سيناء "هادئة" بإعلام "السيسي".. والتفجيرات والأزمات على أرض الواقع

الخميس 30 أغسطس 2018 06:08 ص

في 29 يوليو/تموز الماضي، أعلنت مصر عبر وكالة أنبائها الرسمية، عودة الحياة إلى سيناء، بعد تحقيق العملية العسكرية "سيناء 2018" ما وصفته بـ"نجاحات غير مسبوقة في القضاء على العناصر الإرهابية، وتجفيف منابع تمويل الإرهاب".

إلا أنه بعد شهر من هذه العملية، تكذب الأوضاع على أرض الواقع، إضافة إلى بيانات الجيش، هذه التقارير الإعلامية، خاصة بعد الهجوم الذي شهدته مدينة العريش مركز محافظة شمال سيناء، السبت الماضي، والذي وُصف بأنه الأكبر منذ بدء عملية "سيناء 2018" في فبراير/شباط الماضي.

فعلى مدار الشهر الأخير، شهدت سيناء عودة كبيرة لنشاط المسلحين، المنتمين إلى "ولاية سيناء"، الفرع المصري لتنظيم "الدولة الإسلامية"، ومعها عادت نقاط التفتيش التي تستوقف المارة، كما عادت الهجمات على نقاط التفتيش العسكرية التابعة للجيش والشرطة، فضلا عن عمليات القنص المستمرة للعسكريين الموجودين هناك.

نجاح إعلامي

في 9 فبراير/شباط الماضي، أعلن الجيش المصري بدء تنفيذ عملية "سيناء 2018" بتكليف رئاسي، وتستهدف عبر تدخل جوي وبحري وبري من قوات الجيش والشرطة مواجهة العناصر المسلحة في شمال ووسط سيناء، دون تفاصيل عن مدة العملية.

وقبيل الانتخابات الرئاسية -التي أجريت في أبريل/نيسان الماضي-  زار الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" شمال سيناء للوقوف على مجريات عملية "سيناء 2018"، في خطوة اعتبرها مراقبون محاولة لإظهار إحكام السيطرة والنجاح في العملية.

وبعد الانتخابات، تناقلت وسائل إعلامية داعمه للنظام أخبارا عن سيطرة الجيش على مجريات الأوضاع في سيناء، والقضاء على المسلحين، وتدمير البنى التحتية الخاصة بتنظيم "ولاية سيناء".

وبلغ هذا الترويج الإعلامي مداه بتقرير طويل نقلته وكالة الأنباء المصرية الرسمية (أ ش أ)، ونشرته الصحف المحلية في صدر صفحاتها الأولى، يقول إن "الحياة عادت إلى طبيعتها في محافظة شمال سيناء، بعد تحقيق العملية العسكرية (سيناء 2018) نجاحات غير مسبوقة في القضاء على العناصر الإرهابية، وتجفيف منابع تمويل الإرهاب".

ولفتت الوكالة إلى أن مظاهر عودة الحياة لطبيعتها لم تتوقف عند الأسواق والمحلات التجارية فقط، لكن الأمر امتد أيضا إلى الشواطئ في المحافظة؛ حيث شهدت شواطئ مدينة بئر العبد، إقبالا كبيرا من المصطفين.

ونقلت عن عدد من شيوخ وعوائل شمال سيناء إنهم سيواصلون وقوفهم بجوار الجيش والشرطة، حتى يتم القضاء على جميع العناصر الإرهابية.

وتزامنا مع التقرير، أزالت القنوات الفضائية المصرية شعار عملية "سيناء 2018"، واستعاضت عنه بشعار "خليك مع مصر اكتشف استثمر"، بعد أن استمر شعار العملية الأمنية على مدار 5 أشهر لا يفارق أعلى يسار شاشات التليفزيون.

الترويج الإعلامي لهذه النجاحات، لم يقف عن ذلك الحد، بل تعداه بإعلان خطط تنموية ومشروعات عملاقة في سيناء، التي ظلت مهملة منذ عقود؛ حيث أعلنت وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، "هالة السعيد"، تخصيص استثمارات تبلغ 275 مليار جنيه (15 مليار دولار) لسيناء حتى عام 2022.

وضع مختلف

ورغم تصدير وسائل إعلام موالية للنظام، هذه الصورة إلا أنها لا تعكس الواقع تماما، وإن كان ثمة انفراجة بالفعل.

