الأضرار الاقتصادية من تصعيد الخلاف السعودي الكندي

الخميس 9 أغسطس 2018 03:08 ص

بعد اندلاع الأزمة بين الرياض وأوتاوا، تسعى السعودية للضغط التجاري على كندا بحرمانها من صفقات تجارية وعسكرية تصل قيمتها إلى نحو 20 مليار دولار.

وعلى الجانب الآخر، أكد محللون أن الرياض ستخسر بشكل أكبر على المدى الطويل، لاسيما أن تصعيدها سيضرب مساعيها في إقناع الشركات العالمية بالاستثمار في المملكة، وسيؤدي إلى طلب المستثمرين ضمانات مالية وقانونية لحماية أموالهم وتعاملاتهم مع الرياض.

وأعلنت المؤسسة العامة للحبوب الحكومية في السعودية، الخميس، أنها أبلغت موردي الحبوب الدوليين المؤهلين بوقف توريد شحنات القمح والشعير، ذات المنشأ الكندي، والتي تستورد منها المملكة 3.5 مليون طن قمح سنويا من مناشئ متعددة حول العالم، من بينها كندا.

وجاء قرار مؤسسة الحبوب بالإضافة إلى إعلان ‏وزارة التعليم، إيقاف برامج تعليم نحو 15 ألف مبتعث في كندا وشمل القرار أيضا المرضى الذين يتعالجون في كندا، كما أعلنت شركة الخطوط الجوية السعودية، الإثنين الماضي، وقف رحلاتها من وإلى مدينة تورنتو اعتبارا من 13 أغسطس/آب الجاري.

ورأى محلل مالي في أحد بنوك الاستثمار العاملة في دبي، فضل عدم ذكر اسمه، أن كندا لن تتأثر كثيرا بإيقاف التعاملات التجارية، خاصة أن صادراتها للسعودية بلغت نحو 1.12 مليار دولار في 2017 أو ما يعادل 0.2% من إجمالي الصادرات الكندية وفق البيانات الرسمية، حسب "العربي الجديد".

وأشار إلى أن الضغوط المتعلقة بالاستثمار في الشركات الكندية وكذلك تجميد صفقة السلاح ستكون أكثر تأثيرا على أوتاوا، لكنها في الوقت نفسه ستضر الرياض بشكل أكبر، لاسيما أنها تواجه صعوبات كبيرة في البحث عن مصادر للتسليح في ظل التقارير الحقوقية الدولية عن الحرب في اليمن وتعامل النظام السعودي مع الناشطين والمعارضين داخل المملكة.

وتصل الاستثمارات السعودية في الشركات الكندية منذ 2006، إلى حوالي 6 مليارات دولار، وفق ما ذكرته وكالة "بلومبرغ" الاقتصادية الأمريكية.

خوف المستثمرين

وبجانب الضغوط الغربية على السعودية بشأن صفقات التسليح، فإن هناك ضغوطا مالية محتملة، حيث ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، الإثنين الماضي، أن تصعيد التوتّرات مع كندا ينطوي على مخاطر تتعلق بتغذية مخاوف المستثمرين من التعامل مع السعودية، ويهدّد تدفقات رؤوس الأموال التي تحتاج الرياض إليها لإجراء إصلاح اقتصادي شامل وتقليل الاعتماد على النفط ضمن رؤية 2030 التي طرحها ولي العهد "محمد بن سلمان" قبل عامين.

وتسبب تراجع موارد النفط في ظل انخفاض الأسعار في انكماش الاقتصاد وركود القطاع الخاص الذي اضطر إلى تسريح نحو 1.1 مليون عامل أجنبي منذ مطلع 2017 وحتى نهاية يونيو/حزيران الماضي.

وحسب أرقام وكالة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) التي أعلنت عنها أخيرا، فإن حجم الاستثمار الأجنبي في السعودية انهار 1.4 مليارات دولار في عام 2017، مقارنة بحجمه البالغ 7.4 مليارات دولار في العام السابق له.

ورغم الحوافز التي تعلن عنها السعودية لجذب المستثمرين، إلا أن بعض الشركات بدأت تتخارج من السعودية، خاصة الشركات الألمانية التي تمارس الرياض تمييزا ضدها في العطاءات.

من بين هذه الشركات، مجموعة "لانكسيس" الألمانية للكيماويات التي أعلنت، الأربعاء، بيع حصتها البالغة 50% في "أرلانكسيو" المنتجة للمطاط الصناعي إلى شريكتها "أرامكو" السعودية مقابل نحو 1.4 مليارات يورو (1.6 مليارات دولار) نقدا في صفقة، قالت الشركة إنها ستمنحها المزيد من المرونة للنمو، وفق ما ذكرت "رويترز"؟

ومن بين العوامل الأخرى الطاردة للمستثمرين الأجانب، الإجراءات المالية التي اتخذتها السعودية أخيرا، والتي من بينها ضريبة القيمة المضافة، ورفع الدعم عن أسعار الكهرباء، والقوانين التي تحد من توظيف الأجانب.

وقد غادر القطاع الخاص حسب بيانات رسمية سعودية نشرتها وكالة "الأناضول" حوالى 1.1 مليون موظف منذ بداية عام 2017.

ولكن الضربة القاصمة للاستثمارات الأجنبية جاءت للسعودية من حملة الاعتقالات الواسعة التي نفذتها المملكة خلال العام الماضي واستهدفت كبار رجال الأعمال في السعودية، ومعظم رجال الأعمال الذين تم القبض عليهم ومصادرة أموالهم كانوا شركاء لشركات أجنبية ومستثمرين أجانب.

والإثنين الماضي، استدعت السعودية سفيرها في أوتاوا، ومنعت سفير كندا من العودة إلى الرياض، وفرضت حظرا على التعاملات التجارية والاستثمارات الجديدة، منددة بكندا لطلبها الإفراج عن ناشطين حقوقيين، ما اعتبرته الرياض تدخلا في شؤونها الداخلية.

  كلمات مفتاحية

السعودية كندا العلاقات السعودية الكندية قطع العلاقات محمد بن سلمان

"خاشقجي": السياسات القمعية تورط السعودية بمعارك مع المجتمع الدولي