جسدها «يوسف شاهين».. هل تمثل سينما المتعة الفكرية ضرورة؟

الجمعة 25 مايو 2018 08:05 ص

في زمن ليس بعيدا، كان المثال السينمائي المُحْتذى به، هو ذاك الذي ينتجه المبدع المنتمي لعميق بالفن السابع، أي الذي مُنح صفة المؤلف بعد تاريخ حافل من الأفلام التعبيرية القوية التي حازت مكانة تنافح ابداعات الأدب والمسرح والتشكيل العالمية.

وفي تحليل نشره «مبارك حسني» أوضح أن ذلك في زمن بات من الصعب فيه للتفريق بين مخرج مثل «إنغمار برغمان» وكاتب مثل «إرنست همنغواي» ومسرحي مثل «برتولد بريخت» ورسام مثل «سلفادور دالي»، ومثلوا جميعا قيمة وإضافة وكشفا على مستوى الإبداع العالمي، بقطع النظر عن التيارات والشكل الفني والمقاربة الفكرية والمنطلق المحدد لما يبدعونه؛ لأن الرابح كان الإنسان المعاصر.

الإشكالية في سينما موازية في العالم الغربي والآسيوي الشرقي البعيد والروسي، تم نعتها بالسينما التجارية، أو سينما الشبابيك، ولها دورها الترفيهي الواجب الحضور كترفيه وكمتنفس، وكان دورها منحصرا في الزمان والمكان؛ وكان لها مرادف في عالمنا العربي حملت لواءه السينما المصرية أساسا لعقود طويلة قبل أن تنحسر.

وطبعا بما أن المجال واحد هو السينما، فقد وقع التأثير والتداخل بين هذين الشكلين الكبيرين العيانيين للسينما في الغرب والشرق الآسيوي والروسي؛ لكن الحدود ظلت واضحة وضوح الشمس بينهما، سينما إبداع وسينما ترفيه، لا اختلاط بينهما.

وأدى كل ما سبق إلى انحسار تام تقريبا لكل ما هو سينما بما هي سينما تحترم نفسها، سينما الشبابيك أو سينما المؤلف، إلا شيئا من الرحمة التي يمنحها اسم في هذا البلد العربي أو ذاك من حين إلى آخر.

فقد تم افتقاد بوصلة المثال السينمائي الحقيقي الذي يجب اتباعه أو الاقتداء به، وتمت إضاعة الطريق الفني الحقيقي الذي سلكه الرواد من أجل سينما تساهم في التنوير والتثقيف والامتاع في آن واحد؛ ذاك الحلم العربي الجميل الذي كسره تكالب الخيبات الذاتية والخارجية وانهيارات القيم المشتركة التي شيدت تاريخا ظنناه واحدا ومساعدا.

في النموذج المغربي دلالات قويه على كلامنا هذا؛ فلقد تأسس في ستينيات القرن الماضي الحلم السينمائي المغربي على النموذج الأوروبي الجميل الرصين المبدع كما تلقى المبدعون مبادئه في معاهد فرنسا وبولندا وروسيا الاشتراكية، على غرار دول عربية أخرى، سينما تحكي وفي نفس الوقت ترفع من قيمة الإنسان المغربي بكل روافده الثقافية المحلية والمشرقية، مع انفتاح متوازن على الغرب الثقافي، وتعكس مكامن الإبداع في مجتمعه ومحيطه من الخليج إلى المحيط مع وجود قضايا مشتركة سياسية وتحديثية بين المغرب ومشرقه القريب.

وفعلا كانت هناك محاولات فيلمية قوية واعدة بالكثير من الألق الإبداعي الذي يجلب المتعة الفكرية بعد الصورية.

وبالتالي فالأفلام الأولى كانت متأثرة بالضرورة بالزخم الفكري والإبداعي الفني المتعدد الذي كان رافدا قويا للسينما؛ فظهر كل من «مومن السميحي»، «أحمد البوعناني»، «محمد الركاب»، «مصطفى الدرقاوي»، «سهيل بنبركة»، و«الجيلالي فرحاتي».

ولكن بعد عقود ثلاثة، آل الأمر إلى ظهور سينما لا علاقة لها بكل هذا المنطلق المشع بصوره وبالفكر الذي يعضده.. كل هذه السينما التي بلا روح ولا أفق ولا دور... سينما لا تستحث المتعة الفكرية بتاتا.... ما يترك في نهاية الأمر مجالا لسؤال لا بد من طرحه في شكل أو آخر: أين وكيف حدث الخلل؟

  كلمات مفتاحية

سينما تعبيرية روافد ثقافية فنون إبداعية خيبات عربية مغربية اضمحلال سينمائي وثقافي خلل

«بنزين» يحظى بجائزة «العمل المتكامل» في مهرجان السينما التونسية

«ابتسم أنت في مصر».. أول فيلم سينمائي مشترك مع روسيا

الفيلم اليوناني «بوليكسيني» يفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان تطوان للسينما