مصير "المتشددين" والمقاتلين الأجانب.. كلمة السر لنجاح اتفاق إدلب

الأربعاء 19 سبتمبر 2018 12:09 م

باتت تركيا، مسؤولة عن إخلاء منطقة إدلب من "المتشددين"، خاصة من المقاتلين الأجانب، وذلك عقب توصل الرئيسين التركي "رجب طيب أردوغان" والروسي "فلاديمير بوتين"، لاتفاق السلام الذي أبعد عن المنطقة شبح الحرب التي كانت تهدد الملايين.

ويرتبط مصير هذا الاتفاق، برد فعل المقاتلين، خاصة الأجانب، في المنطقة، في ظل ضيق الوقت، إذ يريد الزعيمان إقامة المنطقة منزوعة السلاح بحلول منتصف أكتوبر/تشرين الأول المقبل، لكن من غير الواضح كيف سيطبقان خطتهما لنزع سلاح "المتشددين" وإخراجهم من المنطقة.

ولم يوضح "بوتين" أو "أردوغان"، كيف يخططان لتمييز مقاتلي المعارضة "ذوي التوجهات الجهادية"، عن غيرهم من جماعات المعارضة المناهضة لرئيس النظام السوري "بشار الأسد".

وتدعو أنقرة منذ أشهر، لحملة محددة تستهدف "المتشددين"، الذين يسيطرون على مناطق من إدلب، بدلا من هجوم واسع النطاق على منطقة يسكنها أيضا نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون مدني، وعشرات الآلاف من مقاتلي المعارضة الذين تدعمهم تركيا.

ويمنح الاتفاق، الذي أعلن في سوتشي، الإثنين، تركيا فرصة تحويل هذا المقترح إلى أمر واقع.

وقال "بوتين" عند إعلانه عن الاتفاق إن المنطقة ستمتد على طول الخطوط الأمامية التي تفصل إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة عن قوات الحكومة السورية.

وقال إن "المتشددين" سينسحبون وسيتم سحب الأسلحة الثقيلة منهم ومن غيرهم من الجماعات المعارضة، إلا أنه لم يحدد كيف سيجري إقناع الجماعات المتطرفة بالتعاون أو أين قد يتم إرسالها.

أزمة الأجانب

وحسب الخبير العسكري المقرب من المعارضة السورية المسلحة العقيد "أحمد حمادي"، فإن إدلب لا تضم ذلك الحجم من "المتشددين"، كما تمّ الترويج له من قبل النظام السوري وحلفائه.

ومع ذلك تتحدث تقارير إعلامية عن نحو 10 آلاف مقاتل بينهم ألف إلى 3 آلاف، مما يطلق عليهم "الغرباء"، والمقصود "غير السوريين الذي قصدوا البلاد من أجل الجهاد"، فيما ذهبت تقارير أخرى إلى اعتبار أن عددهم يصل حتى إلى 4 آلاف.

وتتفاوت التقديرات أيضا حول جنسياتهم، ويفترض أن يكون القسم الأكبر منهم من المقاتلين المنحدرين من "القوقاز"، فيما يضم الباقي عربا وأوروبيين وأفارقة.

بالنسبة لهؤلاء لأجانب، فإن إدلب هي آخر ملاذ في سوريا بعد أن تمكن "الأسد"، بمساعدة حليفتيه روسيا وإيران، من قلب دفة الحرب لصالحه وطرد معارضيه من الجيوب المتبقية في المناطق الجنوبية والغربية من البلاد.

وأقوى مجموعة معارضة في إدلب هي تحالف "تحرير الشام" الذي يضم جماعات إسلامية مؤلفة من مقاتلين سوريين وأجانب، وتهيمن عليه جبهة "النصرة" التي كانت تابعة لـ"القاعدة".

وحدد "بوتين"، جبهة "النصرة"، باعتبارها واحدة من الجماعات التي ستستهدفها الإجراءات.

الدبلوماسي التركي السابق والمحلل لدى مركز "كارنيجي" في أوروبا "سنان أولجن"، قال: "المشكلة الأساسية هي المقاتلون الأجانب لأنه لم يعد لديهم مكان يلجأون إليه".

وذكر "أولجن"، أن تركيا تعلق آمالها فيما يبدو على الانقسامات المحتملة بين المتشددين، وتتوقع أن المقاتلين السوريين سيكونون أكثر ميلا لتسليم سلاحهم من الأجانب.

