"إس-400".. منظومة الدفاع الروسية الحائرة بين حلفاء أمريكا

الخميس 30 أغسطس 2018 01:08 ص

أثارت تصريحات وزير الخارجية السعودية "عادل الجبير"، حول استمرار مشاورات بلاده مع روسيا، حول شراء منظومة "إس-400" الدفاعية، الجدل من جديد، حول توسع موسكو في بيع منظومتها، ومدى قبول واشنطن بهذا، مع دولها الحليفة.

"الجبير" الذي زار موسكو، الأربعاء، قال خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره الروسي "سيرغي لافروف"، بشأن مستجدات المنظومة، وما أُثير عن توقف المشاورات: "السعودية تتواصل وتتشاور وتشتري معدات دفاعية من دول صديقة بما فيها روسيا".

وتابع أن "المشاورات بين المسؤولين السعوديين والروس فيما يتعلق بالمنظومة الدفاعية تنظر لها المملكة وقائمة"، رافضا الخوض بمزيد من التفاصيل قائلا "أترك الأمر للمختصين".

هذا الحديث، أعاد من جديد، إلى الأذهان مساعي دول حليفة للولايات المتحدة، للحصول على المنظومة الروسية القوية، وسط تحذيرات أمريكية من الإقدام على هذه الخطوة، والتهديد بعقوبات.

السعودية ليست وحدها، التي تتفاوض مع الروس، حول "إس-400"، حيث ذكرت تقارير عالمية، عن سعي قطر والهند، ومطالعة مصر، على المنظومة، بهدف شرائها، في ظل اتفاق تركي روسي على شراء المنظومة الدفاعية، وإن كانت تقارير تشير إلى إمكانية فشل هذه الصفقة رغم دفع أنقرة الدفعة الأولى من قيمتها.

وفي فبراير/شباط الماضي، رجح مساعد الرئيس الروسي لشؤون التعاون التقني العسكري "فلاديمير كوجين"، إتمام اتفاق تزويد السعودية بالنظام الدفاعي الصاروخي "إس-400"، في النصف الأول من العام الجاري، والذي انقضي بالفعل دون إبرام الصفقة.

وقبل ذلك بشهر، وتحديدا في يناير/كانون الثاني 2018، أعلن السفير القطري في موسكو "فهد بن محمد آل عطية"، أن مفاوضات مع موسكو بهدف شراء منظومة الصواريخ الدفاعية الروسية "إس-400" وصلت إلى مرحلة متقدمة.

كما كشف موقع "روسيا اليوم"، الشهر الماضي، أن الزيارة التي أجراها وزير الدفاع المصري الفريق أول "محمد زكي"، إلى موسكو، استهدفت الاطلاع على مجموعة من الأسلحة الروسية، وفي مقدمتها منظومة الدفاع الجوي المتطورة "إس-400".

الهند والصين، أيضا، يجريان مفاوضات مع روسيا، لاقتناء هذه المنظومة.

أما تركيا، فقد وقعت عقودا رسمية لشراء المنظومة، وسددت الدفعة الأولى منها، وذلك قبل أن يعلن رئيس شركة "روس أوبورون إكسبورت" الروسية "ألكسندر ميخييف"، الأسبوع الماضي، أن تنفيذ عقد توريد المنظومة سيبدأ العام المقبل 2019.

ووفقا لبيان صادر عن أمانة صناعة الدفاع التركية، فإن أنقرة ستشتري بطاريتين من هذا النظام الجوي، سيشغلهما أتراك، كما توصل الطرفان إلى اتفاق بشأن التعاون التكنولوجي في هذا المجال، لتطوير إنتاج أنظمة الدفاع الجوي الصاروخية في تركيا.

حظوط إتمام الصفقات

أما عن حظوظ إتمام الصفقات، فقد تبدو غير ما هو معلن، خاصة أن الولايات المتحدة لوحت بفرض عقوبات على أي دولة في العالم تعقد صفقات مع روسيا، بهذا الشأن.

السعودية، الحليفة الأمريكية، كانت من أشد المعارضين لاقتناء قطر لهذه المنظومة، كما جاء في صحيفة "لوموند الفرنسية"، بداية عام 2018، حين نقلت عن الملك السعودي "سلمان بن عبدالعزيز"، في رسالة إلى الإليزيه، معبرا فيها عن "قلقه العميق" من هذه المنظومة، مشيرا إلى أن "المملكة ستكون على استعداد لاتخاذ كل التدابير الضرورية للقضاء على هذا النظام الدفاعي، بما في ذلك القيام بتحرك عسكري".

كما أن قطر، حسب مراقبين، بعيدة هي الأخرى، عن هذه المنظومة، نظرا لوجود أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط بها، وهي حليف قوي للولايات المتحدة، ولا يمكن خسارته بسبب هذه الصفقة.

تبقى تركيا، عضو حلف شمال الأطلسي "ناتو"، التي حذرتها الولايات المتحدة من أن اقتناء هذه المنظومة يشكل خطرا على عدد من الأسلحة الأمريكية الصنع المستخدمة في تركيا بما فيها طائرات "إف-35".

وتشغل الولايات المتحدة حاليا المركز الأول من حيث تصدير الأسلحة في السوق الدولية.

وعلى الرغم من الأزمة الحالية بين الولايات المتحدة وتركيا، إلا أن مركز "Valdai Discussion Club" البحثي وثيق الصلة بالرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، توقع ألا تُعقد صفقة بين البلدين تتخلى بموجبها تركيا عن صفقة الصواريخ الروسية "إس-400" مقابل تسلمها مقاتلات "إف-35".

ولكن المركز لفت في تحليل كتبه "إيفجيني بوزينسكي" الجنرال السابق في الجيش الروسي، ونائب رئيس المجلس الروسي للشؤون الدولية، إلى أن التعاون الاقتصادي والتجاري بين روسيا وتركيا سيستمر ويزداد، رغم إلغاء صفقة الصورايخ.

وذكر "بوزينسكي" أن مسألة تزود تركيا بأسلحة روسية قضية حساسة للغاية بالنسبة إلى الولايات المتحدة، مضيفا: "قال لي أحد نواب وزير الدفاع الأمريكي الأسبق دونالد رامسفيلد: يمكنكم (روسيا) بيع البنادق والأسلحة الآلية والمركبات المدرعة وحتى الدبابات إلى دولة عضو في الناتو، ولكنكم لن تبيعوا الطائرات والسفن الحربية والدفاع الجوي أبدا.. لأن هذا ليس تعاونا عسكريا تقنيا، وليس تجارة، فهذه سياسة".

وعلق "بوزينسكي" على ذلك بأنه إذا نجحت روسيا في تزويد تركيا بمنظومة الدفاع الصاروخي، فسيكون ذلك اختراقا جوهريا للسياسة الأمريكية.

ومنظومة "إس-400" دخلت حيز الاستخدام في 2007، وهي منظومة مضادة لطائرات الإنذار المبكر، وطائرات التشويش، وطائرات الاستطلاع، ومضادة أيضا للصواريخ الباليستية متوسطة المدى.

وتستطيع صواريخ "إس-400" إسقاط جميع وسائل الهجوم الجوي الموجودة حاليا بما فيها الطائرات والمروحيات والطائرات المسيّرة، والصواريخ المجنحة والصواريخ الباليستية التكتيكية التي يمكن أن تصل سرعتها إلى 4800 متر في الثانية.

  كلمات مفتاحية

إس-400 السعودية مصر قطر تركيا روسيا عقوبات أمريكا

أمريكا تلوح بمعاقبة أي دولة تشتري منظومة "إس-400"