"السناتر" تستنزف المصريين.. والحكومة تتصارع على كعكة الدروس الخصوصية

الثلاثاء 25 سبتمبر 2018 12:09 م

على الجدران، والأسوار، وأنت تتجول في أحياء وشوارع مصر، بات من المستساغ أن تجد إعلانات ليست عن سلع تجارية، أو عروض استهلاكية، بل دعاية لـ"إمبراطور الرياضيات"، و"عملاق اللغة الإنجليزية"، و"عبقري الفيزياء"، و"أسطورة الكيمياء" والخبير في "علوم الفلسفة والمنطق".

على هذا المنوال تتعدد حملات الدعاية للمعلمين والمعلمات في جميع المواد الدراسية لمختلف مراحل التعليم، بحثا عن حصة من كعكة الدروس الخصوصية مع بداية العام الدراسي الجديد.

بعد 5 سنوات في الخدمة، مرتبي 1200 جنيه (نحو 65 دولارا)، ومن المنطقي أن أعطي دروسا خصوصية لكي أستطيع العيش.. هذا لسان معلم مصري في مدرسة حكومية، وسط القاهرة، يشمر عن ساعديه لالتهام حصة من تلك الكعكة.

أسعار نار

ويمكن القول إن بداية العام تشكل الموسم الأهم لأكثر من 2 مليون معلم في مصر، يتقاضون رواتب متدنية، وفي الوقت ذاته يجنون مكاسب ضخمة من الدروس الخصوصية التي يتزايد الإقبال عليها في الشارع المصري، في محاولة لتعويض الانهيار القائم في العملية التعليمية.

ومن محافظة إلى أخرى، تختلف أسعار الدروس الخصوصية، وتتدرج في الريف من 5 جنيهات للحصة، إلى 20 جنيها في المدن، وتصل إلى 50 و100 جنيه للحصة في العاصمة القاهرة، أي أن تكلفة الدروس الخصوصية لطالب في المرحلة الإعدادية أو الثانوية قد تصل في المتوسط إلى 400 جنيه شهريا للمادة الواحدة.

وهناك بعض المناطق الراقية في المدن الجديدة يصل الساعة بها إلى 200 جنيه، خلال مدة الدرس الخصوصي اليومي الذي يصل إلى ساعتين.

ويبدأ الحجز للدروس الخصوصية من شهر يوليو/تموز من كل عام، ومن الوارد أن يقول لك المعلم "خلاص.. مفيش مكان"، أو يشترط تكوين مجموعة لكي يدرجها ضمن جدوله.

ويرفض معلمون استقبال التلاميذ في منازلهم خوفا من ملاحقتهم من الجهات المعنية، وتحصيل ضرائب ضخمة منهم، وبالتالي يفضلون إعطاء الدروس في منزل أحد الطلاب. 

لكن القاهرة والمدن الكبرى، تشهد انتشار ظاهرة مراكز الدروس الخصوصية، أو ما يعرف شعبيا بـ"السناتر" ويشرف عليها مجموعة من المعملين في جميع المواد، وتقوم بتحصيل مستحقاتها مقدما، وقد تضم أكثر من 100 طالب في الحصة الواحدة.

وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن عدد تلك السناتر يبلغ 20 ألف سنتر، تحقق أرباحا تصل إلى نحو 20 مليار جنيه سنويا، مع النظر إلى وجود أكثر من 51 ألف مدرسة و482 ألف فصل موزعين على 22 مليون طالب وطالبة بنسبة تتزايد سنويا تصل إلى 4% بداية من مرحلة رياض الأطفال وصولا إلى المرحلة الثانوية.

إنفاق متزايد

وتنفق الأُسر المصرية على بند الدروس الخصوصية فقط، نحو 42.1% من ميزانياتها رغم ارتفاع معدلات الفقر.

ووفق دراسة حكومية حديثة، تنفق الأسر المصرية 17 مليار جنيه على الدروس الخصوصية، وذلك خلال 34 أسبوعاً هى عمر عام دراسي يقدم فيه 119 منهجاً، حيث يدفع الطالب على الأقل 50 جنيهاً فى الحصة الواحدة، وقد تصل إلى 100 جنيه فى شهادة الثانوية العامة، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وإزاء ضخامة بيزنس الدروس الخصوصية، حاولت الحكومة المصرية مواجهة انتشار تلك المراكز على مستوى الجمهورية، ومنحت قيادات وزارة التعليم، الضبطية القضائية لإغلاق تلك المراكز.

سريعا تبين فشل الحكومة في خطة المواجهة، بل وأخذ مسلك آخر دفع بها للاستفادة من الكعكة، ونيل حصة منها، عبر فرض ما يعرف بـ"المجموعات المدرسية". 

وتلزم الوزارة كل معلميها بإعطاء مجموعات تقوية عقب انتهاء اليوم الدراسي بحد أقصى 40 جنيها للمدارس الابتدائية و80 للإعدادية و100 جنيه للمدارس الثانوية، بواقع  8 حصص شهريا لكل مادة، على أن تورد لها رسميا نسبتها المقررة لخزانتها أولا بأول، وفق صحف مصرية.

وعلى الرغم من ضخامة فاتورة الدروس الخصوصية، فإن مصر احتلت المركز الأخير في تقرير التنافسية العالمي لجودة التعليم الذي يصدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي سنوياً، في العام الدراسي 2013- 2014، وفي العام التالي 2014- 2015 جاءت مصر في المركز 141، في حين يعمد التصنيف إلى ترتيب 140 دولة، أي أنها جاءت خارج التصنيف.

وفي العام 2015- 2016 احتلت مصر المركز 139 من بين 140 دولة، وفي العام 2016- 2017 صعدت مصر إلى المركز 134 من ضمن 139 دولة في مؤشر جودة التعليم الابتدائي (الأساسي).

وتبلغ ميزانية التعليم في مصر للعام 2018-2019 ما قدره 115.7 مليار جنيه، منها 89.5 مليار تذهب كأجور وتعويضات للعاملين في قطاع التعليم.

  كلمات مفتاحية

مصر التعليم الدروس الخصوصية المرحلة الثانوية جودة التعليم

المصريون ينفقون 2.8 مليارات دولار سنويا على الدروس الخصوصية

عمالقة الكيمياء والفيزياء.. المالية المصرية تدعو المدرسين للتسجيل في الضرائب