صالح وعبدالمهدي.. هل يستطيعان تحقيق الاستقرار للعراق؟

الخميس 4 أكتوبر 2018 12:10 م

يحيي اختيار السياسي الكردي "برهم صالح"، رئيسا للعراق، الآمال لتحقيق الاستقرار بعد سنوات الصراع الطائفي، والحرب والاضطرابات الاقتصادية، خاصة أنه يحظى باحترام كل من الولايات المتحدة وإيران اللذين غذى تنافسهما على النفوذ بالعراق النزعة الطائفية.

ظهر ذلك، في التهئة التي تقدمت بها السفارة الأمريكية في بغداد والرئيس الإيراني "حسن روحاني" لـ"صالح"، الأربعاء، الأمر الذي أحيا الآمال أن يتمكن من تنشيط الدور الشرفي التقليدي، الذي يلعبه الرئيس، ويتواصل مع طهران وواشنطن بما يحقق النفع للعراق.

و"صالح" بالغ من العمر 58 عاما، يعد شخصية متوافقا عليها، أهلته إلى أن يصوت لصالحه غالبية أعضاء البرلمان العراقي في جولة ثانية مع منافسه عن الحزب الديمقراطي الكردستاني "فؤاد حسين".

شكل جديد

نائب الرئيس العراقي سابقا "طارق الهاشمي"، أشاد بانتخاب "صالح"، وقال إن "خبرته.. شخصيته.. علاقاته العامة.. ثقافته، من شأنها أن تجعل من موقع رئيس الجمهورية متميزا فعالا في المكانة والأداء وهذا ما نتمناه".

وأضاف: "من المتوقع أن يكون للعراق رئيسا مختلفا عما عهدناه في الرئاسات السابقة".

وختم "الهامشي"، حديثه عن "صالح" قائلا: "أنا على ثقة بأن الدكتور برهم صالح السياسي المخضرم سينجح، رغم أن مهمته ليست سهلة".

بينما قال النائب البارز من حزب "الاتحاد الوطني" الكردستاني "ريبوار طه"، متحدثا عن "صالح"، إنه "يمتلك شخصية قوية، وهو يحظى باحترام الغرب والدول الإقليمية وأهمها ايران".

ويمثل انتخاب "صالح"، رئيسا أول مرة تصعد فيها شخصية لأعلى المناصب في العراق دون اتفاق عبر مداولات مسبقة، وهذه نتيجة ربما تشير إلى أن النواب يقدمون الاحتياجات الملحة للبلاد على المكاسب السياسية.

وينزع اختيار "صالح" لــ"عادل عبد المهدي" (76 عاما) لرئاسة الوزراء، الفتيل بعد توتر استمر شهورا بين الكتلتين الشيعيتين الرئيسيتين في العراق اللتين فازتا بأكبر عدد من المقاعد، ولهما أقوى الفصائل المسلحة.

وتمثل رئاسته للوزراء نهاية حكم حزب "الدعوة"، الذي استمر 15 عاما، هيمن خلالها على الحياة السياسية في العراق منذ الإطاحة بـ"صدام حسين"، في الاجتياح الذي قادته الولايات المتحدة للبلاد في العام 2003.

وقال نواب إن هذا بالتحديد هو ما جعل "عبدالمهدي"، اختيارا مغريا لا سيما لرجل الدين الشيعي القوي "مقتدى الصدر" الذي يعارض حزب "الدعوة".

ويقود "الصدر"، ورئيس الوزراء السابق "حيدر العبادي"، إحدى الكتلتين الشيعيتين، بينما يقود الأخرى قائد الفصائل الشيعية المدعومة من إيران "هادي العامري"، ورئيس الوزراء السابق "نوري المالكي".

و"العامري" و"المالكي"، هما حليفا إيران الرئيسيان في العراق.

وكان "العبادي"، يعتبر المرشح المفضل لدى الولايات المتحدة، بينما يصور "الصدر" نفسه كسياسي قومي يرفض النفوذين الأمريكي والإيراني.

احتجاجات

وحسب "رويترز"، أصبح للعراق الآن قياداته العليا الثلاث متمثلة في الرئيس، ورئيس الوزراء، ورئيس البرلمان، واقترب من تشكيل حكومة جديدة، بعد شهور من الانتخابات البرلمانية غير الحاسمة، التي شهدت إقبالا منخفضا بشدة على التصويت، وادعاءات واسعة الانتشار بالتلاعب في الأصوات.

