عودة «بندر» و«خالد» ... الملك «عبدالله» يستكمل تهميش ولي العهد

الثلاثاء 8 يوليو 2014 01:07 ص

سايمون هندرسون، فورين بوليسي 7/7/2014 - ترجمة: الخليج الجديد

كسرت المناورات السياسية المكثفة داخل العائلة المالكة هدوء شهر رمضان المعتاد في السعودية هذا العام. تقتصر عادة ساعات العمل الرسمية في الشهر المقدس على ست ساعات فقط يوميا، ولكن الأمراء الرئيسيين في آل سعود يعملون ليل نهار.

في 1 يوليو وبعد منتصف الليل بالتوقيت المحلي، أعلنت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) "أمرًا ملكيًا" بتعيين الأمير «بندر بن سلطان» – السفير السعودي السابق لدى واشنطون لفترة طويلة ومدير المخابرات لاحقا- كمبعوث خاص للملك عبد الله. وبعد أربع دقائق، أعلنت وكالة الأنباء السعودية خبرًا أخر بتعيين ابن عم بندر، الأمير «خالد بن بندر»، رئيسًا للمخابرات السعودية.

التعيينات لها أهمية محلية ودولية على حد سواء، حيث تسبب غزو تنظيم ​​الدولة الإسلامية للكثير من المناطق في العراق في أن تكون الحدود السعودية عرضة لفوضى ما تبقى من "الربيع العربي". لذا أصبحت هناك حاجة الآن لبندر بن سلطان، الذي تم استبداله كرئيس للمخابرات في أبريل بعد أن أمضى عدة سنوات يقود المحاولات السعودية لاسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، للتأكد من أن نجاحات الجهاديين في العراق تهدد رئيس الوزراء نوري المالكي دون تهديد المملكة.

في الداخل، جاء صعود «خالد بن بندر» لأعلى منصب في جهاز المخابرات في البلاد بعد أن أصبح ضحية لعداء عام بصورة مستغربة داخل العائلة المالكة التي شهدت إقالته من منصب نائب وزير الدفاع بعد ستة أسابيع فقط من تعيينه.  

 

خروج الأمير «خالد» من الوزارة التي على ما يبدو مفككة جعله رابع نائب وزير للدفاع يفقد تلك الوظيفة في مدة 15 شهرا. ومثل أسلافه، يبدو أنه اختلف مع ابن عمه الأصغر، «محمد بن سلمان»، 30 عاما ابن الأمير «سلمان»، وزير الدفاع وولي العهد. وتفيد تقارير على نطاق واسع بأن الأمير «سلمان»، الذي سيحتفل بعيد ميلاده الـ 78 هذا العام، يعاني من مرض الخرف مما يجعله غير قادر شخصيا على إدارة وزارة الدفاع.

بزغ نجم «محمد بن سلمان» فجأة وبدون سابق انذار، نسبيا. وفي حين أن اللاعبين الرئيسيين في الأسرة الحاكمة هم دون مستوى الملك «عبد الله» وغيره من أبناء الراحل «عبد العزيز»، تكمن عظمة «محمد» وربما قوته الوحيدة في أنه محبوب وموثوق به من قبل والده. ابتدأ كمجرد مستشار، وتم تعيينه كرئيس لديوان ولي العهد في العام الماضي ثم تم تعزيزه بشكل أكبر هذا العام من خلال تعيينه كوزير للدولة، وهو ما يعطيه الحق في مقعد في الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء. وهو الابن البكر لزوجة الأمير سلمان الثالثة، أخويه الأكبر سنا وزير السياحة ورائد الفضاء الأمير «سلطان بن سلمان» ونائب وزير النفط الأمير «عبدالعزيز بن سلمان» لا يُرون في كثير من الأحيان إلى جانب والدهم.

وإن لم يكن الأمير «محمد بن سلمان» رسميا جزءا من وزارة الدفاع، يستخدم محمد دوره كحارس البوابة لوالده للسيطرة على صناعة القرار في جيش المملكة والقوات الجوية والقوات البحرية، والتصدي للقائمة الطويلة الآن من النواب السابقين لوزراء الدفاع.

الإجراء الفوري للملك «عبد الله» بترقية الأمير «خالد» إلى رئيس المخابرات بعد يومين فقط من إجباره على الاستقالة من وزارة الدفاع تشير إلى أن الملك قد تصرف بشكل حاسم لاستعادة النظام داخل حكومته. "السرعة" فيما يتعلق بالسعودية هي مفهوم نسبي - وخاصة خلال شهر رمضان - ولكن، على الأقل، يبدو من غير المرجح أن يقوم الملك «عبد الله» بتعيين نائب أخر لوزير الدفاع في ظل الظروف الراهنة ومن غير المرجح أيضا أن يسمح كذلك لولي العهد الأمير «سلمان» للضغط أيضا لترشيح ابنه، محمد، لهذا الدور.

توفر الأزمة أيضا فرصة لعبد الله لاستكمال تهميش الأمير «سلمان»، وقد بدأ ذلك في أوائل عام 2013، عندما عين الملك أخيه غير الشقيق الأمير «مقرن» نائبا ثانيا لرئيس الوزراء، وهو اللقب الذي يسمح له برئاسة اجتماعات مجلس الوزراء في غياب الملك أو ولي العهد. ثم في مارس من هذا العام، منح الملك عبد الله الأمير «مقرن» لقبًا جديدًا بأن جعله نائبًا لولي العهد، ووضعه بذلك على الطريق ليكون ملكا عندما يموت كل من «عبد الله» و«سلمان» أو حال عجزهما.

حاول الملك تأمين هذا القرار من خلال إجبار كبار الأمراء على إعطاء يمين الولاء مسبقا لمقرن. الأغلبية - وإن لم يكن الجميع، إلى حد كبير - فعلت ذلك. كيف سيكون مصير مثل هذا الإلتزام في الممارسة العملية هي مسألة تكهنات: إذا مات «عبد الله» أولا، فمن المرجح أن يضغط أنصار «سلمان» من أجل اعلان وليا للعهد خاص به، وتجاهل مطالبة «مقرن» بهذا المنصب.

وبإمكان «عبد الله» أن يأخذ خطوة محفوفة بالمخاطر مستدلا بعدم قدرة «سلمان» على السيطرة على الاضطرابات في وزارة الدفاع وتكليف لجنة طبية بالمصادقة على عدم كفاءته العقلية، وإعطاء الملك الفرصة للترويج لـ«مقرن» وليا للعهد.

وفي وجود التهديدات التي تجتاح جميع أنحاء الشرق الأوسط، فهذا ليس وقتا للمماطلة بالنسبة للملك «عبد الله». يتحدى إعلان الدولة الإسلامية للخلافة الدور الذي نصبه «آل سعود» لأنفسهم باعتبار المملكة زعيمة العالم الإسلامي، في حين أن تملق طهران لواشنطن حول العراق وكذلك القضية النووية يهددان بتقويض القيادة السعودية في العالم العربي كذلك. خارج حدود المملكة، يتطلع «عبد الله» إلى الأمير «بندر» والأمير «خالد» لمواجهة هذه التهديدات، ولكن في الداخل، سيكون الملك هو نفسه اللاعب الرئيسي. رمضان الحالي قد يكون وقتا لقدر غير عادي من العمل في أروقة قصور الرياض وجدة. 

  كلمات مفتاحية

«ساينس مونيتور»: صراع الأجيال يهدد بشل دور الرياض الإقليمي والدولي