استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

لولا جون ماكين.. لبقيت في السجن حتى الآن

الأحد 2 سبتمبر 2018 11:09 ص

كتب الناشط المصري الأمريكي "محمد سلطان" مقالا في صحيفة "واشنطن بوست" نعى فيه السيناتور الأمريكي "جون ماكين" مشيرا إلى الدور الذي لعبه في الأفراج عنه من السجون المصرية.

ووصف "سلطان" ماكين بأنه كان حصنا للمضطهدين في جميع أنحاء العالم وشوكة في حلق الأنظمة الاستبدادية رغم مواقفه الأخرى المثيرة للجدل وعلى رأسها تأييده للحرب على العراق.

وفيما يلي ترجمة "الخليج الجديد" لمقال الناشط المصري:

استيقظت قبل بضعة أيام على رسالة صوتية من والدتي في مصر، تعزيني فيها بشأن فقدان السيناتور "جون ماكين". وفي وقت لاحق من نفس اليوم، تلقيت رسالتين نصيتين من الهواتف المحظورة داخل السجون المصرية؛ حيث كان أصدقائي هناك يشعرون بالحزن لفقدانه أيضا.

ولم يكن هذا مفاجئا، فقد لعب "ماكين"، بعد كل شيء، دورا حيويا في تأمين الإفراج عني من السجن في مصر، ومن دونه، لم أكن لأتمكن من كتابة هذه الكلمات كرجل حر.

وحين أكتب هذه الكلمات في حقه، يلفت انتباهي أنه كان هناك وقت انتقدته فيه بشدة.

لقد غادر السيناتور عالمنا المضطرب في وقت نحتاج فيه إلى رجل مثله. ومع استمرار طمس الحدود بين الواقع والخيال، ظل "ماكين" دائما راسخا في الواقع بموقف لا يتزعزع بشأن الحرية والأخلاق.

وبالطبع فإن خسارته تهز الآن المدافعين عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط. نحن نشعر بتأثير غيابه في الكفاح ضد القمع والطغيان في هذه الحقبة، التي أصبحت فيها حقوق الإنسان خارج قائمة أولويات الإدارة الحالية.

وكان باب "ماكين" مفتوحا دائما لضحايا الدكتاتوريات والأنظمة الاستبدادية. وكان موظفو مكتبه يشتكون مازحين من أنهم شعروا كما لو أن مهمتهم الوحيدة هي إنقاذ السجناء في جميع أنحاء العالم.

لم يكن فقط وطنيا أمريكيا، بل كان أيضا بطلا للملايين الذين واجهوا الاضطهاد، وقد تردد صدى صوته في بعض من أحلك الأبراج المحصنة والسجون في جميع أنحاء العالم.

وخلال ما يقرب من عامين في السجن في مصر، سمحت السلطات أحيانا لمجندي تنظيم "الدولة الإسلامية" بالدخول إلى عنابر الحجز الانفرادي.

وقد تم نشر هؤلاء المتطرفين عمدا لإقناعي وسجناء آخرين مؤيدين للديمقراطية بأن الإضرابات عن الطعام والمقاومة السلمية غير فعالة في مواجهة القمع، وجادلوا بأن الولايات المتحدة قد تخلت عن قيمها من خلال دعم أمثال الرئيس "عبد الفتاح السيسي".

ورد الكثيرون منا على دعايتهم باستحضار اسم "ماكين" الذي أثبتت مواقفه أن الغرب لم تحتضر لديه الإنسانية بعد، وأن السياسة الأمريكية ليست على قلب رجل واحد.

فبعد أن نزل جنود الجيش إلى شوارع القاهرة في يوليو/تموز 2013، رد "ماكين" بشجاعة لم تكن حاضرة لدى البيت الأبيض؛ حيث استخدم كلمة "انقلاب" لوصف استيلاء "السيسي" على السلطة، وقمع الحكومة المنتخبة.

وفي عام 2015، أصدر "ماكين" بيانا قويا يطالب فيه بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان في الدول القمعية مثل مصر، والإفراج عن المسجونين منهم، وكنت أنا من بينهم.

وعندما سمعت أن "ماكين" كتب رسالة تطالب بالإفراج عني، تفاجئت. فلطالما عارضت سياساته المتشددة في الشرق الأوسط، بما في ذلك دعمه للحرب في العراق، وكمواطن أمريكي، قمت بحملة ضده بلا كلل في الانتخابات الرئاسية لعام 2008.

وفي الواقع، ما زلت لا أوافقه العديد من سياساته ومواقفه السابقة، ومع ذلك، كنت ممتنا لدفاعه عني في قاعة مجلس الشيوخ وخلف الأبواب المغلقة. فعندما كنت في زنزانتي في السجن، وسقطت عدة مرات على حافة الموت، قدم دعمه بصيص أمل لا يمكن سوى لسجين سابق آخر فهمه.

لقد كان صوته محوريا للحصول على دعم الولايات المتحدة في تأمين إطلاق سراحي، وإطلاق سراح الآلاف من سجناء الرأي حول العالم.

أثبت "ماكين" أنه يمكن لشخص لم يجرب القمع أن يستمر في حربه الأخلاقية بمثل هذا الشغف والتفاني. وأنا، مثل كثيرين آخرين، استفدت من شجاعة "ماكين"، وتأثرت ببطولته.

وسيذكر التاريخ "ماكين" كرجل ذو عيوب، غالبا ما تخضع سياساته لتحيزاته وقيوده، ولكن أيضا، على نحو أكثر أهمية، كرجل مباديء ملتزم بالعدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان.

لقد كان "ماكين" شاهدا على حقيقة أن المرء قد يكون إنسانا وسياسيا محترما، مع الحفاظ على صدق القيم والمبادئ العالمية. واليوم، يحتفل الطغاة والديكتاتوريون بموته، بينما نحن، ضحايا الاستبداد، نرثيه ونحزن لخسارته.

نعم، تعد خسارة "ماكين" خسارة مدمرة بشكل استثنائي للمدافعين عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. إنه يترك فراغا هائلا في وقت يعاني فيه هذا المجتمع من الظلم والانهزام، ويفقد العديد من أبطاله الأقوياء.

وفي المقابل، ستؤدي وفاته إلى تشجيع الديماغوجيين والسلطويين والدكتاتوريين في جميع أنحاء العالم لأعوام عديدة، لقد كان بمثابة جدار حماية ضد اضطهاد الدولة لكثير من الناس، وليس من الواضح ما إذا كان هناك أي شخص قادر على ملء الفراغ الذي تركه.

وفي نهاية حديثي، من سجين سابق إلى الآخرين مثله حول العالم، أعدكم بمشاركة روح الحرية التي غرسها "ماكين" في حياتي وحياة الآخرين. وأتعهد بمساعدة الآخرين بنفس روحه الشجاعة وتفانيه، وآمل أن يشعر بطريقة ما بتأثير الخير الذي جلبه إلى هذا العالم.

  كلمات مفتاحية

وفاة جون ماكين محمد سلطان السجون المصرية حقوق الإنسان

"أوباما" يسخر من "ترامب" ويثير الضحك بتأبين "ماكين" (فيديو)