أوروبا تلمح: «حرب الغاز» وراء انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي

الخميس 24 مايو 2018 02:05 ص

ألمح مسؤول أوروبي مطلع على ملف العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، أن الاتحاد الأوروبي يشتبه في أن الولايات المتحدة تسعى إلى تجميد استغلال احتياطات غاز إيرانية ضخمة عبر فرض عقوبات على إيران في إطار الملف النووي.

وتأتي المساعي الأمريكية بهدف زيادة إنتاجها الخاص الذي يشهد ازدهارا مع الغاز الصخري.

وأكد المسؤول الأوروبي الذي رفض الكشف عن اسمه أن «العقوبات الأمريكية ستشمل صادرات النفط والغاز الإيرانية الموجهة الى أوروبا»، وفق تصريحاته لوكالة «فرانس برس».

وأضاف قائلا: «إنها بشكل واضح محاولة جديدة للحد من مصدر إمداد مختلف لكي يمكن إيصال الغاز الطبيعي المسال الأمريكي إلى أوروبا بشكل أسهل وبدون منافسة».

وعبر مدير مركز الطاقة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، «مارك أنطوان آيل مازيغا»، عن عدم «اعتقاده أن ذلك هو الهدف الرئيسي للعقوبات ضد إيران»، لكنه استدرك قائلا: «لكن ذلك بالطبع من الآثار التي ستسببها».

وتوقع أنه «من الواضح ان الاستثمارات المرتقبة لن تحصل، لا أعرف من كبريات الشركات الدولية سيجازف بذلك»، وفق تصريحاته الهاتفية لـ«فرانس برس».

وكانت واشنطن أعلنت متجاهلة تحذيرات الأوروبيين، عن إعادة فرض العقوبات التي رفعت بموجب الاتفاق المتعدد الأطراف المبرم عام 2015، على إيران مقابل تعهدها بتجميد برنامجها النووي.

وتهدد الولايات المتحدة طهران بالعقوبات «الأقوى في التاريخ» إذا رفض الإيرانيون شروطهم لإبرام «اتفاق جديد» يشمل برنامج إيران للصواريخ الباليستية.

وحذر وزير الخارجية الأمريكي، «مايك بومبيو»، من أن الشركات الأوروبية التي ستواصل التعامل مع إيران في قطاعات محظورة بموجب هذه العقوبات، «ستتحمل مسؤولية» ذلك.

الإعلان عن احتمال انسحاب مجموعة النفط العملاقة توتال من إيران وعدة شركات أوروبية أخرى كانت في صلب محادثات أجراها في الآونة الأخيرة في طهران مفوض الطاقة الأوروبي «ميغيل أرياس كانتي».

وقال «كانتي» في ختام سلسلة لقاءات أجراءها مع نائب الرئيس الإيراني «علي صالحي» ووزير الخارجية «محمد جواد ظريف» ووزيري النفط والطاقة أن «الإيرانيين يشكون في قدرة الأوروبيين على عدم الانصياع للمصالح الامريكية».

وقد أطلقت الولايات المتحدة إستراتيجية البحث عن أسواق لبيع غازها الطبيعي، وصدرت 17.2 مليار متر مكعب عام 2017 نحو موانئ الاتحاد الأوروبي.

وبحسب مركز الدراسات «إي إتش إس ماركيت» فإن «القدرة الإجمالية لاستيراد الغاز الطبيعي لدى أوروبا ستزيد بنسبة 20% بحلول العام 2020».

وتستورد دول الاتحاد الأوروبي سنويا ثلثي احتياجاتها للاستهلاك (66%).

وفي العام 2017 شكل ذلك 360 مليار متر مكعب من الغاز بينها 55 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال بقيمة 75 مليار يورو بحسب الإحصاءات الأوروبية.

وحتى الآن، نصف الغاز الذي تشتريه أوروبا، روسي لكن الأوروبيين يسعون إلى كسر هذا الاعتماد على روسيا.

وقال «كانتي» إن «الاحتياطي الإيراني هائل وإذا طورت إيران منشآت مناسبة فيمكن أن تتيح لهذا البلد أن يصبح مزودًا كبيرًا لأوروبا».

وتملك طهران أكبر احتياطي غاز في العالم بعد روسيا خصوصا مع حقل الاوفشور فارس الجنوبي، ويقدر بنحو 191 تريليون متر مكعب.

وصدرت البلاد 10 مليارات متر مكعب عام 2017 عبر أنبوب الغاز نحو تركيا والعراق، لكن الحل للمستقبل سيكون الغاز الطبيعي المسال، كما يؤكد المسؤولون الأوروبيون.

وقدر وزير النفط الإيراني بيجان نمدار زنقانة احتياجات الاستثمار بنحو مئتي مليار دولار على خمس سنوات، وساهم قطاع الطاقة بحوالي 50 مليار دولار من عائدات الدولة عام 2017 بحسب المعطيات الأوروبية.

لكن الاتحاد الأوروبي ليس الجهة الوحيدة المستهدفة من قبل واشنطن، إذ كشف المسؤول الأوروبي أن «المنافس المستهدف الآخر هو روسيا مع مشروعها الرائد نورد ستريم 2».

ويهدف هذا المشروع إلى مضاعفة قدرات أنبوبي الغاز «نورد ستريم1» بحلول 2019 وإفساح المجال أمام وصول المزيد من الغاز الروسي بشكل مباشر إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق وبالتالي بدون المرور عبر أوكرانيا.

ويطالب الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» بالتخلي عنه، وجعل منه ورقة تفاوض لإعفاء الأوروبيين من الرسوم على الفولاذ والألمنيوم بحسب مصادر أوروبية مقربة من الملف.

وتدافع المستشارة الألمانية «أنغيلا ميركل» بشدة عن مشروع أنبوب الغاز الإستراتيجي، وسبق أن قال مصدر حكومي ألماني: «في الوقت الراهن، الغاز الطبيعي المسال الأمريكي أغلي من الغاز الروسي، لدينا سوق حرة، والغاز الطبيعي المسال يجب أن يكون موضع تنافس».

لكن مشروع «نورد ستريم 2» لا يساعد على تنويع مصادر الطاقة الذي تسعى إليه أوروبا كما أقر من جهته المفوض «كانتي».

وقال متوجها الى الولايات المتحدة إن «أوروبا تريد تطوير إستراتيجية غاز مسال بهدف ضمان أمن الطاقة لديها، وإيران تشكل مصدر إمداد مهما».

المصدر | الخليج الجديد + أ.ف.ب

  كلمات مفتاحية

إيران الاتفاق النووي أمريكا الاتحاد الأوروبي روسيا