علماء تونسيون: اللجنة الرئاسية للمساواة تنشر الإباحية

السبت 30 يونيو 2018 06:06 ص

هاجم علماء تونسيون، اللجنة الرئاسية المكلفة بتفعيل المساواة بين الجنسين، متهمين إياها بنشر «الفاحشة».

وكانت لجنة الحريات الفردية والمساواة، التي شكّلها الرئيس التونسي «الباجي قائد السبسي» في وقت سابق وترأسها البرلمانية «بشرى بالحاج حميدة»، قدمت قبل أيام تقريرها النهائي له ويتضمن عدداً من النقاط المثيرة للجدل أبرزها، المساواة التامة بين الرجال والنساء وبين جميع الأطفال بمن فيهم المولودون خارج إطار الزواج، وفضلاً عن إلغاء تجريم المثلية وإسقاط عقوبة الإعدام وتجريم التمييز ورفع القيود الدينية على الحقوق المدنية.

وقال علماء ومشايخ جامعة الزيتونة في بيان لهم، إن اللجنة تعمل على «نشر الإباحية والفاحشة وتغذية الإرهاب وضرب استقرار المجتمع».

واعتبروا أن التقرير الذي أصدرته اللجنة يناقض بشكل «صريح» ما ورد في القرآن والسنّة النبوية و«ما انعقد عليه إجماع الأمة» وخاصة في ما يتعلق بتحريم الزنا والمثلية وأحكام الميراث والنسبة والنفقة والعدة والمهر، فضلا عن تعارضه مع هوية الشعب التونسي المسلم ومحاولة التعدي على قيمه الروحية والأخلاقية».

وقال البيان إن التقرير يؤدي إلى «مخالفة الفطرة الإنسانية السليمة وهدم الأسرة والإضرار بالمرأة والأبناء بالخصوص وتهديد سلم المجتمع وانسجامه وزعزعة الأمن القومي والسيادة الوطنية، وذلك بتكريس الفردانية ونشر الإباحية وإشاعة الفاحشة وتغذية الإرهاب مما يؤول إلى تعاظم الاحتقان الشعبي وضرب وحدة المجتمع والدولة، والإساءة إلى تونس في انتمائها العربي والإسلامي وفي فضائها المغاربي والإقليمي».
 

ردود فعل
 

وأثار البيان ردود فعل متفاوتة في تونس خاصة من أنصار التيار الحداثي الذين حذروا من تبعاته على سلامة أعضاء اللجنة.

واعتبر الباحث «سامي براهم»، أن «بيان أهل الزيتونة يؤكّد أنّ مجرّد تصدير التقرير المثير للجدل بديباجة إنشائيّة عن المقاصد ومراعاة المصلحة وتغيّر الأحكام بتغيّر الزّمان مع توظيف انتقائيّ للمفاهيم والنّصوص واستعمال تبسيطيّ لآليّة القياس من دون اعتبار لاختلاف السياقات والملابسات والعلل، لا يمكن أن ينتج رؤية اجتهاديّة نوعيّة تؤسّس لانتظام اجتماعيّ مختلف بشكل جذريّ عن السّائد».

وقال إن «الاجتهاد الذي يتلاءم مع حاجات الواقع وتطوّراته هو الحوار المعرفي التّراكمي المنهجي المتكافئ بين أهل الضّبط العلمي وسالكي درب المعرفة من الباحثين والمجتهدين في تحصيل العلوم ومناهج الاستقراء والتحليل والاستنباط من مختلف الاختصاصات والمدارس».

وانتقدت الباحثة «رجاء بن سلامة» ما ورد في البيان، قائلة إن علماء الزيتونة «خرجوا لتوّهم من العصر الجليديّ، كأنّهم خرجوا من الكهف بعد 300 عام. كأنّهم أُدخلوا في ثلاّجة منذ الاستقلال، فتجمّدوا ثمّ أخرجوا، وعندما عادت إليهم الحياة، قرأوا تقرير الحريات الفرديّة والمساواة وكتبوا عنه بيانا قروسطيّا. ياإلهي: ما زال في القرن 21 من يتحدّث عن انعقاد إجماع الأمة، وأحكام قطعيّة، والفطرة الإنسانيّة السّليمة، وإشاعة الفاحشة، وضلال مبين؟».

