على سطح القمر.. 49 عاما من المنافسة الدولية المتواصلة

الأحد 22 يوليو 2018 11:07 ص

مضى 49 عاما على تسجيل أول هبوط بشري على سطح القمر، من قِبل رائد الفضاء الأمريكي «نيل أرمستورنغ».

ومنذ تلك الخطوة التاريخية، دخلت الدول والشركات الخاصة في منافسة كبيرة لإجراء رحلات إلى سطح القمر مجددا.

ويعتبر التنافس في الفضاء من أبرز المجالات التي شهدتها الحرب الباردة، طيلة 44 عاما، بين المحور الغربي بقيادة الولايات المتحدة، والمعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفييتي.

ومنذ أواخر الأربعينات من القرن الماضي، بدأت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي من خلال سباق التسلح النووي، لتتوسع فيما بعد وتشمل كل مجالات الحياة، كالسياسة والاقتصاد، والفنون، والعلوم والتكنولوجيا.

وبسبب الأنشطة التجسسية للمحورين خلال الحرب الباردة، شهد الجانبان مواجهات عديدة في عدد من الأزمات مثل الحرب الكورية (1950-1953)، وإنشاء جدار برلين عام 1961، والأزمة الكوبية عام 1962.

واستمر التنافس في المجال الفضائي بين المحورين منذ بداية خمسينات القرن الماضي، لتُتوج بنجاح الولايات المتحدة بإرسال أول مركبة فضائية «أبولو 11»، إلى القمر، بتاريخ 20 يوليو/تموز 1969.

قمر «سبوتنيك» الروسي يشعل فتيل المنافسة

أشعل الاتحاد السوفييتي فتيل المنافسة في المجال الفضائي، من خلال نجاحه في إرسال أول قمر صناعي «سبوتنيك 1» إلى مدار الأرض عام 1957.

وفي الوقت الذي كانت تسود فيه النقاشات في الوسط الأمريكي حيال أن الفضاء سيصبح مسرحا للاستكشافات المستقبلية، أدّى إطلاق الاتحاد السوفييتي للقمر الصناعي «سبوتنيك 1»، إلى حالة دهشة كبيرة في الرأي العام الأمريكي.

وفضلا عن القلق الأمريكي السائد عقب عملية إطلاق القمر السوفيتي، بخصوص إمكانية الجانب الآخر على جمع معلومات استخباراتية من الأراضي الأمريكية، أسفر إطلاق القمر بواسطة صاروخ باليستي «R-7»، إلى تزايد القلق الأمريكي، حيث كان مدى الصاروخ يشير إلى قدرة الاتحاد السوفييتي على استهداف الأراضي الأمريكية بالصواريخ النووية.

ناسا.. مؤسسة الحرب الباردة

بعد النجاح الروسي الأخير، تمكنت الولايات المتحدة أيضا من إرسال أول قمر صناعي لها «إكسبلورر آي»، إلى مدار الأرض، عام 1958.

وفي نفس العام، أسس الرئيس الأمريكي آنذاك، «دوايت أيزنهاور»، الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء «ناسا»، كما أطلق الرئيس الأمريكي في الوقت ذاته، برنامجا فضائيا تابعا لمركز أمني، على أن يعمل البرنامج بالتزامن مع ناسا.

وأوكلت مهمة تسيير البرنامج إلى «مكتب الاستكشاف الوطني»، الذي تديره كل من القوات البرية الأمريكية، ووكالة المخابرات المركزية «سي آي إي».

الروسي «غاغارين» أول إنسان فضائي

قبل زوال دهشة الأمريكان جراء إطلاق الاتحاد السوفييتي أول مركبة فضائية غير مأهولة «لونا 2»، إلى القمر عام 1959، صعدت موسكو من حدة المنافسة بإرسالها أول إنسان إلى مدار الأرض، وهو الرائد الفضائي «يوري غاغارين»، بواسطة المركبة الفضائية «فوستوك 1»، عام 1961.

وفي ذات العام، أنتجت ناسا عدة مركبات فضائية ضمن إطار مشروع «ميركور»، حيث أرسلت بواسطة هذه المركبات القرود أولا إلى الفضاء، ومن ثم أرسلت رائد الفضاء «آلان شيبارد»، لكنه فشل في الوصول إلى مدار الأرض.

وعام 1962، أصبح «جون غلين» أول أمريكي يصل مدار الأرض، كما أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك «جون كينيدي» عزم بلاده إرسال أول إنسان إلى الفضاء بنهاية الستينات من القرن الماضي.

