراق كقوة موازية لنظام بغداد».

كما ينكر «مذابح الأرمن»، حيث رفض تسمية ما حدث بالمجزرة واعتبارها «أعمال مؤسفة أودت بحياة أتراك وأرمن على حد سواء»، وأدى موقفه هذا إلى محاكمته في فرنسا.

وعرف عنه أيضا انتقاداته للفكر الوهابي وتمويل السعودية له وثقافة تبعية المرأة، كما اشتهر بأنه مخطط مشروع «سايكس بيكو 2»، لتقسيم الدول العربية.

وكان كتابه «أزمة الإسلام» من أكثر الكتب مبيعا، وفيه يشير إلى أن الإسلام يفتقر إلى النقد التاريخي للنصوص الدينية كما حصل في المسيحية الغربية، حسب قوله.

ونشر «لويس»، أكثر من 30 مؤلفا ومئات المقالات والمحاضرات بأكثر من 10 لغات، تحدث معظمها عن خطوط ومعالم الشرق الأوسط الجديد، كالانقسامات الطائفية وصعود «الإسلام الراديكالي» و«الديكتاتورية الراسخة» المدعومة نسبيا من الغرب.

ولد «لويس» لأسرة يهودية من الطبقة الوسطى في لندن، في مايو/أيار 1916 واجتذبته اللغات والتاريخ منذ سن مبكرة، اكتشف عندما كان شابا اهتمامه باللغه العبرية ثم انتقل إلى دراسة الآرامية والعربية، ثم بعد ذلك اللاتينية واليونانية والفارسية والتركية.

وتخرج عام 1936 في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية (SOAS)، في جامعة لندن، في التاريخ مع تخصص في الشرق الأدنى والأوسط، حصل على الدكتوراه بعد ثلاث سنوات، من كلية الدراسات الشرقية والأفريقية متخصصا في تاريخ الإسلام.

وقال إنه أراد عام 1938 أن يصبح مؤرخا لأنه أراد رؤية التاريخ من الجانب الآخر.

واكتسب المؤرخ اليهودي الأصل مكانة بين الساسة، بدءا من (إسرائيل) حيث استضافته رئيسة وزراء دولة الاحتلال «جولدا مائير»، ومرورا باهتمام المخابرات البريطانية به، واستقبال البابا «يوحنا بولس الثاني»، انتهاء باستقطاب ساسة واشنطن له حينما انتقل إلى الولايات المتحدة للتدريس في جامعة «برنستون» عام 1974.

وبعد عقود طويلة قضاها في الظل مؤثرا على الأحداث بهدوء وجد نفسه في السنوات الأخيرة من حياته على الجانب الآخر.. في الضوء.

  كلمات مفتاحية

برنارد لويس الشرق الأوسط العرب الغرب هجمات 11 سبتمبر

وفاة «برنارد لويس» مخطط مشروع تقسيم الدول العربية