أشباح تهدد عرش السيسي.. سر القبض على نجلي مبارك

الثلاثاء 18 سبتمبر 2018 01:09 ص

"لا أعلم ماذا يريد جمال وعلاء مبارك بعد كل ما فعلاه"..

هكذا هاجم رئيس مجلس إدارة مؤسسة "أخبار اليوم" الصحفية المصرية (حكومية)، الكاتب الصحفي، "ياسر رزق"، نجلي الرئيس المخلوع، "حسني مبارك"، الإثنين، خلال لقاء تليفزيوني بفضائية "DMC" المصرية (خاصة)، بعد أيام من إعادة إلقاء القبض عليهما على ذمة القضية المعروفة إعلاميا باسم "التلاعب بالبورصة"، محذرا من "دور سياسي مشبوه" يخططان للقيام به، حسب قوله.

ولم يكن تحذير "رزق"، المقرب من المخابرات الحربية، والمحسوب على فريق الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، سوى حلقة في سلسلة تمثل "حملة إعلامية" ضد "جمال وعلاء" تبناها الكتاب الموالون لـ"السيسي"؛ ما طرح علامات استفهام عديدة حول الخلفية الحقيقية لإعادة حبسهما مجددا.

وفي هذا السياق، يتبنى الكتاب الموالين لـ"السيسي"، ومنهم "رزق" و"محمود الكردوسي" و"محمود خليل"، التفسير القائم على مقتضيات سير المحاكمة قانونيا في قضية التلاعب بالبورصة المصرية، وهو ما لا يبدو مقنعا لكثير من المراقبين، ومنهم الكاتب السعودي "جمال خاشقجي"، الذي يرى أن جميع الشواهد تؤكد أنه "لا يمكن أن تعزو تصرف كهذا لاستحقاق قضائي أو حرب على الفساد" وفقا لما أورده عبر حسابه على "تويتر".

فتسييس قرارات وأحكام القضاء المصري بات من المعلوم بالضرورة لدى منظمات حقوق الإنسان الدولية، التي نددت مؤخرا بأحكام الإعدام الجماعية ضد المتهمين في القضية المعروفة إعلاميا باسم "فض  اعتصام رابعة"؛ إذ صدرت أحكام إعدام بحق بعض المتهمين الذين لم يكونوا في مصر أصلا وقت فض الاعتصام، ومنهم الداعية "وجدي غنيم"؛ الأمر الذي يرجح "التفسير السياسي" لما جرى لـ"علاء" و"جمال مبارك"، حسب "خاشقجي" والعديد من المراقبين.

أشباح الظلام

ويرى الكاتب السعودي أن التفسير الوحيد لما جرى هو "أن السيسي قلق، وبات يرى أشباحا في الظلام"، في إشارة إلى تحركات لنجلي الرئيس المخلوع رصدها الرئيس المصري، واعتبرها خطرا على استقرار نظامه الحاكم.

هذا عن قلق الرئيس المصري، فماذا عن أشباح الظلام؟ وما هي المؤشرات التي رصدها "السيسي" لتحركها؟

تغيرات نوعية جرت على سلوك "علاء" و"جمال"، خلال الشهور الماضية، تقدم مقاربة للإجابة على السؤال، أهمها تكثيف ظهورهما بالمناسبات الاجتماعية والرياضية، وسط أجواء تقدم صورة إعلامية تشي للمتابع بأن نجلي الرئيس المخلوع يحظيان بشعبية معتبرة.

هذا ما جرى في حضور "علاء مبارك" للعزاء في والد لاعب الكرة السابق، ذي الشعبية الطاغية "محمد أبو تريكة" في يوليو/تموز من العام الماضي.

وتبع ذلك عدة مناسبات أخرى، ظهر فيها "جمال" أيضا مؤديا واجب العزاء ومشاركا الأفراح، وهو ما لم يرق للرئيس المصري الذي يرفض وجود أي مجال للحياة السياسية والمدنية، فضلا عن وجود "منافسين" له، حسب ما يرى الكاتب الصحفي المعارض "سليم عزوز".

وفي هذا الإطار، يمكن قراءة حملة الهجوم التي شنها "الكردوسي"، عبر صحيفة "الوطن" المصرية (خاصة) ضد "علاء مبارك" تحديدا، خاصة أن حساب الأخير على "تويتر" عاد للنشاط بقوة مؤخرا، وتحول إلى محط أنظار آلاف المتابعين.

إحياء تيار

ولما كان "جمال" و"علاء مبارك" لا يمثلان "منافسين مباشرين" على سدة الحكم، باعتبار أن القانون يمنعهما من الترشح للرئاسة حتى عام 2021، بموجب البند 6 من المادة الثانية من قانون مباشرة الحقوق السياسية في مصر، فإن المقصود بـ"أشباح الظلام" التي أقلقت "السيسي" هو "التيار" الذي بدت ملامحة آخذة في التشكل خلال فترة عودة نجلي الرئيس المخلوع للظهور العام.

فالقانون لا يعطي لـ"علاء" و"جمال" الحق في الترشح بالانتخابات الرئاسية المقبلة، أو مباشرة حقوقهما السياسية بالتصويت والانتخاب، لفترة 6 سنوات تبدأ من تاريخ تنفيذ العقوبة المقررة بحقه في قضية الفساد المعروفة إعلاميا باسم "القصور الرئاسية"، لكن فترة حضورهما العام أعادت التخوف لدى نظام "السيسي" من إعادة تشكيل دوائر نفوذ "الحزب الوطني" الذي كان حاكما إبان عهد الرئيس المخلوع "حسني مبارك".