زيادة ميزانية «أبولو» 500%

رفعت الحكومة الأمريكية الميزانية المخصصة لـ«ناسا» في إطار برنامجها أبولو، الرامي لإرسال أول إنسان إلى القمر، وذلك بمعدل 500% خلال 3 أعوام.

وبموجب هذه الزيادة، ارتفعت ميزانية ناسا من 744 مليون دولار عام 1961 (ما يعادل اليوم 5.9 مليارات دولار)، إلى 4.17 مليار (حوالي 32 مليار دولار حاليا)، عام 1964.

وعام 1967، ازدادت ميزانية ناسا لتصل إلى 5.9 مليارات دولار (ما يعادل اليوم 43 مليارا)، لتكون بذلك قد حصلت على أعلى ميزانية لها من حيث القيمة، منذ تأسيسها وحتى اليوم.

وفي عام 1968، نجحت الولايات المتحدة في إرسال أول إنسان إلى مدار القمر عبر المركبة الفضائية «أبولو 8».

وبعد عام من ذلك وتحديدا بتاريخ 16 يوليو/تموز، أرسلت الولايات المتحدة كلا من رواد الفضاء «نيل أرمستورنغ»، و«إدوين ألدرين»، و«ميشيل كولينز»، إلى القمر، عبر المركبة الفضائية «أبولو 11».

واستغرقت الرحلة التي جذبت أنظار العالم أجمع حينها، نحو 3 أيام، حيث وصلت المركبة بنجاح إلى القمر بتاريخ 20 يوليو/تموز.

وحسب معطيات ناسا، فقد أنفقت على برنامج أبولو بتلك الفترة قرابة 20 مليار دولار (ما يساوي 110 مليارات الآن).

رحلة فضائية مشتركة

ساهم نجاح الولايات المتحدة في إرسال أول رائد فضاء إلى القمر، بتخفيض وتيرة المنافسة في المجال الفضائي، حيث أرسل الجانبان فيما بعد الكثير من رواد الفضاء إلى مدار القمر.

وفي عام 1975، نفذت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي مشروعا مشتركا يتضمن التحام مركبة أبولو، مع مركبة سويوز الروسية، تصافح من خلاله الرواد الأمريكان والسوفييت في مدار القمر.

الفضاء ساحة حرب مكتظة

بعد مضي 49 عاما على إرسال الولايات المتحدة أول رائد فضاء إلى القمر، تحول الفضاء إلى ساحة حرب مكتظة بالأطراف المتنازعة.

ومنذ إطلاق الاتحاد السوفييتي أول قمر صناعي «سبوتنيك 1» إلى مدار الأرض، أرسلت نحو 40 دولة، حوالي 6 آلاف و600 قمر صناعي إلى المدار.

وينشط حاليا في مدار الأرض حوالي 3 آلاف و600 فقط من هذه الأقمار، بينما تحولت البقية إلى فضلات فضائية بالمدار.

وتمتلك الصين، والولايات المتحدة، وروسيا إلى جانب الكثير من القوى النامية، أقمارا كثيرة في مدار الأرض.

وفي الوقت الذي يُستخدم فيه الكثير من هذه الأقمار لأغراض مدنية، يجري استخدام تقنيات الفضاء والأقمار الصناعية لأغراض عسكرية أيضا.

ويعد الفضاء اليوم ساحة حرب جراء الخلافات على مكان الأقمار في مدار الأرض، والمنافسة في المجالين السيبراني والعسكري بين الدول.

السياحة الفضائية

اتسع حيز المنافسة على المجال الفضائي بين الدول، ليشمل الشركات الخاصة أيضا.

في هذا الإطار دخلت شركات عديدة في موضوع السياحة الفضائية، مثل شركة «سبيس إكس» التابعة لـ«إيلون ماسك»، وشركة «بلو أوريجين»، التابعة للرئيس التنفيذي لشركة أمازون، جيف بيزوس.

ونجحت شركة «سبيس إكس»، خلال مارس/آذار الماضي، في إرسال سيارة ماسك، من نوع تيسلا، إلى مدار المريخ.

في حين أجرت شركة «بلو أوريجين»، مؤخرا، الاختبارات التجريبية التاسعة على صواريخها وكبسولاتها الفضائية التي ستستخدمها في السياحة الفضائية.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

رؤية مستقبلية لإقامة مباراة كرة قدم على سطح القمر.. هذه تفاصيلها