استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الخطاب الديني بين التجديد والأمركة

الجمعة 10 أغسطس 2018 04:08 ص

المنتصر لا يكتب التاريخ فقط كما قال تشرشل، ولا يحدد العدالة فقط، كما قال عبدالوهاب المسيري، ولا يضرب عنق ضحيته ويقطع الرأس كتذكار للانتصار فقط، كما كان يفعل هنود الجيفارو، فهو يفرض كذلك على الآخرين ما يشاء من مصطلحات ويلزمهم بمدلولاتها التي وضعها هو.

عندما يتداول مصطلح تجديد الخطاب الديني، يرتبط في ذهن البعض بتلك الدعوات التي تطلقها بعض الأنظمة العربية، وتروج لها أبواقها الإعلامية لتجفيف منابع الإرهاب والتطرف، وإنما في حقيقة الأمر كان هذا المصطلح أحد إفرازات القوة الأمريكية المهيمنة، والمطروح في أجندتها منذ ما يزيد على ستين عاما، وأعيد طرحه في أطروحتي "صراع الحضارات" لهنتنغتون و"نهاية التاريخ" لـ"فوكوياما"، إلا أنه دخل حيز التنفيذ بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول.

العربدة الأمريكية في البلاد العربية والإسلامية، والرعاية الأمريكية الكاملة للكيان الصهيوني المسخ على حساب أمتنا، ولدت شعورا متناميا بالعداء تجاه أمريكا، التي لم تجد وسيلة فعالة لمواجهة هذا العداء إلا من خلال تطوير الخطاب الديني الإسلامي، بما يخلق نوعا من الانسجام والتوافق مع القيم والتوجهات الأمريكية.

صحيفة "الأسبوع" المصرية في مطلع عام 2003 نشرت تفاصيل خطط أمركة أو تجديد الخطاب الديني للمسلمين ضمن حملتها على الإرهاب، وأوضحت أن الخارجية الأمريكية بذاتها أنشأت "لجنة تطوير الخطاب الديني في الدول العربية والإسلامية".

وقالت إن اللجنة انتهت من توصياتها، وإنها بصدد إبلاغ الدول بها، وأوضحت أن المساعدات الأمريكية سوف تكون مرهونة بتنفيذ هذه التوصيات.

وزير الدفاع الأمريكي الأسبق رامسفليد، كان أحد أبرز المهتمين بتطوير الخطاب الديني الإسلامي، وحمل المدارس الدينية مسؤولية التشدد، ورأى أن هذا الواقع يعرقل التعايش بين هذه الشعوب وأصدقاء أمريكا وحلفائها في المنطقة وعلى رأسهم الكيان الإسرائيلي.

وقطعا لم تشمل الأنشطة الأمريكية لتجديد الخطاب الديني سوى الدين الإسلامي، فلم نسمع عن تجديد الخطاب الديني اليهودي ولا المسيحي ولا البوذي…. وألزمت أمريكا الأنظمة العربية الحليفة بتبني تجديد الخطاب الديني الإسلامي، وصادف ذلك ميولا وقناعات مسبقة للمتأمركين والتغريبيين والعلمانيين، فدقوا الطبول لقبول تلك الدعوات.

وليس من قبيل المصادفة أن تكون أكثر الأنظمة العربية انبطاحا للبيت الأبيض هي أكثرها تركيزا على قضية تجديد الخطاب الديني، ولذا تقنع تلك الأنظمة الشعوب بمسؤولية النصوص الإسلامية عن التطرف والإرهاب، وأن عليها الإذعان لذلك التجديد، ولو كان على حساب الثوابت والنصوص قطعية الثبوت والدلالة.

وعلى طريق أمركة الخطاب الديني، كان التركيز على إقصاء التمسك بالنصوص، ووصف أهل هذا المسلك بالجمود، والتركيز من جانب آخر على إحياء المسلك التأويلي، بوصفه اتجاها عصرانيا يأخذ بالمسلمين إلى مواكبة ثقافة العصر.

أمركة (تجديد) الخطاب الديني حمل في مضمونه الاتجاه إلى التأثير في أصول الدين، وهدم الثوابت والقطعيات الدينية، وإقصاء وتنحية كل ما من شأنه الاصطدام بالتوجهات الأمريكية.

ولا أدل على ذلك من أن علماء الدين في البلاد العربية –الذين لديهم اتجاهات عقلانية في تفسير الدين تسمح بترسيخ مفردات التجديد المزعوم– يحضرون دورات تدريبية مكثفة لتجديد الخطاب الديني في واشنطن، فهل هو تجديد للخطاب الديني؟ أم أمركة للخطاب الديني؟

إننا كمسلمين لا نعترض على التجديد كلية، والنبي صلى الله عليه وسلم قد صح عنه في الحديث الصحيح أنه قال (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها)، ولكن هذا التجديد لا يعني مجاراة الأهواء، وإنما معناه إحياء ما اندثر منه، وتنقيته من المحدثات، ورده إلى حالته الأولى في عهد النبوة، وهذه النسخة كفيلة في حد ذاتها بالتعايش الإنساني وإقرار قيم العدل والسلام والحق والخير.

نقبل بتجديد الخطاب الديني إذا كان معناه تنقية التراث الإسلامي من الروايات الموضوعة والمكذوبة، بل هو مما تضافرت في العناية به جهود المصلحين، فأي خير في ما هو مبثوث ببعض كتب التراجم والطبقات من حكايات أسطورية عن الأولياء والزاهدين لا يقبلها العقل ولم يصح لها سند؟

نقبل بتجديد الخطاب الديني إذا كان معناه مواجهة المفاهيم المغلوطة الدخيلة عن العلاقة المحرفة بين الدين والدنيا، التي قسمت الناس إلى فريقين، فريق عزف عن الدنيا بحجة تعارضها مع الدنيا، وفريق آخر أغرق في المادية.

نقبل بتجديد الخطاب الديني إذا كان يعني الارتكاز على الإسلام كفكرة مركزية لإحداث نهضة حضارية تعتمد على منظومات الإيمان والقيم والإنتاجية والفاعلية، لأنه بالفعل يملك مقومات هذه النهضة وله تجربة فريدة في السباق الحضاري.

نقبل بتجديد الخطاب الديني إذا كان معناه مواجهة التعصب المذهبي وحمل الناس على خيارات فقهية محددة وتسفيه غيرها في دائرة الخلاف الواسعة، التي هي موارد الاجتهاد وفيها توسعة على الناس.

نقبل بتجديد الخطاب الديني إذا كان معناه تطوير أساليب الدعوة والتلقين وفق متطلبات الواقع المعاصر دون التغيير من صفته أو طبيعته.

لكن هذه المفردات المطروحة لا تتفق على الإطلاق مع التوجهات الأمريكية، والتي تسعى إلى أمركة الخطاب الديني لا تجديده.

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

  • إحسان الفقيه - كاتبة أردنية

  كلمات مفتاحية

الخطاب الديني التجديد محمد كوثراني

10 إجراءات برلمانية مصرية لتجديد الخطاب الديني

دول الخليج تعتمد وثيقة كويتية لتجديد الخطاب الديني