وقال: "المبدأ الأساسي هو فرق تسد... محاولة التفرقة على مستوى جذري... قد يكونون جميعهم جهاديين، لكن ربما تكون ميولهم مختلفة فيما يتعلق بنزع السلاح".

خيارات

مصدر بالمعارضة في إدلب، قال لـ"رويترز"، إن هناك وجهات نظر مختلفة داخل تحالف "تحرير الشام"، بشأن إمكانية التعاون.

وأضاف المصدر، إن موقف "تحرير الشام"، مهم لأن التحالف يملك ما يكفي من النفوذ لفرض إرادته على مقاتلين جهاديين آخرين في إدلب، بمن فيهم الأجانب، إذا توصل مجلسه للشورى لقرار بشأن المسألة.

وتابع المصدر: "إذا أبرم اتفاق بين تحرير الشام وتركيا فستمضي المسألة بسهولة".

وصنفت تركيا تحالف "تحرير الشام"، منظمة "إرهابية"، الشهر الماضي، لكن المصدر قال إن "ثمة مؤشرات على أن تركيا وتحرير الشام قد يتعاونان على الأرض"، مشيرا إلى السهولة التي تمر بها القوافل التركية عبر إدلب.

غير أنه وفي حال رفضت العناصر "المتشددة"، سواء من السوريين أو غير السوريين الاستسلام للوصاية التركية، فإن الخيار العسكري "لا مفر منه"، حسب الخبير العسكري "أحمد حمادي" الذي رجح أن تقوم تركيا بعملية عسكرية معتمدة في ذلك على القوات الموالية لها، ومن أبرزها "الجبهة الوطنية للتحرير" وقوامها فصائل جيش الحر وفصائل المعارضة المعتدلة.

مهلة

أما "متين جورجان"، وهو محلل أمني وضابط تركي متقاعد، فذكر أن "اتفاق سوتشي ضمن لتركيا متنفسا حتى 15 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وهو موعد تنفيذ الاتفاق، لكن "روسيا لن تحجم إلى الأبد عن التعامل مع منطقة سبق ووصفتها بأنها وكر للإرهابيين".

وقال: "اشترت أنقرة شهرا وروسيا منحتها هذه المهلة.. لكن موسكو تقوم بذلك للمرة الأخيرة. كيف ستستغل أنقرة هذا الشهر؟".

الخيارات المتاحة أمام تركيا تعد على يد الأصابع، بحسب المحلل العسكري "أحمد رحال"، الذي قال لـ"دوتشيه فيليه عربية": "بالنسبة للمقاتلين السوريين، فإن غالبية المنضمين تحت لواء هيئة تحرير الشام، وفصائل مشابهة لها لا يحملون فكر القاعدة، أو فكر هيئة النصرة سابقا، بقدر ما أن محركهم الأساسي الإطاحة بنظام الأسد".

وأضاف: "بالتالي فإن هؤلاء وخلال فترة قصيرة لا تتعدى أسابيع، يمكن إدماجهم عبر تنظيم أو فصيل إلى قوات الجيش الحر أو إلى الجبهة الوطنية للتحرير وينتهي الوضع".

على صعيد آخر، لم يعد أمام المتشديين، الكثير من الحلول، فإدلب الساحة الجغرافية الأخيرة للمقاتلين الأجانب، ولا وجهة بعدها في الداخل السوري على الأقل.

وحتى المنافذ المتاحة خارج سوريا أصبحت تضيق في وجه هؤلاء.

الوجهة التقليدية كانت وزيرستان بين أفغانستان وباكستان، وهي المنطقة التي تسيطر عليها عمليا "القاعدة"، لكن التنقل إلى تلك المناطق بات أكثر صعوبة من أي وقت مضى.

وهناك خشية من أن يتحول المسار الجديد إلى منطقة الساحل والصحراء، خاصة إلى ليبيا، مع وجود تقارير استخباراتية تؤكد انتقال هذه العناصر إلى ليبيا في السنوات الأخيرة، خاصة أولئك الذين رفضوا التعاون مع أنقرة، فانضموا إلى تنظيم "أنصار الشريعة" هناك.

  كلمات مفتاحية

المتشددون الأجانب القاعدة النصرة تحرير الشام اتفاق إدلب سوريا روسيا تركيا

روسيا: فصل المتشددين عن المعارضة المعتدلة في إدلب لم يتحقق