«الأسد» يقيل رئيسي أكبر جهازين أمنيين والغموض يحيط بمصير أحدهما

السبت 21 مارس 2015 12:03 ص

أصدر الرئيس السوري «بشار الأسد» قرارا بإقالة رئيس شعبة الأمن السياسي في الجيش السوري اللواء «رستم غزالة» ورئيس شعبة الأمن العسكري اللواء «رفيق شحادة»، وشمل القرار على تعيين اللواء «محمد محلا» رئيسا لشبعة المخابرات العسكرية بدلا من اللواء «شحادة» وتعيين اللواء «نزيه حسون» رئيسا لشعبة الأمن السياسي بدلا من اللواء «غزالة».

جاء ذلك على خلفية شجار عنيف بينهما تطور إلى عراك بالأيدي شارك فيه أنصارهما وتعرض خلاله «غزالة» لضرب مبرح، بحسب ما نقلت «وكالة الأنباء الفرنسية »عن مصدر أمني مطلع في دمشق.

وقال المصدر للوكالة إن «غزالة» الذي يعاني أصلا من ارتفاع في ضغط الدم، تلقى علاجا بعد الحادث في المستشفى لأيام قبل أن يستأنف عمله، إلا أن وضعه الصحي تدهور مجددا، فادخل إلى أحد مستشفيات دمشق وهو حاليا «في وضع حرج».

وتم تعيين اللواء «نزيه حسون» خلفا لـ«غزالة»، وكان معاونا له، بينما عين «محمد محلا» مسؤولا عن الاستخبارات العسكرية محل «شحادة».

وأوضح المصدر أن سبب الخلاف بين الرجلين كان على خلفية اعتراض «غزالي» على تحجيم دوره مع رجاله في معركة درعا التي يتحدر منها في جنوب سوريا، إلا أن «شحادة» عارض بشدة مشاركة «غزالة» في هذه المعركة.

وأضاف المصدر أن «غزالي» توجه قبل أسبوعين إثر شجار وتبادل شتائم بينه وبين «شحادة»، إلى مقر هذا الأخير في العاصمة السورية لتصفية حسابه، لكنه تعرض مع مرافقيه لضرب مبرح على أيدي رجال «شحادة».

تضارب الأنباء حول مصير «غزالي»

وقد نشرت صحيفة «لوموند» الفرنسية تقريرا على أثر ما تداولته وسائل إعلام ومواقع إخبارية من أخبار حول ما تعرض له مدير الأمن السياسي في سوريا اللواء «رستم غزالة» في الأسابيع الأخيرة، والغموض الذي يلف مصيره، وقال إن الغموض يعد أمرا طبيعيا في ملفات كهذه، بما أن المعني بالأمر من أبرز الشخصيات التي عملت في جهاز المخابرات خلال حكم «الأسد».

ولفت التقرير، الذي أعده الدبلوماسي السابق «إينياس لوفورييه»، إلى أن هذه القضية تحمل الكثير من الدلالات فيما يتعلق بهذا النوع من الأشخاص والعلاقات داخل هذا الجهاز، وحدود تسامح النظام الحاكم مع أخطاء أعوانه، ومدى استعداده لاستغلالهم لتحقيق مصالحه.

كما سلطت هذه القضية الضوء على نظرة العديد من السوريين في معسكر النظام تجاه المقاتلين الإيرانيين و«حزب الله»، وبقية الميليشيات الشيعية التي يُفترض أنها «أنقذتهم» من انهيار محقق.

وذكّر التقرير بأن «غزالة»، الذي يكنى بـ«أبو عبدو»، عُيّن كمدير للأمن السياسي في سوريا على أثر التفجير الذي استهدف مقر مكتب الأمن الوطني في دمشق في 18 يوليو/تموز 2012، ولكنه معروف أكثر بدوره في لبنان خلال السنوات الأولى للألفية، حيث استغل نفوذه ومنصبه في أجهزة المخابرات السورية للقيام بأنشطة غير قانونية من ذلك، دوره في إفلاس بنك المدينة بعد أن استحوذ على قروض وصلت إلى 200 مليون دولار خلال ثلاث سنوات، والدور الذي قام به في التفجير الذي أودى بحياة رئيس الوزراء «رفيق الحريري» و15 آخرين في فبراير/شباط 2005.

وتفيد المعلومات المتوفرة بأن «غزالي» وصل إلى مستشفى الشامي، وهو مستشفى خاص يقع قرب القصر الرئاسي في مرتفعات دمشق يقدم العلاج للنخبة السياسية والعسكرية وعائلة «الأسد»، في 15 فبراير/شباط الماضي وهو في حالة حرجة، ورغم الغموض الذي يلف أسباب دخوله المستشفى، فإن أنصار النظام تداولوا فيما بينهم أخبارا متضاربة حول أسباب وصوله إلى هذه الحالة ومدى خطورتها.

وقالت الصحيفة الفرنسية إن من تحدثوا عن وفاة الجنرال «غزالة» يقولون إنه تعرض لأزمة قلبية مفاجئة، فيما يقول آخرون أنه أصيب بجروح قاتلة في أثناء قيادته لمعارك ضد الجيش الحر في منطقة درعا.

لكن روايات أخرى أفادت بأنه قتل على يد عناصر «فيلق القدس» الإيراني الذي يقوده الجنرال «قاسم سليماني»، أما الروايات الأكثر تواترا فهي تفيد باكتشاف «بشار الأسد» لتورط ضباط علويين في مؤامرة للإطاحة به، مما دفعه لإصدار الأوامر بتصفية «غزالة».

