"بن سلمان" وآل سعود.. الطريق إلى "ريتزكارلتون" مرة أخرى

الاثنين 10 سبتمبر 2018 06:09 ص

لا تحدث التغييرات الكبيرة أبداً دون حالة من عدم الاستقرار والصراع والأزمات المحتملة، لهذا فإن التغيير الدراماتيكي في السعودية لتنويع اقتصادها بعيداً عن اقتصاد الدولة المعتمد على النفط لا يسير كما هو متوقع.

ويمكن للتأخير المستمر في طرح أسهم شركة "أرامكو" للاكتتاب العام، وتعثر المشاريع الضخمة التي يقوم بها صندوق الثروة السيادي السعودي، والتغييرات التي تطرأ على النسيج الاجتماعي، يمكن لهذه الأمور أن تقوض موقف ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان"، ويمكن للمحافظين الدينيين أن يتخذوا خيار المواجهة، إذا أظهر تنفيذ رؤية السعودية 2030 نقاط ضعف كبيرة.

ولا تزال المعارضة الداخلية في العائلة الملكية قائمة، لكن "محمد بن سلمان" تم إنقاذه جزئياً حتى الآن بفضل الدعم الكامل الذي قدمه له والده الملك "سلمان"، وبالنظر إلى الوضع على الأرض، فإنه تلوح في الأفق مواجهة... فهل تكون جولة "ريتز كارلتون" أخرى؟

صراع داخل العائلة

انتشرت الانتقادات الدولية للتغيرات الدراماتيكية الجارية داخل المملكة، ويبدو أن وسائل الإعلام الغربية قد اختارت "محمد بن سلمان" كأحد أهدافها الرئيسية، حيث إن المقالات السلبية حول تأثير الرؤية السعودية والمناقشة المستمرة حول حقوق الإنسان أو الحريات الدينية تتبع بعضها البعض بشكل منتظم.

ولا ينبغي الاستهانة بالتغييرات التي طرأت على النسيج الاجتماعي للمملكة العربية السعودية وموقف رجال الدين الوهابيين المحافظين، ومن المؤكد أن دخول المملكة في القرن الواحد والعشرين لن يمر بدون عدم استقرار داخلي، ونكسات، وعواقب محتملة.

ولا يعد تغيير النسيج الاجتماعي المحافظ الأبوي المدعوم بالدرجة الأولى من قبل دولة ريعية مع نظام اقتصادي قائم على إعادة توزيع الدخل، لا يعد تغييره أمرا سهلا، وسيضطر "محمد بن سلمان" للتعامل مع المعارضة الخارجية والداخلية، في حين يتعامل مع التحديات الاقتصادية والمالية.

ويشكل تغيير المجتمع من الداخل تحديًا كبيرًا لأي نظام، بالنظر إلى الوضع السعودي، فإن هذا ممكن فقط من خلال صناعة أعداء من جميع الأطراف.

في الأيام القليلة الماضية، تحدثت العديد من الصحف الكبرى عن ما رأوا أنه صراع آخر يحدث داخل العائلة المالكة، وأفادت تلك التقارير بأن صراعاً على السلطة يجري داخل المستويات العليا من عائلة آل سعود، أو حتى داخل فرع "سلمان" نفسه.

فقد وردت أنباء عن حدوث خلاف بين الملك "سلمان" وشقيقه الأمير "أحمد،" حيث ورد أن الأخير انتقد الطريقة التي تتعامل بها المملكة مع حرب اليمن، وقالت مصادر إعلامية إن الأمير "أحمد" وجه انتقاداته للملك وولي العهد وحملهما المسؤولية عن نتائج التورط العسكري السعودي الإماراتي في حرب اليمن.

ودحضت وسائل الإعلام السعودية هذه التصريحات، زاعمة أن نقل تصريحات الأمير كان غير دقيق، لكن هذه التطورات ليست جديدة، فالمعارضة الداخلية أو عدم الرضا عن دور وقوة "محمد بن سلمان"، الذي ينظر إليه من قبل العديد من العائلة المالكة على أنه أصغر من اللازم، أو عديم الخبرة، أو عدواني للغاية، لا تزال موجودة. وطالما أن الملك "سلمان" هو الحاكم فلن يتم إجراء أي تغييرات، لكن السؤال الحقيقي هو ما يحدث عندما يموت الملك أو يتخلى عن العرش في المستقبل.

