«ذا ناشونال إنترست»: ماذا تعني صفقة «ترامب-بوتين» بشأن سوريا؟

الاثنين 16 يوليو 2018 01:07 ص

بينما يستعد البيت الأبيض لقمة 16 يوليو/تموز، بين الرئيس الأمريكي «ترامب» والرئيس الروسي «بوتين»، ستكون سوريا على قمة جدول الأعمال.

وأشار الرئيس «ترامب» إلى اهتمامه بتقليل الوجود العسكري الأمريكي في الحرب الأهلية الطويلة والمأساوية التي شهدتها البلاد.

وفي المقابل، وفقا للتقارير الصحفية، قد يطلب الرئيس «ترامب» من «بوتين» احتواء النفوذ الإيراني في سوريا، وهو الأمر الكبير بالنظر إلى حجم الوجود الإيراني في البلاد، والدور الحاسم الذي لعبته في المكاسب العسكرية لنظام «الأسد» منذ عام 2015.

ومع إبرام هذا الوعد من قبل «بوتين»، جنبا إلى جنب مع مزيد من التقدم في مكافحة «الدولة الإسلامية» في شرق البلاد، قد يعلن «ترامب» بعد ذلك إنجاز المهمة وسحب الولايات المتحدة من سوريا تماما.

ومن شأن هذا أن يكون خطأ كبيرا لعدة أسباب:

أولا، لقد تخلت روسيا عن الكثير من التزاماتها في سوريا، للدرجة التي تمنع أخذ ضمانات «بوتين» على محمل الجد، فعلى سبيل المثال، كانت روسيا تقصف مواقع المعارضة في جنوب غرب سوريا في الأيام الأخيرة، على الرغم من أنها وقعت اتفاقا لتخفيض التصعيد مع أمريكا والأردن، في حين وعد «بوتين» بعدم القيام بذلك في العام الماضي.

ثانيا، تعد درجة النفوذ الروسي على إيران، أو حتى على نظام «الأسد»، أمرا مشكوكا فيه، وفي الماضي، تجاهلت إيران والنظام الجهود الروسية لإعادة تشكيل المشهد السياسي والدبلوماسي في سوريا، وكان الأبرز في ذلك رفض تصريح «بوتين» الأخير بأن جميع القوات الأجنبية يجب أن تغادر البلاد.

ثالثا، إذا تخلت الولايات المتحدة عن أي دور في سوريا، فإنها ستقوض فقط المصدر الوحيد المتبقي لقدرة الولايات المتحدة على أن تشكل مسار الصراع السوري.

وفي خضم هجوم نظام بربري آخر في جنوب غرب سوريا، والذي يضر بعشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء، فإن تراجع أمريكا إلى الخلف، والتنازل عن المسرح بالكامل للرئيس «بشار الأسد»، سيكون بمثابة انهيار أخلاقي، كما أنه سوف يزرع بذور ظهور نسخة جديدة من «الدولة الإسلامية»، تماما مثلما أدت انتهاكات الشيعة بحق السنة في العراق تحت رئاسة رئيس الوزراء «نوري المالكي» إلى ظهور «الدولة الإسلامية»، والتي كانت النسخة الجديدة من «القاعدة»، في ذلك البلد عام 2013/ 2014.

وقد يأمل المسؤولون الأمريكيون في أن تتمكن العملية الدبلوماسية التي ترعاها الأمم المتحدة في «جنيف» من إنقاذ الوضع من خلال التفاوض على إنهاء تواجد نظام «الأسد» وإقامة حكومة وحدة وطنية جديدة.

لكن هذه القصة تعد قصة خيالية، وليس لدى «الأسد»، الذي يحمل مفاتيح معظم الأوراق العسكرية في سوريا الآن، أي مصلحة في التفاوض على خروجه من السلطة، خاصة لصالح حكومة ذات أغلبية تهيمن عليها السنة، وبالتالي ربما تسعى للانتقام من «الأسد» ورفاقه العلويين.

رابعا، تشير الأعمال الجارية إلى أن الولايات المتحدة لم تعد مهتمة بنتيجة الصراع، الأمر الذي يجعل من الصعب جدا على واشنطن مساعدة (إسرائيل) والأردن وتركيا ولبنان، مع تداعيات نهاية الحرب، ومع عودة أو نقل اللاجئين.

بالإضافة إلى ذلك، سيجعل الواقع الجديد الأمر أكثر صعوبة على الولايات المتحدة للتأثير على شكل من أشكال البنية الأمنية الإقليمية المستقبلية، أو القدرة على تخفيف تأثير الأطراف المعادية في الشرق الأوسط.

ومن المسلم به أنه بعد 7 أعوام ونصف من هذا الصراع المأساوي، لا توجد إجابات جيدة، ومع ذلك، فإن بعض النتائج أقل أهمية بكثير من غيرها.

