«الجزيرة الإنجليزية»: لماذا يكره «بن زايد» جماعة «الإخوان»؟

الأربعاء 30 مايو 2018 12:05 م

في مارس/آذار 2011، مدعومين بالثورات التي كانت تجتاح المنطقة في ذلك الوقت، قامت مجموعة من 132 مثقفا وناشطا إماراتيا بتقديم التماس إلى الرئيس «خليفة بن زايد آل نهيان» لإجراء إصلاحات في البلاد، وكانوا يدعون إلى أن يتم انتخاب المجلس الوطني للإمارات العربية المتحدة بشكل ديمقراطي، ومنحه صلاحيات تشريعية كاملة.

وبعد أيام، قامت الحكومة التي استلمت الالتماس بنشر المئات من ضباط الشرطة في البحرين، حيث انضموا إلى مجموعة من القوات السعودية لإنهاء انتفاضة في المملكة الصغيرة، وكانت هذه أول إجراءات سعودية إماراتية للحد من «تقدم» الربيع العربي، وتحجيم الأصوات الناقدة التي شككت في حكمهم.

وكان الإماراتيون الذين وقعوا العريضة يمثلون شرائح مختلفة من المجتمع، أطباء ومحامون وقضاة وأكاديميون، وتضمنت القائمة أعضاء في جمعية الإصلاح، وهي حركة اجتماعية مرتبطة أيديولوجيا بجماعة «الإخوان المسلمون».

وكان الرد الحكومي صارما، لاسيما على الإصلاح.

بدأت الاعتقالات في أبريل/نيسان، وسرعان ما توسعت لتشمل معظم الإماراتيين الذين وقعوا العريضة، وتم اتهامهم بتشجيع أيديولوجية «إرهابية» والتآمر للإطاحة بالحكومة.

وبحلول نهاية عام 2011، تم سحب الجنسية من 6 من المتهمين، وتم الحكم على عشرات آخرين بأحكام كبيرة بالسجن.

ووفقا لبرقيات دبلوماسية أمريكية نشرها موقع «ويكيليكس» عامي 2010 و2011، كان ولي عهد الإمارات «محمد بن زايد» يعاني من كراهية طويلة الأمد لجماعة «الإخوان المسلمون»، وكثيرا ما تحدث مع المسؤولين الأمريكيين عن جهوده لاستهداف أعضاء الجماعة داخل المجتمع الإماراتي.

وعلى الرغم من أن حركة الإصلاح قد نفت وجود صلات تنظيمية لها مع جماعة «الإخوان»، إلا أن «بن زايد» وأشقائه كانوا ينظرون إليها بشك.

ولم تكن حملة الحكومة الإماراتية ضد الإصلاح معبرة عن مستوى التهديد الفعلي أو حتى عن شعبية حركة، بل قامت على اعتبار الحكومة، وخاصة «محمد بن زايد»، أن الإسلام السياسي من أي نوع أساس يهدد استقرار الحكومة وأمنها.

ونتيجة لذلك، تتحرك الحركات الإسلامية اليوم إلى حد كبير تحت الأرض، مع حرص الحكومة على الترويج لما يسمى بـ«الإسلام المعتدل» بديلا لهذه الحركات.

وكان للقمع أثر مقلق على المجتمع المدني في الإمارات، وكان مقدمة لتدابير أكثر دراماتيكية لتحدي الحركات السياسية المرتبطة بالإخوان، بما في ذلك دعم الثورة المضادة في أكبر بلد في العالم العربي من حيث عدد السكان، مصر.

ويبدو أن الحصار المفروض على قطر، والذي هو على وشك الدخول في عامه الثاني، يحفزه جزئيا اعتراض أبوظبي على احتضان قطر للأفراد والمؤسسات والحكومات التي تبدو داعمة لـ«الإسلام السياسي».

النسخة الثانية من الثورة

وفي الانتخابات التي أعقبت الربيع العربي، نجح عدد من الأحزاب المرتبطة بالإخوان (بدرجات متفاوتة) في صناديق الاقتراع، بما في ذلك حركة النهضة في تونس، وحزب الحرية والعدالة في مصر، وحزب العدالة والتنمية في المغرب، وجبهة العمل الإسلامي في الأردن، والحركة الدستورية الإسلامية في الكويت.

وعندما تم تنظيم انقلاب عسكري عام 2013 للإطاحة بالرئيس المنتخب لأول مرة في مصر «محمد مرسي»، أيدته الإمارات والسعودية، واختاروا بزعمهم «الاستقرار» على التغيير الديمقراطي.

وقد عمل «بن زايد» بشكل وثيق مع ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» في الرياض لمحاولة تقديم جبهة موحدة، ليس فقط في قضية قطر، ولكن في اليمن أيضا.

تسييس «الإرهاب»

وكانت هناك علامات على حدوث نزاع بين أبوظبي والدوحة، قبل أعوام من الربيع العربي.

وتذكر التسريبات الدبلوماسية المرسلة من السفارة الأمريكية في أبوظبي بين عامي 2004 و2010 عشرات الاجتماعات بين «محمد بن زايد» والمسؤولين الأمريكيين، حيث ناقشوا مواضيع حساسة سياسيا لم يتم مناقشتها علنا.

ولاحظ المسؤولون الأمريكيون كيف يستخدم «بن زايد» بشكل عام مصطلح «الإخوان المسلمون» في الإشارة لكل الإسلاميين، بدءا من الجماعات المسلحة مثل «القاعدة»، إلى الحركات الشعبية التي تشارك في الانتخابات الديمقراطية في جميع أنحاء المنطقة.

وبحلول عام 2014، كان تعريفه الواسع لـ«المتطرفين» مقبولا على نطاق واسع، بعد أن صنفت السعودية جماعة الإخوان بأنها منظمة إرهابية.

وقد حذت دولة الإمارات حذوها، وسنت تشريعا يفتح الطريق أمام مقاضاة أولئك الذين يعبرون عن معارضة سلمية للحكومة بـ«الإرهاب».

وأدانت «هيومن رايتس ووتش» الحكومة بإقرار مثل هذا «القانون المتطرف العنيف» في ذلك الوقت، بينما زعمت الإمارات أنها «حليف رئيسي في الحرب ضد التطرف العنيف».

ولقد شعرنا بمزيد من الصدمة في ذلك العام عندما أطلقت الإمارات قائمة الإرهاب الخاصة بها؛ حيث جمعت تنظيم «الدولة الإسلامية» وتنظيم «القاعدة» بمنظمات غير عنيفة مقرها في الولايات المتحدة وأوروبا.

وفي ذلك الوقت، قال وزير الخارجية «عبدالله بن زايد» لوسائل الإعلام الأمريكية إن «عتبة أبوظبي بالنسبة للمتطرفين منخفضة للغاية»، الأمر الذي أكسبه إشادة من النقاد اليمينيين، بعد الذهاب إلى أبعد من القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية الأجنبية.

ومنذ بداية الأزمة الخليجة قبل عام، رفضت الأمم المتحدة إضافة قائمة الإمارات إلى القائمة العالمية للإرهاب، وقد رفضتها أيضا وزارة الخارجية في إدارة «دونالد ترامب».

المصدر | أندرو شابل - الجزيرة الإنجليزية

  كلمات مفتاحية

الإخوان المسلمين محمد بن زايد محمد بن سلمان جمعية الإصلاح الإمارات

للسنة الرابعة على التوالي.. الجزيرة الإنجليزية تتوج بجائزة قناة العام