"اعتقالات سبتمبر" بالسعودية.. عام بلا تهم وترقب لمحاكمات سرية

الأحد 2 سبتمبر 2018 08:09 ص

أيام، ويبلغ عشرات المفكرين والمعارضين السياسيين والناشطين والشعراء والأدباء والخبراء الاقتصاديين والأكاديميين، من معتقلي الرأي في السعودية، عامهم الأول خلف القضبان، دون تهمة محددة.

عام كامل، تزايدت فيه أعداد المعتقلين في المملكة، بشكل كبير، في خطوة نكل فيها بعلماء ورموز المملكة، دون جريمة اقترفوها، ليبقى مصيرهم مجهولا، وإن ترددت أنباء عن بدء محاكمات سرية لبعضهم.

ومنذ 10 سبتمبر/أيلول من العام الماضي، تشهد السعودية حملة اعتقالات طالت العشرات، في حملات اعتقال جماعية مستمرة حتى اليوم، على الرغم من التنديد الحقوقي، ومطالبة منظمات دولية كـ"هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" بالإفراج الفوري عن المعتقلين، ومن قبلها الكشف الفوري عن مكان احتجازهم، والسماح لهم بالاتصال بعائلاتهم والمحامين.

بدون أسباب

ولا تزال أسباب حملة الاعتقالات غير واضحة، لكن نوعية الناشطين المستهدفين والمنتمين في غالبيتهم إلى تيار "الصحوة" الديني، أكبر تيار ديني منَظم في البلاد، والذي شهد دعما حكوميا وانتشارا هائلا في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، توحي بأن السلطات قررت التخلص من الدعاة ورجال الدين ذوي الشعبية الجماهيرية.

وعلى الرغم من أن الاعتقالات شملت أيضا ليبراليين، إلا أن القاسم المشترك بين هؤلاء جميعا، هو عدم خضوعهم الكامل للسلطة الحاكمة في المملكة، واعتراضهم على قيام السلطات بتبني سياسة السوق المفتوحة ورفع أسعار الوقود وفرض الضرائب على السعوديين، أو رفضهم الانخراط في الحملة الإعلامية الشرسة ضد قطر، على إثر الأزمة الخليجية التي اندلعت منتصف العام الماضي.

ولا يعرف حتى الآن العدد الكلي لمعتقلي الرأي في السعودية منذ بدء الحملة، لكن منظمات حقوقية رصدت أسماء أكثر من 250 شخصا، تم الإعلان عن اعتقالهم من قبل ذويهم ومقربين منهم، فيما يتوقع أن يكون آخرين قد اعتقلوا من دون إفصاح ذويهم، خوفا على سلامتهم الشخصية، وأملا في إفراج السلطات السعودية عنهم.

ويُعدّ الداعية "سلمان العودة"، أبرز المعتقلين، ويرافقه الداعية والباحث "عوض القرني"، والخبير الاقتصادي "عصام الزامل"، والمفكر "عبدالله المالكي"، والأكاديمي "يوسف الأحمد"، والداعية "علي العمري"، والشيخ "محمد موسى الشريف".

وبالإضافة إلى هذه الأسماء، اعتقلت السلطات أيضا حينها، الإعلاميين "فهد السنيدي" و"صالح الشيحي"، والقارئ "إدريس أبكر"، والمنشد "ربيع حافظ"، والأكاديميتين "رقية المحارب" و"عايشة المرزوق"، والروائي "فوزان الغسلان"، وغيرهم الكثيرين.

ولم تهدأ وتيرة الاعتقالات التي وصفت بأنها الكبرى في تاريخ المملكة سياسيا، ولم تتوقف على مدار شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول 2017، إذ لا تزال مستمرة حتى بعد مرور عام كامل عليها، فتعتقل السلطات كل فترة آخرين، مثل الداعية "عبدالعزيز الفوزان"، وإمام الحرم المكي "صالح آل طالب"، والمفكر الإسلامي الشيخ "سفر الحوالي"، والشيخ السوري المقيم في السعودية "محمد صالح المنجد".

ظروف سيئة

ويعاني الكثيرُ من هؤلاء المعتقلين من المرض، ومنع الأدوية عنهم، والتضييق عليهم داخل زنازينهم وأماكن احتجازهم، حيث تتحدث منظمات حقوقية عن ظروف إنسانية سيئة، خصة أن عددا منهم يعاني من أمراض مزمنة، وسط عدم استجابة من السلطات لنداءات السماح بالزيارة أو إدخال الأدوية.

