«واشنطن بوست»: الجذور العميقة لصراع السعودية في اليمن

الاثنين 6 أبريل 2015 11:04 ص

في الأسبوعين الماضيين، ومنذ أن أطلقت المملكة العربية السعودية حملتها العسكرية في اليمن، أوقفت المملكة بالكاد تقدم المتمردين الشيعة الذين يبدو أنهم يعدّون لمعركة طويلة. ولكن حتى الآن، لم يُظهر القادة السعوديون أي إشارات خارجية للقلق بشأن عدم كفاية الحملة. وحذر العميد «أحمد عسيري»، المتحدث باسم التحالف الذي تقوده السعودية، يوم الجمعة قائلًا: «يجب ألا نستعجل النتائج».

وتكمن رغبة المملكة العربية السعودية لحسم الصراع في شيء أعمق من التغلب على انعدام الأمن على حدودها والخوف من منافستها إيران من أن تستفيد من ذلك عن طريق مد جسور تواصل مع المتمردين. وقد لعب قادة المملكة العربية السعودية، مدعومين بالمؤسسة الدينية الإسلامية القوية، دورًا خاصًا كحراس لكل من الجوار الجنوبي وشبه الجزيرة العربية على نطاق أوسع.

وقال الملك «سلمان» لجمع من النخب السياسية والعسكرية في قصره بالرياض الأسبوع الماضي: «هذه نعمة … ولكنها مسؤولية علينا جميعًا».

وكانت هذه الكلمات أكثر من مجرد دعوة للدعم من قِبل الملك، وهو وزير الدفاع السابق الذي تولى العرش في شهر يناير/كانون الثاني، ولكنها تعكس وجهات النظر السعودية الراسخة في اليمن، والتي تشكلت على مدى عقود من التدخل والتمرد والسياسة القبلية والمكائد. كما عكست تأكيد التنامي العسكري للسلطات السعودية التي تلقت موافقة حاسمة من القيادة الدينية السنية المؤثرة، والتي تعطي الشرعية للعائلة المالكة لحكم أرض أقدس المواقع الإسلامية.

ويقول الخبراء بالنسبة للحسابات السعودية، فإن التكاليف المحتملة للتدخل في اليمن، حتى تلك المخاطر المتعلقة بتعميق التوترات الإقليمية مع إيران، تم تجاوزها بواسطة تأكيد الحتمية التاريخية لإبقاء اليمن تحت جناح السعودية.

وقال «علي الأحمد»، مدير معهد شؤون الخليج في واشنطن والذي دائمًا ما ينتقد السياسات السعودية: «المملكة العربية السعودية ترى في نفسها الأخ الأكبر لليمن، هذا السبب علاوة على ملف إيران، ومحاولة إعادة الرئيس اليمني صديق السعودية هي صلب قرار شنّ الهجمات. وإذا لم يذهب القادة السعوديون للحرب في اليمن، فسوف يصبحون قلقين للغاية».

وربما يكون الوقت الراهن أكثر من أي وقت مضى منذ تأسيس الدولة السعودية الحديثة منذ أكثر من 80 عامًا، هو أقل الأوقات من حيث السيطرة على الأمور في اليمن.

وقد انقسم اليمن إلى مجموعة من الإقطاعيات تسيطر عليها قوى معادية للحلفاء الغربيين للمملكة العربية السعودية، ولكنهم يقاتلون أيضًا بعضهم البعض. وتشتمل هذه القوى على فرع قوي لتنظيم القاعدة، وجماعات تدعي الولاء لتنظيم «الدولة الإسلامية»، والمتمردين الشيعة المعروفين باسم الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء ويسعون لسيطرة كاملة على عدن وهي ثاني أكبر مدينة يمنية.

الهدف المباشر للهجمات التي تقودها السعودية هو إعادة الرئيس اليمني «عبد ربه منصور هادي» والذي هرب إلى المملكة العربية السعودية بعد أن حاصره المتمردون في مقره في عدن الأسبوع الماضي. ولكن المملكة العربية السعودية وشركاءها من العرب السنة قد أعلنوا بوضوح أن هناك أهدافًا مقترحة على المدى الطويل.

وقد تم إثبات هذا في يوم الأحد الماضي عن طريق قرار جامعة الدول العربية بتشكيل قوات عسكرية مشتركة للتعامل السريع مع الأزمات الإقليمية. وكانت هذه الخطوة رسالة قوية إلى القوة الشيعية، في إيران وإشارة إلى مزيد من التعاون الإقليمي ضد التهديدات مثل تنظيم القاعدة وتنظيم «الدولة الإسلامية».

وكانت تحركات الحل العسكري العربي الموسع قد بدأت بالفعل في الحدوث، حيث انضمت الإمارات العربية المتحدة والأردن إلى الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا. وفي شهر فبراير، استهدفت الطائرات الحربية المصرية خلايا يشتبه أنها للدولة الإسلامية في ليبيا.

ولم تكن المملكة العربية السعودية بمبعد عن هذا، حيث كانت المملكة ممولًا حاسمًا للثوار السوريين الذين يسعون للإطاحة بحكومة «بشار الأسد» المدعومة من إيران.

ومع ذلك، يقدم اليمن ساحة جديدة للقتال كما يقول الخبراء، ويمكن أن تصبح أرض اختبار للهجوم المستمر الذي توجهه السعودية، والذي يصل إلى ما بعد مواجهة الحوثيين الحالية ليستهدف القاعدة وتنظيمات أخرى، وربما يفوق استراتيجية وزارة الدفاع الأمريكية الخاصة بهجوم الطائرات بدون طيار عن طريق جلب المزيد من القوات على الأرض.