وأضافت ساخرة: «سؤال وحيد إلى أساتذة الزيتونة أصحاب البيان المزلزل: إجماع الأمّة المنعقد هل يضمّ الجنّ إضافة إلى الإنس؟ وهل يضمّ الأجنّة في بطون أمهاتهم؟ ومتى انعقد؟ أسئلة لم أستنبطها، ولكنّها توجد في ترسانة نصوص الفقه والفتاوى. نعرف الكتب التي تعرفونها. لكنّنا لم ندخل إلى ثلاّجة تجميد العقل».

وتساءل الباحث «كمال الزغباني»، «كيف تسمح رئاسة جامعة تابعة لوزارة في دولة تقول عن نفسها إنّها ديمقراطيّة بتنظيم ملتقى تعلن فيه صراحة ومنذ البداية أنّه معقود لبيان تهافت تقرير ما أو شيء ما أيّا ما كان، والحال أنّها مؤسّسة أكاديميّة؟ بأيّ مبرّر علمي أو بيداغوجي تنظّم رئاسة الجامعة المذكورة ذلك اليوم الدراسي بالتعاون مع جمعيّة يحمل اسمها في حدّ ذاته تناقضا صارخا «الإعجاز العلمي في القرآن»، في إشارة إلى ملتقى نظمته جامعة الزيتونة مع الجمعية التونسية للإعجار العلمي بعنوان «تعافت تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة».

وأضاف: «بأي حق واستنادا على أيّ تشريع أو عرف جامعي تسمح الجهة المنظّمة لهذا اليوم الدراسي باعتماده ضمن برامج الدكتوراه. أي بإجبار الطلبة الباحثين على تبنّي الموقف الإيديولوجي والسياسي الذي يعلنه بلا مواربة؟ أين الحرّيّات الأكاديميّة؟ أين استقلاليّة الجامعة عن الأحزاب وأنشطتها التعبويّة؟ أين الوزارة؟ أين نقابة التعليم العالي؟ أين المنظّمات الحقوقيّة والمجتمع المدني وكلّ المؤمنين بالحرّية فكرا وممارسة؟ أليست هذه درجة قصوى من الإرهاب السياسي والإيديولوجي التي ينبغي علينا جميعا التصدّي لزحفها المدمّر؟».

وعبرت رئيسة اللجنة الرئاسية، البرلمانية والحقوقية «بشرى بالحاج حميدة» عن شكرها للدولة التونسية التي قالت إنها أمنت حماية أعضاء اللجنة ولكل من تضامن مع اللجنة.

وأضافت «الحب والإنسانية ينتصران حتما على الحقد والكراهية والعنف. ومعركتنا من أجل إنسانيتنا ومن أجل القضاء على التمييز وأسبابه ومن أجل قيمة أساسية وهي الحرية. وحريتي تعني حريتك، معركة جميلة وطويلة وضمان نجاحها يمر عبر الحوار مع الجميع وخاصة مع هؤلاء الذين يتصورون أنهم غير معنيين بهذه الحقوق أو معارضين لها».

وكان عدد من السياسيين والحقوقيين عبروا عن تضامنهم مع أعضاء لجنة الحريات الفردية والمساواة، وطالبوا بمحاكمة عدد من المتشددين الذين دعوا إلى «رجمهم» والاعتداء عليهم بهدف جعلهم «عبرة» لبقية التونسيين.

يذكر أنه، في 13 أغسطس/آب الماضي، قدم «السبسي» خلال خطابه بمناسبة العيد الوطني الـ61 للمرأة التونسية، مبادرة لمساواة الرجل والمرأة في المجالات كافة، بما فيها قضية الميراث.

كما طالب «السبسي» في مبادرته بتغيير مرسوم إداري سابق، يمنع زواج التونسية بأجنبي قبل إشهار إسلامه، ما أدى إلى موجة احتجاجات غاضبة داخل البلاد آنذاك.

  كلمات مفتاحية

تونس علماء الزيتونة المساواة بين الجنسين

«مساواة الإرث» بتونس تثير الجدل.. ومعارضات: «هذا دين جديد»

«السبسي»: المرأة قد تترشح في 2019.. وسنقر المساواة في «الإرث»

أول محجبة في جامعات تونس.. وفاة العالمة الزيتونية هند شلبي