وجاءت التعيينات الأخيرة بعد أسابيع من الاحتجاجات التي شهدتها البصرة الغنية بالنفط والتي تمثل قلب منطقة الانتشار الشيعي في جنوب العراق، الأمر الذي هدد بزعزعة استقرار البلاد.

وقد أقنع عجز الحكومة عن احتواء هذه الاحتجاجات، وتوفير الخدمات الأساسية التي كان السكان يطالبون بها "الصدر" بالتخلي عن حليفه "العبادي" رئيس الوزراء.

وقال مصدر وثيق الصلة بـ"الصدر": "بعد الاضطرابات في البصرة، كان مقتدى على قناعة بأن رئيس الوزراء الذي فشل في توفير الماء النظيف لشعبه سيفشل مطلقا في توفير الاستقرار لبلده".

وأضاف: "هذا كان كافيا لسيد مقتدى لكي يجلس مع العامري ويقبل بمرشح التسوية، عبدالمهدي".

ومنذ سقوط "صدام" تقاسمت الطوائف الثلاث الرئيسية في البلاد عرقيا ودينيا السلطة، فكان منصب رئيس الوزراء الذي يعد أهم المناصب من نصيب عربي شيعي، ومنصب رئيس البرلمان من نصيب عربي سني، بينما كانت رئاسة الدولة من نصيب شخصية كردية وذلك رغم أن هذه الصيغة لم تضمن الاستقرار.

تنافس متواصل

تتنافس كل من واشنطن وطهران منذ أشهر، على التأثير في شكل الحكومة العراقية المقبلة، لكن لا يستطيع أي منهما أن ينسب لنفسه الفضل في اختيار من يشغل منصب الرئيس.

وقال "بلال وهب"، الباحث الزميل بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الموجود حاليا في بغداد: "النتيجة لم تحسم مسبقا، ورغم التدخل الأمريكي والإيراني كان الكل على الهاتف، كانت عملية سياسية فريدة، سياسة حقيقية، لكن هذا كان حدثا شاذا".

وكلف "صالح"، "عبدالمهدي"، بتشكيل الحكومة بعد أقل من ساعتين من اختياره رئيسا.

ووصل "عبدالمهدي"، إلى البرلمان حتى قبل انتهاء عملية انتخاب الرئيس، مدركا أن الأمر قد تهيأ له.

وكان "عبدالمهدي"، يمتلك المؤهلات السياسية المناسبة، فهو إسلامي شيعي لكنه لا ينتمي لحزب "الدعوة"، ويعتبره كثيرون من التكنوقراط، وله سجل لائق في الحكومة.

وشغل "عبدالمهدي"، حقيبة المالية في حكومة "إياد علاوي"، بين عامي 2004 و2005، وكان له دور بارز في مفاوضات خفض وإسقاط ديون العراق في "نادي باريس".

"عبدالمهدي" الذي تنقل في دوائر دبلوماسية عدة في العراق، يعتبر نفسه اليوم مستقلا، ويُحسب له أنه شخصية إجماع دولي، في بلد يجد نفسه، شاء أم أبى، في خضم التوتر بين الخصمين اللدودين إيران من ناحية، والولايات المتحدة والسعودية من ناحية أخرى.

وكان من العوامل الرئيسية الحصول على موافقة "الصدر"، رجل الدين الذي يحظى بتأييد جماهيري بين أبناء الطبقة العاملة الذين نفد صبرهم على النخبة السياسية.

كما كان الاختبار الآخر الذي نجح فيه "عبدالمهدي" هو الحصول على مباركة أكبر المراجع الشيعية "علي السيستاني".

ويحث "السيستاني"، الذي ربما يكون صاحب أكبر نفوذ في البلاد، الساسة منذ فترة طويلة على الكف عن التشبث بالسلطة وإتاحة الفرصة لجيل جديد من التكنوقراط لإعادة بناء العراق.

  كلمات مفتاحية

الهامشي برهم صالح العراق السيستاني الشيعة أمريكا إيران

برهم صالح.. من هو الرئيس الثامن للعراق؟