فالوضع على الأرض، مختلف عما يرصده الإعلام؛ فلا يزال الجنود والضباط يتساقطون وحدا تلو الآخر في عمليات مسلحة، يشنها منتسبو "ولاية سيناء"، على نقاط تفتيشهم، أو مدرعاتهم الثابتة أو المتحركة، وسط تعتيم إعلامي واضح.

ولم تشفع الزيارة التي قام بها المتحدث العسكري، "تامر الرفاعي"، مع عدد من الصحفيين ومراسلي الإعلام الغربي والمحلي، في رفع الرقابة عن التغطية في سيناء، وهو ما كشفت عنه حادثة السبت الماضي، عندما تناقلت وسائل الإعلام توجيها عسكريا بأن القوات الأمنية أحبطت هجوما على نقطة تفتيش عسكرية في العريش، في الوقت الذي كان ذلك الهجوم الأعنف من التنظيم منذ فبراير/شباط الماضي، وأسفر عن مقتل وإصابة 15 عسكريا مصريا، حسب بعض التقارير الإعلامية.

حادثة السبت الماضي، تبعها حادثة أخرى مساء الإثنين عندما تم استهداف أليتين عسكريتين تابعتين للجيش؛ ما أدي إلى مقتل جنديين اثنين وإصابة 4 آخرين.

وكانت حوادث الأسبوع الجاري، امتداد لحوادث أخرى جرت على مدار الشهر الماضي، سقط فيها عدد من الجنود بين قتيل وجريح.

وحسب مصادر قبلية، فإن التنظيم يتجه بهذه العمليات، للانتقام من قوات الأمن على إثر عملية "سيناء 2018".

كما أن بيانات الجيش المصري، التي تصدر شبه أسبوعيا منذ بدء العملية، تكشف عن قتل العشرات أسبوعيا من المسلحين، والقبض على آخرين من المشتبه بهم، وتدمير عربات وأوكار أمنية؛ ما يعني أن الحديث عن القضاء على المسلحين في سيناء، أمر غير صحيح.

هذا فضلا عن عودة نقاط التفيش التي ينصبها المسلحون على الطريق الدولي بين مدينتي رفح والعريش في محافظة شمال سيناء، والتي تم نشر صور حديثة لها خلال الأسابيع الماضية، وسط غياب أمني عن هذه المنطقة.

فيما دخلت المخابرات المصرية، على الخط عبر إغراءات مالية للعاملين في صفوف المسلحين والمحيطين بهم، في مقابل تقديم معلومات دقيقة عن قادة تنظيم "ولاية سيناء"، تنتهي بالوصول إليهم؛ ما يعني أن قادة التنظيم لا يزالون بعيدين عن القوات الأمنية.

معاناة

العملية العسكرية التي يخوضها الجيش المصري، غيّبت فرحة عيد الأضحى الأخير عن المواطنين في شمال سيناء، وجعلت العيد أشبه بأيامهم العادية؛ إذ إنّهم لم يتمكّنوا من التزاور نظراً لعدم توفّر البنزين لملء خزّانات سياراتهم، في حين أنّ كميّة الأضاحي قلّت بخلاف العادة.

ونقلت صحيفة "العربي الجديد"، عن أحد شيوخ القبائل في شمال سيناء، قوله إن معاناة الأهالي مستمرة، ويبقى وضعهم مرهونا بعدم ظهور التنظيم المسلح، وهذا أمر يزيد من الأعباء على الأهاليء؛ لأنهم دائما ضحية لتضارب موقف الجهات المختصة بمكافحة الإرهاب.

وأضاف الشيخ القبلي أن الأزمة في شمال سيناء لا تقتصر فقط على التضييق على الأرزاق وقلة المواد الغذائية خلال الأشهر الماضية، لكن أيضا التعامل السيئ للغاية من قبل ضباط الجيش والشرطة، وتحديداً ضباط الأمن الوطني (المخابرات الداخلية).

وحذر من ممارسات ضباط الأمن الوطني خلال الفترة الماضية، من اعتقالات وتعذيب لأهالي شمال سيناء، خصوصا أن العشرات يتم القبض عليهم بشكل عشوائي ولا يظهرون مجددا.

وشدد على أن هذه الممارسات تُدخل سيناء في دوامة جديدة، حتى قبل إغلاق الدوامة التي تعيشها الآن، في ظل تزايد نشاط المجموعات المسلحة عقب ثورة يناير/كانون الثاني2011.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سيناء سيناء 2018 مصر ولاية سيناء عميلة عسكرية إعلام حكومي السيسي فشل أمني

صيادو سيناء يشكون أوضاعهم.. حلال للغرباء حرام علينا