في هذا الإطار، يشير "عزوز"، في تصريحات أدلى بها لموقع "عربي 21"، إلى أن خطورة إحياء هذا التيار لا تكمن في احتمال دعمه مرشحا بانتخابات الرئاسة المقررة في 2020، بل في التأثير سلبا على مخطط "السيسي" لـ "هندسة" الانتخابات البرلمانية المقبلة، التي ستحدد بشكل كبير مصير استمراره في الحكم بشكل قانوني، عبر السماح بإجراءات تعديل الدستور لزيادة مدة رئاسة الجمهورية التي تنتهي 2022، وعدم قصرها على فترتين فقط، كما ينص الدستور المعمول به حاليا.

تنازع الولاء

وبإضافة أن القاعدة التي يستند إليها "السيسي" في انتخابات البرلمان، ومنها تكتل الأكثرية البرلمانية الحالي (مستقبل وطن)، خرج معظمها أصلا من رحم الحزب الوطني المنحل، يمكن استنتاج ما يمثله "تنازع الولاءات" من قلق لدى الرئيس المصري، الذي يعتمد بالأساس على أحادية الولاء لشخصه كأحد أهم معايير اختيار معاونيه، سواء سياسيا أو في أجهزة الدولة المختلفة.

ليس هذا فقط، بل إن حالة "الظهير البرلماني" تدعو "السيسي" لقلق مضاعف؛ إذ فشل الأحزاب السياسية المكونة له في الاندماج داخل حزب واحد، كما يرغب الرئيس المصري، لخلافات على توزيع المناصب، ما يعني أن الظهور المتنامي لنجلي "مبارك" ربما يؤدي إلى "انشقاقات" بالقاعدة الديكورية التي يعتمد عليها "السيسي" في "شرعنة" حكمه، وليس في منافسته فقط.

مفاصل الدولة

3 مخاطر عززت من مخاوف "الأشباح" لدى "السيسي"، حسب تعبير "خاشقجي"؛ الأول هو امتداد صلات "التيار"، المراد إحياؤه من قبل نجلي "مبارك"، إلى أجهزة الدولة، والثاني يتمثل في نفوذهما الخارجي الذي يصل إلى "علاقات وثيقة" بأطراف خليجية، والثالث يؤشر إلى أن اتصال كل منهما بأطراف من جماعة "الإخوان المسلمين" (العدو اللدود لنظام السيسي) ليس مستبعدا بالكلية.

وفي سياق الخطر الأول، نشر "محمود خليل" مقالا عبر صحيفة "الوطن" أيضا، بتاريخ 14 مايو/أيار الماضي، أشار فيه إلى حوار أجرته صحيفة "الصباح" المصرية (خاصة) مع وزير المالية الأسبق في عهد "مبارك"، "يوسف بطرس غالي"، أكد فيه أن الدولة المصرية تستعين به في استشارات اقتصادية منذ يناير/كانون الثاني 2011، وأنه ظل على اتصال دائم مع مسؤولين بوزارة المالية، أرسلوا له تقارير دورية بشأن الوضع الاقتصادي في مصر.

وخلص "خليل"، المقرب من دوائر نظام "السيسي"، في مقاله، إلى أن نجلي "مبارك" حاولا تشكيل خريطة للتأثير سلبا في الأوضاع الاقتصادية المصرية، محملا كلا منهما مسؤولية "الأزمة الاقتصادية الخانقة" التي مرت بها مصر في 2016.

ولا يحتاج الخطير الثاني إلى كثير من الأدلة، في ظل العلاقات التاريخية الوثيقة التي جمعت "مبارك" بدول النفوذ الخليجي التاريخي داخل مصر، وليس أدل عليها من أن قائمة المتهمين في قضية "التلاعب بالبورصة" تضم رجلي الأعمال السعوديين "عبد الرحمن الشربتلي" ونجله "حسن".

دعم الإخوان

أما الخطر الثالث فهو أكثر ما يقلق الكتاب الموالين لـ"السيسي"، حسب ما بدا من تصريحات "ياسر رزق" خلال مشاركته ببرنامج (مساء DMC)؛ إذ حذر صراحة من "صفقة" بين "جمال مبارك" و"الإخوان المسلمين.

لا دليل ملموس على تواصل ممثلي "تيار الأشباح" الذي يتخوف منه "السيسي" مع الإخوان، الذين يقبع قيادات الداخل منهم في السجون المصرية، لكن المؤكد أن تعاونا بين "جناحي القاعدة الشعبية" في عهد "مبارك" يمكن يمثل تهديدا لتشكيل جديد لمجلس نواب، يقوم على الولاء الفردي، من جانب، وتمرير التعديل الدستور المنشود من قبل "السيسي"، من جانب آخر.

فهل يقبل أعداء الأمس التعاون لمواجهة ما بات "خصما مشتركا" اليوم؟ ستكون أحداث العام المقبل (2019) فيصلا مهما في تحديد الإجابة على هكذا سؤال.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر جمال مبارك علاء مبارك حسني مبارك الإخوان المسلمون

قاضي تيران وصنافير ينتصر لنجلي مبارك في قضية البورصة