قطر تتجاوز آثار الحصار وتحافظ على نمو اقتصادها

الأحد 3 يونيو 2018 11:06 ص

أكد خبراء أن قطر لم تنج في مواجهة تداعيات الحصار المفروض عليها منذ 5 يونيو/حزيران 2017 فحسب، بل تجاوزت ذلك إلى إكساب اقتصادها قوة ومناعة كبيرتين، وباتت البلاد أكثر اعتمادا على الذات من ذي قبل.

وتمكنت قطر من تخفيف الآثار الناجمة عن الحصار الذي تتعرض له من قبل الرباعي العربي (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، وحافظت على نمو اقتصادي مضطرد، لكن بعض القطاعات لا تزال تدفع رغم ذلك ثمن الأزمة المستمرة التي تدخل عامها الثاني.

وبحسب محللين وتقارير، لجأت قطر الغنية بالغاز مع اندلاع الأزمة، إلى استغلال ثروتها الضخمة من أجل استيعاب موجة التأثيرات الأولى في القطاع المالي، وتأمين إمدادات الغذاء والطرق البحرية والموانئ.

وقطعت الدول الأربع علاقتها بقطر وفرضت عليها حظرا جويا وبحريا، واتهمتها بدعم تنظيمات متطرفة في المنطقة، وهو ما نفته الدوحة.

وسعت تلك الدول إلى فرص حصار على الاقتصاد القطري في محاولة لدفع الدوحة نحو الموافقة على شروط وضعتها هذه الدول لإعادة العلاقات معها وإنهاء الحصار، لكن آثار الأزمة تخطت حدود قطر ووصلت إلى الدول المحاصرة أيضا، خصوصا الخليجية، في وقت تشهد اقتصادات الخليج بشكل عام صعوبات جمة جراء تراجع أسعار النفط.

ووضعت الأزمة «مجلس التعاون الخليجي» الذي يضم قطر والدول الخليجية الثلاث إضافة إلى سلطنة عمان والكويت اللتين فضلتا عدم اتخاذ موقف مؤيد لأي من الطرفين، في مهب الريح.

وقالت مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس» في تقرير نشرته في مايو/آيار الماضي أن الأرقام الأخيرة الصادرة في قطر تظهر أن «أخطر آثار الحصار على الاقتصاد (...) انتهت».

وضخت الدوحة عشرات مليارات الدولارات بعد انخفاض الودائع المصرفية في بداية الأزمة، ونجحت في إعادة القطاع المصرفي إلى وضعه الطبيعي.

وذكر تقرير صادر عن «صندوق النقد الدولي»، الأسبوع الماضي، أن النمو المتوقع يبقى في وضع مرن، مضيفا أن الأثر الاقتصادي المالي المباشر للأزمة (...) كان قيد التحكم.

ورغم تراجع مداخيل النفط، حققت قطر نموا بنسبة 2.1% في 2017، كما كان عليه الحال في العام الذي سبق، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العام إلى 2.6%، وفقا لـ«صندوق النقد».

ونقلت وكالة «فرانس برس» عن المحلل في معهد «كينغز كولدج» في لندن «أندرياس كريغ»، إن اقتصاد قطر عانى على عدة جبهات إذ إن الوسائل اللوجستية لمواجهته أكثر تكلفة على المدى القصير، لكنه أوضح أن قطر نجحت في تحويل هذه الأزمة إلى فرصة.

وعملت دولة قطر على احتواء الأزمة بالسرعة المطلوبة خاصة ما تعلق بتوفير الاحتياجات الضرورية وضمان استقرار الاقتصاد في مواجهة أي هزة، والاستمرار في توسيع القاعدة الإنتاجية لقطاع النفط والغاز وجذب الاستثمارات الخارجية.

استراتيجية تنويع الاقتصاد

وشكلت خطة تنويع الاقتصاد حجر الأساس في استراتيجية قطر لمواجهة آثار الحصار، ومن بين أعمدة هذه الخطة افتتاح ميناء حمد لتعزيز قطاع خدمة التجارة وتسهيل الاستيراد والتصدير، بعيدا عن منطقة جبل علي في دبي.

كما حافظت قطر على المشاريع المرتبطة باستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022 والتي تقدر بمئات مليارات الدولارات، من دون أن تتأثر بتبعات الخلاف.

وبحسب «كريغ»، واصلت الدوحة تصدير الغاز والنفط من دون انقطاع، حيث تشكل الطاقة شريان الحياة الرئيسي لقطر، إحدى أغنى دول العالم.

وقامت قطر التي تضم «العديد»، أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط، بتوقيع صفقات شراء أسلحة بعشرات مليارات الدولارات من الولايات المتحدة وأوروبا منذ بداية الأزمة.

ورغم أن قطاع السياحة فيها تعرض لخسائر، لكن قطر حققت نجاحا اقتصاديا بشكل عام بمساعدة تركيا وإيران وسلطنة عمان، حسبما يقول «كريغ».

ووفقا لمؤسسة «كابيتال إيكونوميكس»، تراجعت أعداد زوار قطر بنحو 20%، وانخفضت الرحلات إلى الدوحة بمعدل 25% ورحلات الخطوط القطرية بنحو 20%.

وقالت المؤسسة إن خسائر قطاع السياحة تقدر بنحو 600 مليون دولار، بينما تراجعت أسعار العقارات بنسبة 10%.

وقال رئيس الأبحاث في مركز الكويت المالي «مانداغولاثور راغو»، إن مركزه يقدر خسائر الخطوط الجوية القطرية بنحو 3 مليارات دولار.

في المقابل، عانت إمارة دبي خصوصا من خسائر بمليارات الدولارات بعدما منعت الشركات القطرية من العمل فيها، وفقدت استثمارات قطرية في قطاع العقارات تقدر بمئات ملايين الدولارات، بينما خسرت السعودية والإمارات عائدات تجارة المواد الغذائية مع قطر.

ورأى «راغو» أن المشاريع التي تتطلب تنسيقا داخل «مجلس التعاون الخليجي» قد تتأجل إلى أجل غير مسمى.

ورغم محاولات دول الحصار التأثير على القطاع المصرفي والمالي لقطر، والتلاعب بالعملة المحلية، فإن هذه المحاولات باءت بالفشل باعتراف «صندوق النقد الدولي» الذي قال إن القطاع المصرفي القطري تجاوز الآثار السلبية للحصار المفروض على الدوحة.

وزادت الأصول البنكية بقطر لتبلغ 1.4 تريليون ريال (379 مليار دولار) بنهاية شهر فبراير/شباط الماضي، بارتفاع سنوي بلغ 9%.

واستطاعت قطر التغلب على الحصار بفضل عوامل من بينها ثروة قدرت بـ350 مليار دولار في صورة احتياطات البنك المركزي وأصول جهاز قطر للاستثمار.

وعلى صعيد البورصة القطرية فقد استطاعت جذب أكثر من 100 صندوق خارجي بعد الحصار، وفق تصريحات سابقة للرئيس التنفيذي للبورصة «راشد المنصوري».

كما شهدت سوق الأسهم توسيع نسب تملك الأجانب في الشركات المدرجة إلى 49%، وقد تزامن ذلك مع إطلاق قطر سلسلة تشريعات لجذب الاستثمارات الخارجية.

  كلمات مفتاحية

السعودية الإمارات البحرين قطر الكويت عمان مجلس التعاون الخليجي حصار

بعد عام من الحصار.. قطر تحقق الاكتفاء الذاتي

ارتفاع أصول قطر الاحتياطية 5% في أبريل

«وضاح خنفر»: قطر «الرابح الوحيد» في الأزمة الخليجية