لكن السلطات، استثنت حالات بسيطة أبرزها "مصطفى الحسن"، والذي أفرج عنه مؤخرا، بسبب إصابته بالسرطان ووصوله لمراحل متقدمة في جسده.

وكانت هذه الحملة بدأت عندما أوردت وكالات الأنباء العالمية والصحف السعودية والقطرية نبأ يفيد باتصال هاتفي بين أمير قطر الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني"، وولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان"، برعاية أمريكية، للجلوس على طاولة حوار، وبحث مآلات الأزمة الخليجية.

وبارك "العودة"، حينها عبر حسابه بموقع "تويتر"، هذه الخطوة داعيا للوحدة بين الخليجيين، ليعلن بعدها اعتقاله، ومن ثم اعتقال "عوض القرني"، وتبدأ سلسلة الاعتقالات.

ولم توجّه السلطات السعودية أي تهمة رسمية علنية، لكن صحف ووسائل إعلامية مقربة منها، اتهمت المعتقلين بالعمالة لجهات خارجية، والسعي لتخريب البلاد.

3 أنماط

ويمكن تقسيم حملة الاعتقالات إلى ثلاثة أنماط: الأول، هو اعتقال أعضاء "تيار الصحوة"، وهو تيار فكري لا تنظيمي يجمع بين أفكار مؤسس جماعة "الإخوان المسلمون"، "حسن البنا"، وبين أفكار "محمد بن عبدالوهاب"، الذي قامت على يده الدولة السعودية الأولى.

أما النمط الثاني هو اعتقال المحللين الاقتصاديين المعترضين على "رؤية 2030"، والتي تنص على فرض ضرائب باهظة على المواطنين السعوديين وخصخصة جزء من شركة "أرامكو" النفطية، التي تعد مصدر الدخل الأكبر للبلاد.

بينما يعد النمط الثالث، وهو العشوائي التأديبي، والذي طاول آخرين، قد يكون بعضهم مقربين من أي من النمطين الأول والثاني، أو قد يكون اعتقالهم مرتبطا باعتراض أبدوه على عدد من التغييرات التي شهدها المجتمع السعودي مؤخرا، كالسماح بحفلات غنائية مختلطة، أو فتح دور للسينما، أو مرتبطا باعتراضات سياسية كالتطبيع مع (إسرائيل) أو الحرب في اليمن.

ومؤخرا، كشفت مصادر حقوقية سعودية، عن سعي السلطات لبدء محاكمات سرية جديدة لـ8 معتقلين، وهم: الدعاة "سلمان العودة"، و"عوض القرني"، و"محمد موسى الشريف"، و"عادل باناعمة"، والأكاديمي "إبراهيم المديميغ"، والاقتصادي "عصام الزامل"، والإعلاميان "خالد العلكمي"، و"فهد السنيدي".

اعتقالات أخرى

يشار إلى أن هذه ليست الاعتقالات الوحيدة التي تمت في المملكة، خلال الأشهر الأخيرة.

ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2017، شنت السلطات السعودية حملة اعتقالات ضد أمراء ورجال أعمال، بدعوى "الفساد"، حيث تم إيداعهم في فندق "الريتز كارلتون"، بعد تحويله إلى معتقل كبير، قبل أن يتم الإفراج عن معظمهم بعد تسويات مالية.

وفي مايو/أيار الماضي، امتدت الاعتقالات إلى الناشطين الحقوقيين والناشطات النسويات، ووجّهت لهم السلطات تهمة التخابر مع جهات أجنبية نتيجة نشاطهم فيما يخص حقوق المرأة.

ووسط حملات الاعتقالات المتنوعة هذه، كانت هناك اعتقالات أخرى في المنطقة الشرقية التي تنشط فيها المعارضة المنتمية للطائفة الشيعية، منذ إعدام رجل الدين الشيعي "نمر النمر" مطلع 2016، إذ اعتقلت السلطات العشرات من شباب القرية بتهمة جمع الأسلحة والتخابر مع إيران.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اعتقالات السعودية اعتقالات سبتمبر الأزمة الخليجية رؤية 2030 العودة الزامل بن سلمان

بعد ورشة البحرين.. حملة اعتقالات جديدة لفلسطينيين بالسعودية

معتقلو سبتمبر في السعودية.. 5 سنوات من الحرمان (تعرف عليهم)

في ذكراها السادسة.. سعوديون يتذكرون معتقلي سبتمبر ويطالبون بإطلاق سراحهم