ويقول «تيودور كاراسيك»، محلل دفاع متخصص في شؤون الخليج في دبي: «نحن نشهد الآن بدايات “مذهب سلمان” الذي يقول بأن المملكة العربية السعودية يجب أن تقف لحماية حكام الخليج والوضع الحالي للدول الحلفاء في أنحاء العالم العربي».

وأكد «العسيري» المتحدث باسم التحالف بشدة يوم الخميس على أن المتمردين الحوثيين ليسوا هم الهدف الوحيد للتدخل، قائلًا إن الحوثيين وتنظيم القاعدة: «كلاهما وجهان لعملة واحدة»، وأن «أحد أهداف المهمة العسكرية هو مهاجمة كل الجماعات الإرهابية».

وقد كان هناك عرض للدور العسكري الإقليمي للمملكة العربية السعودية تحت حكم الملك «عبد الله» الذي استجاب لدعوة البحرين المجاورة في عام 2011 عن طريق إرسال قوات لمساعدة الدولة الملكية السنية الصغيرة، والتي كانت تواجه احتجاجات يقودها الشيعة. بينما تعد اليمن مرحلة أكبر بكثير وذات أهمية أكثر.

وقال «لبيب قمحاوي»، المحلل السياسي المقيم في عمان، الأردن: «ينظر السعوديون إلى اليمن باعتبارها نقطة ضعف لبلادهم».

وفي السيتينات، ساعدت القوات السعودية السلالة الشيعية الحاكمة في شمال اليمن بعد أن تمت الإطاحة بهم في انقلاب مدعوم من الحكومة القومية العربية في مصر بقيادة «جمال عبد الناصر». وقد حارب السعوديون بجوار الجانب الملكي، ويا للمفارقة، تم ذلك نيابة عن العشائر الشيعية والتي تتضمن بعض العشائر التي تدعم الآن الحوثيين. ولكن التقلب بين الفرص والتحالفات المناسبة كانت دائمًا هي السمة المميزة للعلاقات السعودية في اليمن.

وفي الوقت نفسه، اكتسبت الصيغة السعودية المتشددة للإسلام والمعروفة باسم الوهابية مواطئ قدم أكبر في اليمن من خلال المساجد والجماعات الممولة من السعودية. والتي كانت تعتبر بمثابة مصادر لجمع المعلومات الاستخباراتية وتجنيد المقاتليين المحليين ضد المتمردين الحوثيين الذين اقتصروا على المناطق الشمالية بشكل أساسي قبل تحقيق سلسلة من المكاسب المذهلة العام الماضي. وقد سعت الأموال السعودية أيضًا لشراء الولاء بين شيوخ العشائر السنية والشيعية في اليمن وعلى الشريط الحدودي مع السعودية، وهو الخط الذي لا يزال غير مُعرّفًا بوضوح في كثير من الأماكن. وقد أصبحت المملكة العربية السعودية أكثر رسوخًا في اليمن من خلال المشاريع التنموية التي تقودها العائلات التجارية الثرية ذات الجذور اليمنية.

وفي عام 2007، نُقل عن الملك «عبد الله» دعوته بأن أمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن المملكة. وبعد ذلك بعامين، حاول رجل سعودي المولد، تدرب مع فرع تنظيم القاعدة في اليمن، قتل نائب وزير الداخلية السعودي آنذاك، «محمد بن نايف»، في هجوم انتحاري، وأصيب الأمير «محمد» بجروح طفيفة، وتعهد بزيادة حملة القمع على النشطاء، وخاصة أولئك المرتبطين بتنظيم القاعدة في اليمن. وكان ذلك قبل اندلاع الربيع العربي الذي أعاد المعادلة السياسية مرة أخرى في اليمن.

وفي عام 2011، ألقت المملكة العربية السعودية بطوق النجاة إلى الرئيس «علي عبد الله صالح» بعد أن سمحت له باللجوء وتلقي العلاج الطبي بعد أن أصيب بحروق بالغة جراء قصف تم بواسطة تظاهرات مستوحاة من الربيع العربي للمجمع الرئاسي المحاصر. ويبدو أن صالح الآن يستجمع قواه مع المتمردين الشيعة في محاولة للتعافي سياسيًا.

وهذا يعني وجود لاعب آخر، ومستوى آخر من التعقيدات، حتى إذا لم تتمكن المملكة العربية السعودية من إعادة «عبد ربه» المنفي إلى السلطة. وقال «هاشم أهل برا»، مراسل قناة الجزيرة الذي كان مسؤولا عن تغطية الوضع اليمني، «من المرجح أن تترك النتيجة النهائية فصائل مختلفة تتنافس على النفوذ وتقويض المكانة التقليدية للمملكة العربية السعودية».

«اليمن لن يعود كما كان مرة أخرى».

  كلمات مفتاحية

السعودية اليمن الحوثيين إيران عاصفة الحزم

«ستراتفور»: الخيارات المعقدة للمملكة العربية السعودية في اليمن

«فورين بوليسي»: «عاصفة الحزم» .. المقامرة السعودية الكبرى

«ديلي ميل»: اليمن الممزق ينزف في حرب بالوكالة بين إيران والسعودية

«واشنطن بوست»: ماذا وراء الأزمة السياسية الراهنة في اليمن؟

"مجلس التعاون" واليمن المنكوب

الحوثيون: رحلة التيه بين العزلة والتمدد

عن السعودية واليمن: الأخوة لا الحرب

الأزمة اليمنية وانتقام التاريخ