وتم منح "محمد بن سلمان" تفويضاً مطلقاً لتعزيز سلطاته، جزئياً من خلال تعيين المؤيدين الموثوق بهم أو أفراد الأسرة المباشرين، ولا تزال فروع أخرى من آل سعود تنتظر الحصول على أي فرصة للعودة إلى دائرة الضوء، ورغم أن ليلة السكاكين الطويلة لا تلوح في الأفق بعد، فإنه لا يمكن استبعاد أي شيء في الوقت الراهن.

وفي الوقت نفسه ، سيكون على "بن سلمان" مواجهة معارضة شديدة من داخل المؤسسة الدينية، والتي لا يزال جزء منها منحازاً إلى بعض أفراد العائلة المالكة الأكثر تحفظًا، وهو يواصل السير على خيط رفيع جداً، في استراتيجيته لإزالة المحافظين المتدينين من السلطة، دون استثارة رد فعل قوي في الشوارع.

ولا يزال الشعور بالضيق من نهج ريتز كارلتون في نهاية 2017 - عندما تم القبض على عشرات من رجال الأعمال السعوديين والأمراء البارزين بتهم الاحتيال- ملموساً، كما يتصاعد النقد الغربي حول ما يبدو نهجاً مناهضاً لليبرالية وحقوق الإنسان أو حقوق المرأة، فيما ينتظر المحافظون الوقت المناسب لتوجيه ضربة لـ"بن سلمان" تزامنا مع زيادة الانتقادات الدولية.

أيام حاسمة

وبالنسبة لاستراتيجية ولي العهد الحالية المتمثلة في اعتقال القوى الليبرالية البارزة، خاصة النساء، فإنه يجب أن ينظر إليها على أنها محاولة لإيهام المحافظين بأن آراءهم لا تزال تؤخذ بعين الاعتبار من قبل "محمد بن سلمان".

في غضون ذلك، يستمر ولي العهد في انتزاع السلطة السياسية من العلماء الوهابيين دون مواجهة مباشرة قد تجعله عرضة لردود فعل مباشرة وربما عنيفة.

 يعاني "محمد بن سلمان" للحفاظ على جميع كراته في الهواء، وبعضها اصطدم بالأرض بالفعل وارتد مرة أخرى، مثل الاكتتاب العام لشركة "أرامكو" أو بعض المشاريع الضخمة.

ولا يزال التفاؤل قائماً، لكن يمكن تحويله بسهولة إلى معارضة رجعية كاملة إذا كان الألم المحسوس في الوقت الحالي أعلى بكثير من المكاسب المستقبلية.

في غضون ذلك، يجب على الغرب أن يدرك أنه في "المملكة الجديدة" سيكون دائماً تحرير الاقتصاد، أو إدماج الإناث، أو الانفتاح على السوق العالمية، أمورا محسوبة ومحدودة، فجميع الأعضاء، بما في ذلك "محمد بن سلمان" ووالده، سيتخذون جميع التدابير اللازمة لمنع الانفجار الداخلي للعائلة المالكة، وسوف يتم إجراء التغييرات بما لا يضعف أبداً مكانة آل سعود.

وسيكون الشهران المقبلان حاسمين، ولا تزال هناك معارضة داخل العديد من أفرع آل سعود؛ فالمحافظون ورجال الدين غير راضين بفقدان السلطة والنفوذ، وسيتعين على "بن سلمان" تقديم إنجاز ضخم في وقت قريب، وإلا فإن فترة الانتباه الإيجابية للشباب السعوديين قد تنتهي والانقلاب المحتمل ليس بعيداً أبداً، كما رأينا سابقاً في المملكة، ويمكن أن تمهد الأحداث البارزة لمثل هذه الخطوة، إذا أتيحت الفرصة.

  كلمات مفتاحية

السعودية محمد بن سلمان الأمير أحمد اعتقالات الأمراء ريتز كارليتون

تشهير رسمي بمطلقة الملك سلمان وأمراء ومسؤول بالديوان

تصفية مراكز القوى.. هكذا احتكر آل سلمان مليارات التسليح بالسعودية