التوطين يرفع البطالة.. قطاع التجزئة السعودي مهدد بالانهيار

الأربعاء 19 سبتمبر 2018 05:09 ص

"الشباب السعودي سيدفعون ثمن فشل خطط الحاكم الفعلي، ولي العهد محمد بن سلمان"..

هكذا قدمت "بلومبرغ" خلاصة تحليلية للمعاناة التي تكافح شركات القطاع الخاص السعودية لتجاوزها من أجل تشغيل سعوديين بالوظائف التي أعلنت الرياض أنها ستكون مقتصرة على المواطنين.

الوكالة الأمريكية رصدت أثرا عكسيا لتطبيق قرار التوطين على حركة الأعمال التجارية في المملكة، التي تشهد تباطؤا في النمو، بسبب كلفة إلزامها بـ"السعودة"، إضافة إلى الضرائب الكبيرة التي فُرضت على الوافدين، ما دفع الآلاف منهم إلى المغادرة.

فالسعوديون يفضلون الوظائف الحكومية؛ لأن دوامها أقصر واستقرارها أكبر، في حين يهيمن العمال الوافدون على القطاع الخاص، ما يعني أن إلزام الشركات الخاصة بالتوطين سيواجه معاناة "إقناع" المواطنين بالعمل لديها أولا، وكلفة رواتبهم الكبيرة مقارنة بالوافدين ثانيا.

وإزاء ذلك، ومع حملة التقشف التي تقودها السلطات السعودية، عبر فرض ضريبة القيمة المضافة على المغتربين وتقليص الدعم، فإن الكثير من الشركات السعودية تفكر جديا بالتوقف، لأنها ترى أن الكثير من السعوديين الراغبين بالعمل، سيشكلون عبئا كبيرا عليها، خاصة أن تلك الشركات تعتمد في عملها على العمالة الرخيصة القادمة من باكستان والهند واليمن ومصر.

محلات بلا عمال

في هذا السياق، نقلت "بلومبرغ" عن صاحب معرض أثاث في الرياض، يدعى "مهند"، تساؤله عن ما إذا كان بإمكانه البقاء في مهنته، خاصة بعد أن سعى كثيرا من أجل توظيف سعوديين ودفعهم للعمل معه دون فائدة.

وأوضح "مهند" أن مشروعه يواجه مشكلة كبيرة بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي، وغياب الأيدي العاملة التي تجمع بين الكفاءة والمواطنة.

ورغم أنه يضع إعلانات توظيف تغطي نحو 69% من واجهة متجره، إلا أنه لا يجد من يعمل من السعوديين، ما يعني أن قطاع تجارة التجزئة في المملكة بات مهددا بالانهيار، حسب قوله.

أما الشاب اليمني "سالم"، الذي يبلغ من العمر 19 عاما، ويعمل في متجر والده الصغير، فيقول إن عائلته تفكر بمغادرة السعودية؛ لأنه "لم يعد هناك شيء يستحق البقاء"، حسب قوله.

كما ذكرت صحيفة (Saudi Gazette) السعودية، في تقرير لها، أن كثيرا من المحلات أُغلقت في مناطق متفرقة من المملكة؛ نظرا إلى مخاوف أصحابها من التعرض لغرامات مالية من السلطات، التي بدأت حملات التفتيش لضمان تفعيل الإجراءات الجديدة.

ارتفاع البطالة

ورغم مغادرة الآلاف من الأجانب للمملكة، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لخفض نسبة البطالة بين السعوديين، حيث تشير التقديرات إلى أنها ارتفعت نحو 7.6% عما كانت عليه قبل عام.

ولما كان قرار التوطين يستهدف بالأساس يشكل خلق فرص عمل للسعوديين، فإن المآل الذي يصل إليه القطاع الخاص بالمملكة يفضي إلى نتيجة مفادها أن "السعودة" تؤدي حتى الآن إلى عكس الهدف المرجو منها، بحسب الوكالة الأمريكية.

وبلغت نسبة البطالة بين السعوديين في 2018 نحو 12.9%، وهي الأعلى منذ عقد من الزمان، فهناك ربع مليون شاب قادر على العمل يدخلون سوق العمل سنويا، ولم تعد الوظائف الحكومية كافية.

ولذا عبر العديد من أصحاب العمل ورجال الأعمال في السعودية عن امتعاضهم من قرار التوطين، وفقا لما نقلته الإذاعة الوطنية الأمريكية العامة (NPR).

الموظف السعودي

ففي لقاء بأحد متاجر بيع الإلكترونيات في مركز تسوق شهير في الرياض يقول المالك (أبو سعود) إن لديه ثلاثة متاجر في المركز، وكانت الأعمال جيدة حتى أخبرته الحكومة بتغيير عماله الأجانب المهرة في مجال الهواتف، والذين استعان بهم لسنوات من جنوب آسيا، واستبدالهم بمواطنين.

لكن الموظفين السعوديين الجدد لا يدومون طويلا في متاجر "أبو سعود" رغم أنه يعطيهم راتبا كبيرا جدا.. "المشكلة هي أنهم لا يحبون العمل" على حد قوله.

ويسود انطباع بين رواد الأعمال بالسعودية مفاده أن السعوديين يفضلون العمل في مكتب حكومي، وهو ما عبر عنه "أبو سعود" قائلا: "كل واحد يحب أن يكون لديه طاولة، إنه (رئيس) حتى لو كان خريجا جديدا، هو يريد فقط أن يكون رئيسا".

موقف صعب

ومن هنا حذر المحلل الاقتصادي "غراهام غريفيث" من أن صغار تجار التجزئة سيعانون كثيرا من القرارات التي اتخذتها السعودية بحق الوافدين، وسيكون قرار الإغلاق مصير الكثير من محالهم، وفقا لما نقلته "بلومبرغ".

"بالنسبة للعديد من الأجانب فإن وقت الرحيل قد حان على ما يبدو، والكثير منهم يفكر جديا بالانضمام لقافلة المغادرين" حسبما يرى "غريفيث" الذي شدد على أن "القطاع الخاص السعودي في موقف صعب".

  كلمات مفتاحية

البطالة السعودية محمد بن سلمان التوطين السعودة الوافدون