كاتب بريطاني: طريقة بن سلمان لتنويع اقتصاد السعودية مخيبة للآمال

الأحد 30 سبتمبر 2018 12:09 م

اعتبر الكاتب البريطاني المتخصص في الأعمال التجارية والمالية، "هاميش ماكري" أنه إذا كان الاقتصاد السعودي يحاول النجاة من فخ انخفاض أسعار النفط، فإنه يجب على القائمين عليه العمل على تنويع صناعاتها، لكن هناك خطر من خيبة الأمل من الطريقة التي ينفذها ولي العهد لتحقيق هذا التنوع.

وأضاف، في مقال بصحيفة "الاندبندنت" البريطانية، أن المعضلة التي تواجهها الحكومة السعودية، تكمن في الإجابة على عدد من الأسئلة، من بينها: هل تستخدم ثروتها في الاستثمار حول العالم؟ أم تواصل محاولاتها لتطوير قطاعات جديدة في الداخل في مجالات ليست لها  فيها الأفضلية، كالاعتماد على القطاع الخاص أو تقديم الخدمات على طريقة الامارات؟

وأشار الكاتب إلى أن تنويع الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد بشكل مفرط على قطاع واحد هو تحدي يواجه كل من السعودية وروسيا أكثر من أي بلد آخر حول العالم.

وذكر أن كلاهما يعتمد بشكل كبير على الصادرات النفطية لدعم اقتصادهما، لكن في حين أن روسيا ليس لديها خطة متماسكة لتنويع اقتصادها، فإن التنويع الاقتصادي هو في طليعة السياسية التي تتبناها السعودية، وهو الأمر الذي يجعلها من وجهة نظر اقتصادية أكثر البلدان إثارة للاهتمام على وجه الأرض.

وقال إنه كما يعرف معظم الناس، فإن السعودية هي أكبر مصدر للنفط في العالم ، ولديها أكبر احتياطي نفطي، ويدرك عدد أقل من الناس أن اقتصادها يحتل المرتبة الـ 19 بين أكبر الاقتصاديات في العالم، بنفس حجم سويسرا وأصغر قليلا من هولندا وأكبر قليلا من بولندا.

وأضاف أنه لايزال عدد أقل من الناس على دراية بأن لدى الرياض تسع خطط تنموية خمسية متتالية متعاقبة منذ عام 1970، وجميعها كانت تهدف إلى أن يصبح الاقتصاد السعودي متنوعا، وأقل اعتماد على النفط، لكن تلك الخطط لم تحقق سوي نجاح متواضع.

وذكر الكاتب أن السعودية الآن لديها خطة جديدة وأكثر جاذبية تم اطلاقها في عام 2016، من قبل ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، تحت مسمي "رؤية 2030"، وهي بمثابة تدريب رائع لتلك البلد، وأفضل مكان لبداية لشخص يسعي لفهم معضلة السعودية.

وأوضح الكاتب أن جميع الموارد محدودة، ولهذا المعضلة تتمثل في إذا كان ينبغي أن تستخدم السعودية ثرواتها للاستثمار في جميع أنحاء العالم من خلال صندوق الثروة السيادي لتوفير تدفق للدخل تحسبا لليوم الذي تنخفض فيه عائدات النفط والغاز، أو محاولة تطوير قطاعات جديدة في الداخل لمجالات لا تتمتع فيها بمزايا طبيعية واضحة أو تعتمد الاستراتيجيتين أو توازن بينهما.

وأشار إلى أن رؤية 2030 ليست خطة مفصلة لتنويع الاقتصاد، ولكن بيان نوايا، فهناك العديد الأمور ليست لها خطة محددة، من بينها خفض البيروقراطية، بما ذلك تخفيض موظفي الخدمة المدنية بنسبة 20% ومراقبة أدائها عن كثب، وأيضا إزالة العقبات التي يواجها القطاع الخاص.

ولفت إلى أنه على المدي القصير سيصبح تحقيق هذه الأهداف المالية أسهل بكثير من خلال انتعاش أسعار النفط، ولكن لن يساعد البلاد على تحقيق هدف إعادة التوازن الاقتصادي.

وأكد أن المملكة تهدف لأن تكون مركزا للسياحة والصناعات الخدمية الأخرى، وهناك مشروع للبنية التحتية وهو بناء مدينة جديدة (مدينة نيوم)، فكيف ستمول السعودية كل هذا؟!

وأضاف أن أسعار النفط المرتفعة ستكون بمثابة مساعد قوي، لكن البلاد تخطط أيضا لطرح 5% من أسهم شركة "أرامكو" أكبر شركة نفط في العالم والتي تمتلكها الدولة للاكتتاب العام، لكن ليس من الواضح متي أو حتى  إذا ما كان سيحدث ذلك أو لا، فبينما تؤكد السلطات أن الطرح سيتم تنفيذه، جاءت أخبار جديدة لتؤكد أن الأمر تم تأجيله إلى أجل غير مسم

ومضي قائلا إن قصة طرح "أرامكو" أصبحت معقدة ولا يعتقد أنها تساعد على التكهن بما سيحدث فيها، مشيرا إلى أنه إذا كان سيتم طرح الشركة للاكتتاب فإنه يتوجب على السعودية الامتثال للمعايير العالمية المتعلقة بالإفصاح عن المعلومات والمحاسبة.

واذا لم تمض عملية بيع "أرامكو"، فيمكن تمويل خطط تنويع الاقتصاد بطرق أخري لكن سيتم ذلك بشكل أبطأ.

ولفت إلى أن السؤال هنا هو: هل يمكن أن تصبح السعودية مركزا لتقديم الخدمات الإقليمية، على غرار الإمارات؟

وتابع أن هناك العديد من الأسباب التي تجعل المجتمع السعودي الأكثر محافظة لا يريد أن يتجه إلى هذا الطريق الذي سلكته الإمارات في رحلتها لتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط، كما أنه ربما لا يوجد مجال كبير لكي تتحول السعودية إلى مركز جديد لتقديم خدمات إقليمية، نظرا لما حققته دبي وأبوظبي في هذا المجال، وبطريقة مختلفة قطر.

وقال الكاتب إنه بأخذ خطة إنشاء "نيوم"، والاعلان عن إنشاء ستة مدن اقتصادية جديدة عام 2005، يبدو أن مدنية الملك عبدالله الاقتصادية متخلفة عن النمو المخطط له.

وأكد الكاتب أنه يعتقد أن المشكلة بالنسبة للسعودية تتمثل في ثقافة السعوديين، وإذا ما كان المواطنون يريدون العمل في القطاع الخاص، بكل ما فيه من انعدام للأمان، بدلا من الحصول على وظائف آمنة وبمرتب مناسب في الحكومة.

وأردف الكاتب أن هناك أسئلة أخرى تتعلق بالتعليم والتدريب للقوي العاملة المحلية، مشيرا إلى أن بناء قطاع خاص مستدام يجب أن يتم التدريب عليه من أسفل إلى أعلى وليس فرضا تفرضه الحكومة.

وختم الكاتب مقاله بالقول إن ما يسعى لتنفيذه  ولي العهد خلال خطته أمر مهم،  ولكن هناك خطر من خيبة الأمل الناجمة عن الطريقة التي يعمل بها لتحقيق أهدافه.

 

 

  كلمات مفتاحية

السعودية اقتصاد تنويع خطة 2030 رؤية 2030

دويتشه فيله: السعودية نحو مزيد من المديونية وشد الأحزمة