وعلى سبيل المثال، لا يزال من الواقعي أن تساعد الولايات المتحدة في حماية شركائها الأكراد في شمال شرق البلاد.

وعلاوة على ذلك، يمكن لأمريكا تأمين بعض الحماية المحدودة والاستقلال المؤقت لقوات المعارضة الصديقة، والسكان الذين تمثلهم في أماكن أخرى.

ومن المهم البدء في إعادة الإعمار وعودة اللاجئين في أجزاء من سوريا خارج سيطرة النظام، ومن الممكن أيضا العمل مع الدول الأخرى لمحاولة الضغط على «الأسد» للخروج من السلطة مع مرور الوقت لصالح خليفة أكثر قابلية إلى حد ما.

وستؤدي هذه الخطوات أيضا إلى تقليل احتمالات ظهور نسخة جديدة من «الدولة الإسلامية»، وستحد من نفوذ إيران ونفوذها في البلاد، وتضع على الأقل بعض التوقعات لمعالجة التأثيرات الاستراتيجية الأكبر لانتصار النظام.

ويجب أن تشمل العناصر الأساسية في الاستراتيجية التي تسعى إلى تحقيق الأهداف المذكورة أعلاه، دون توسيع دور القوات العسكرية الأمريكية في الصراع السوري، ما يلي:

- أولا، إدراك أن عملية «جنيف» لن تستبدل «الأسد» لتحل محله حكومة منتخبة أو حكومة تمثيلية حقيقية للوحدة الوطنية.

- بدلا من ذلك، يمكن تبني الهدف الأطول أجلا بأن يختار «الأسد» خليفته، رهنا بموافقة المجتمع الدولي، مع مجلس وزراء من المستشارين والوزراء يضمون أفرادا من المناطق الرئيسية والمجموعات الطائفية الأخرى في البلاد.

ومن غير المرجح أن يقبل «الأسد» مثل هذا الحل الوسط، لكنه قد يكون أفضل ما يمكن لأمريكا أن تأمله، وهو يتفق مع تصريحات القادة الروس والإيرانيين حول الحاجة إلى إصلاحات في الحكومة السورية بعد انتهاء الصراع.

- على المدى القصير، استخدام المفاوضات مع دمشق وموسكو لمتابعة إجراءات الحماية لمختلف مناطق الحكم الذاتي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة داخل سوريا.

ويمكن بدء ذلك مع الشمال الشرقي الكردي للبلاد، الذي ينبغي تقسيمه إلى منطقتين على الأقل لتخفيف المخاوف التركية من الانفصال الكردي، وينبغي السعي إلى مناطق حكم مماثلة في المناطق التي توجد أساسا في أيدي المعارضة، لا سيما في شمال غرب البلاد قرب «إدلب»، إن أمكن.

- يجب أن تبدأ المساعدات الأمريكية والدولية بالتدفق إلى هذه المناطق، ومع ذلك، باستثناء المساعدات الإنسانية المحدودة للغاية، لا ينبغي تقديم هذه المساعدة إلى الحكومة المركزية أو أي منطقة ما زال «الأسد» يحكمها، إلى أن يتنحى بالطريقة المشار إليها أعلاه.

- يجب أن تبقى القوات الأمريكية على الأرض بأعدادها الحالية تقريبا، للمساعدة في إعادة الإعمار وضمان بقاء المناطق المستقلة آمنة حتى رحيل «الأسد».

بالإضافة إلى ذلك، يجب إعادة التمويل الأمريكي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة على الفور.

- يجب أن تظل القوات الجوية الأمريكية والحليفة متوفرة، إذا لزم الأمر، للرد على أي هجمات إيرانية أو من قبل النظام على مواقع أمريكية أو حليفة.

ولا يمكن للولايات المتحدة التأكد من أن روسيا ستوافق على مثل هذه الصفقة، وإن كانت أمريكا لا تثق في أن لديها رأس المال السياسي للمساعدة في تنفيذها، لكن روسيا لديها حوافز لإنهاء هذه الحرب أيضا.

ومن شأن هذا النوع من الخطة البراغماتية لسوريا أن يحمي أصدقاء أمريكا وحلفاءها، في الوقت الذي يسمح فيه بإعادة الإعمار وعودة اللاجئين، ما يقلل من احتمالات استيلاء المتطرفين على الأرض في المستقبل.

ومن المؤكد أن هذا الحل أفضل من الثقة في أن روسيا ستقوم بطرد إيران من سوريا، أو الوثوق بأن «الأسد» سيظهر الرحمة لشعبه، وبالتالي يمكن تجنب ظهور النسخة الثانية من «الدولة الإسلامية» أو أي حركة متطرفة مشابهة نتيجة الرحيل الأمريكي المفاجئ.

  كلمات مفتاحية

الحرب السورية قمة ترامب بوتين إيران روسيا

مبعوث «بوتين» يطلع الإيرانيين على «تفاهمات هلسنكي»