بعد رضوخه ... امنحوا حزب «سيريزا» فرصة ادعاء النصر أمام جمهوره في اليونان

الثلاثاء 17 مارس 2015 07:03 ص

اتسمت ردة الفعل الأوروبية بالارتياح إزاء ما عُدّ على نطاق واسع رضوخ الحكومة اليونانية الشهر الماضي في المفاوضات الصعبة التي جرت لتمديد أجل برنامج إنقاذ اليونان.

هكذا كما يبدو على الأقل، تم تحويل مسار الأزمة أو تأجيل التعرض لها في منطقة اليورو. لكن أوروبا توشك أن تكرر الخطيئة الكبرى نفسها التي ارتكبتها قبل خمس سنوات إذا كانت قد أجبرت اليونان على الاستسلام خلال المفاوضات.

فقد فشل برنامج إنقاذ اليونان الأول منذ عام 2010 غالباً لأن قرار الإصلاحات السيادي لم يصدر عن الحكومة اليونانية السابقة بتفويض قوي من الشعب، ولهذا اتخذت تلك الحكومة الحد الأدنى من متطلبات تسديد أقساط برنامج الإنقاذ الثاني.

وفي الوقت نفسه، استغلت اليونان كل فرصة سانحة لمهاجمة الترويكا متمثلة في المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي وإنحاء اللائمة في ورطتهم على الاتحاد الأوروبي والقارة الأوروبية.

والفرصة الوحيدة المتاحة أمام اليونان للخروج من أزمتها تكمن في تحملها مسؤولية برنامج إصلاحات جريء. وهذا لا يمكن ان يحدث إلا في ظل حكومة قوية بصلاحيات شاملة. كما أن المفاوضات مع الشركاء الأوروبيين لن تحقق النجاح إلا في حال شعر الفريقان بالفوز. وهذا ما تعرفه ألمانيا جيداً.

ويحظى ألكسيس تسيبراس وحزبه «سيريزا» بدعم شعبي واسع. ولهذا ينبغي على الاتحاد الأوروبي انتهاز هذه الفرصة لمساعدة الحكومة اليونانية على تحويل هذا الزخم السياسي إلى برنامج إصلاح بناء يسمح لليونانيين بتحقيق بعض وعودهم الانتخابية.

والأوروبيون مطالبون بالتعلم من أخطائهم السابقة في المفاوضات الحالية. فالمطلوب ليس التركيز على حجم وعمق برنامج الإصلاحات المفضل، بل على حزمة الإصلاحات التي يستطيع اليونانيون تنفيذها بالفعل.

وهكذا يجب أن تركز المفاوضات على برنامج إصلاح وسط يعالج ثلاثة تحديات. فمشكلة اليونان الأهم هي أنها تحولت إلى دولة فاشلة. وقد ساعد برنامجا الإنقاذ السابقان في الحفاظ على مؤسساتها. وعلى الحكومة الحالية معالجة الجانب الأهم من عملية الإصلاح، وهو فك التشابك بين المصالح المتعارضة الذي يحول دون عمل الأسواق والمؤسسات بشكل سلس.

هنا يملك سيريزا فرصة اكبر من النجاح مقارنة مع النخب السياسية السابقة.

وينبغي على الاتحاد الأوروبي دفع هذه الإصلاحات بقوة، بحيث يمكن على الأقل مكافحة تهرب أثرياء اليونان الضريبي وكسر الاحتكارات المحلية المعقدة. أما التحدي الثاني فيكمن في سد الفجوة المالية الحكومية التي تزداد اتساعا بسبب ضعف النمو الاقتصادي وتدني العائدات الضريبية ومرشحة لمزيد من الاتساع في حال زيادة الإنفاق على المعونات الاجتماعية. وتحتاج اليونان إلى ما بين 30 و40 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، إضافة إلى تقليص الإنفاق.

أما التحدي الثالث فهو في تحويل الدين الحكومي المتفاقم إلى دين مستدام طويل الأجل. والحل هنا ليس في شطب جزء من الدين بل في ربط تسديد أقساطه بالنمو الاقتصادي. فإذا كانت معدلات النمو منخفضة تسدد الحكومة اليونانية معدلات فائدة أعلى والعكس صحيح. وهذا سوف يحسن شروط الدين اليوناني من حيث أمده، ومن حيث العائد الذي يحققه المقرضون عليه وفرص استرداده أيضاً.

* مارسيل فراشر رئيس مركز دراسات "دي أي دبليو" في برلين 

  كلمات مفتاحية

اليونان برنامج الإصلاحات حزمة الإصلاحات حزب سيريزا أليكسيس تسيبراس القروض السيادية

اليونان تهز منطقة اليورو لكنها لن تفككها

اليونان تنتفض على التقشف: هبوط ناعم في أحضان اليسار

اليونان: اليسار يصنع الليلة التي تؤرق برلين

اليونان و«اليورو».. مصاعب الخروج