وأضاف التقرير أنه بالرغم من تضارب الروايات وغياب الإثباتات، فإن إمكانية صدور قرار من «الأسد» بتصفية «غزالة» تبقى واردة جدا بالنظر لحادثة وفاة ضابط آخر في دير الزور عام 2013، نظر إليها وقتها باعتبارها بداية لسلسلة من عمليات الإخفاء المدروسة للمسؤولين الأمنيين السوريين الذين تورطوا في لبنان.

من جهة أخرى، نقل التقرير عن رئيس «حزب البعث» اللبناني «عاصم قانصو»، الذي زار «غزالة» في المستشفى، أن الأخير أصيب في رجله وعينه بشظايا قذيفة في إحدى مواقع القتال في جنوب سوريا.

ولكن التقرير شكك في صحة هذه الرواية، لأنه من المستبعد أن يكون اللواء «غزالة» قد ترك مسؤولياته كلها في هذه المرحلة الحساسة ونزل ليشارك بنفسه في المعارك.

ولاحظ التقرير أنه رغم كثرة الروايات وتضاربها، فإن هنالك شبه إجماع على أن من أصدر الأوامر بتصفية «غزالة» هم زملاء له في الجيش.

وأبرز المشتبه بهم في هذا السياق هو الجنرال «جميل حسن»، الرئيس الدموي للمخابرات الجوية، الذي يقال إنه أصدر الأوامر للطائرات بقصف محيط منزل «غزالي»، بذريعة منع مقاتلي الجيش الحر من التقدم داخل بلدة قرفا، و«جميل شحادة» مدير المخابرات العسكرية الذي اتهم «غزالي» ببيع البنزين لمقاتلين معارضين للنظام في جنوب البلاد.

في المقابل، أشار التقرير إلى أن «رستم غزالي» كان قد أثار غضبا كبيرا في صفوف زملائه بسبب رفضه السماح لقوات من إيران و«حزب الله» بالتمركز داخل منزله في مرتفعات بلدة قرفا في محافظة درعا، حيث أرادت تلك القوات اتخاذه مركز عمليات ومستودعا للمدفعية والمدرعات لصد تقدم المعارضة على محور دمشق - درعا، وبدلا من ذلك قام «غزالي» بتفجير منزله بالكامل وحرق مكوناته كافة، ونشر تسجيلا للعملية على «يوتيوب»، في حركة تحد واضح للأوامر الصادرة بالتعاون مع الإيرانيين و«حزب الله».

وأضاف التقرير أن «غزالي» صرح في وقت سابق، خلال اجتماع تنسيقي بين الجيش السوري والقوات الإيرانية واللبنانية المقاتلة إلى جانب النظام في سوريا، بأنه لولا سوريا لما كان «حزب الله» موجودا وبأن انتصار الجيش السوري في هذه الحرب يعني نجاة «حزب الله» من الاندثار.

كما اتهم الميليشيات الشيعية بالجبن، وقال إنها تحقق الانتصارات من خلال شراء ذمة مقاتلي المعارضة وليس من خلال القتال.

وفي الختام، خلص التقرير إلى أن نظام «الأسد» يتعمد التعتيم على مجريات الأحداث من خلال نشر أخبار مختلفة ومتضاربة، وأنه من المؤكد أن ما حصل للواء «غزالي» هو رسالة من النظام لكل رجال المخابرات الذين بدأوا بالتململ، بسبب تعاظم النفوذ الإيراني وسيطرته على القرار السوري.

ولفت التقرير إلى أن هذا التململ بدأ يسري خاصة في صفوف الضباط العلويين الذين شعروا بأن «الأسد» لم يعد يثق بهم، وأنه أصبح مجرد دمية في يد إيران، وظهر ذلك جليا في الخلافات التي دبت بين الجانبين خلال المعارك في القصير والقلمون والغوطة.

يشار أن «رستم غزالي» ضابط معروف اقترن اسمه بالكثير من الملفات سواء في داخل سوريا أو خارجها، وهو من مواليد عام 1953 بدرعا.

وبرز اسمه كرئيس لفرع الأمن العسكري في بيروت خلال وجود الجيش السوري بلبنان ومن ثم عين في عام 2002 لخلافة اللواء «غازي كنعان» رئيس الاستخبارات العسكرية السورية في لبنان، وسافر كثيرا إلى وادي البقاع حيث كان لديه مسكن ومقر قيادته في عنجر.

وبهذا التغيير يكون «الأسد» قد غيّر ثلاثة مسؤولين عن أجهزة الأمن خلال أشهر قليلة، وكان أقال في وقت سابق ابن خاله العميد «حافظ مخلوف» المسؤول عن أمن دمشق في جهاز إدارة أمن الدولة.

  كلمات مفتاحية

سوريا الأسد لبنان رفيق الحريري قاسم سليماني إيران حزب الله حزب البعث رستم غزالي

واشنطن تستدرك تصريحات «كيري» وتجدد تمسكها برحيل «الأسد»

النظام السوري يورث وظائف قتلى العلويين إلى زوجاتهم

«الأسد» يرد على مساعي الحوار الغربية باستهداف بلدتين في إدلب بالغازات السامة

المرصد السوري: مقتل ابن عم «بشار الأسد» في اللاذقية غرب سوريا

رواية جديدة تشير إلى تورط «الأسد» في قتل «آصف شوكت» نائب وزير الدفاع وزوج شقيقته