تحالف رينو- نيسان -ميتسوبيشي مهدد بعد توقيف كارلوس غصن

الثلاثاء 20 نوفمبر 2018 09:11 ص

بدأت قضية توقيف "كارلوس غصن" تتسع في اليابان، مع كشف وسائل الإعلام عن معلومات جديدة تضاعف التهديد لإمبراطورية "رينو-نيسان-ميتسوبيشي موتورز"، خصوصا وأن توازن التحالف الثلاثي قائم على ما يبدو على رجل واحد.

ولا يزال "غصن" (64 عاما)، المتهم بالتهرب الضريبي من خلال عدم التصريح عن قسم كبير من مداخيله الهائلة، موقوفا رهن التحقيق في مركز احتجاز في طوكيو وذلك غداة اعتقاله لدى نزوله من طائرته الخاصة.

وفي فرنسا قال وزير الاقتصاد "برونو لومير" أنه طلب من أجهزته "التثبت من الوضع الضريبي لكارلوس غصن في فرنسا".

والثلاثاء، تحدثت الصحف اليابانية عن "سقوط إصلاحي صاحب كاريزما".

وتتهم النيابة العامة اليابانية "غصن" بأنه "تآمر لخفض مداخيله خمس مرات بين يونيو/حزيران 2011 ويونيو 2015" موضحة أنه تم التصريح بمبلغ 4.9 مليار ين (نحو 37 مليون يورو بسعر الصرف الحالي) للسلطات الضريبية في الوقت الذي كسب فيه غصن نحو عشرة مليارات ين خلال تلك الفترة.

وجاء توقيف رجل الأعمال الفرنسي البرازيلي من أصل لبناني، نتيجة تحقيق داخلي استمر عدة أشهر داخل "نيسان" التي أحالت المعلومات إلى النيابة العامة اليابانية.

وفي مؤتمر صحفي، مساء الإثنين، أشار "هيروتو سايكاوا"، الرئيس التنفيذي لشركة "نيسان"، إلى "عمليات اختلاس أموال كثيرة أخرى على غرار استخدام أملاك الشركة لغايات شخصية".

وحسب وسائل إعلام محلية، فإن شركة متفرعة من "نيسان" مولت شراء مقرات إقامة فاخرة في أربع دول كان "غصن" ينزل فيها مجانا متى أراد.

كما تقاضى "غصن"، حسب قناة "إن إتش كاي" العامة مبالغ كان من المفروض أن تعود إلى أعضاء آخرين في مجلس إدارة الشركة.

وأمس أكد الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" ووزير الصناعة الياباني "هيروشيجي سيكو" على أهمية الحفاظ على "استقرار التحالف" بين "رينو" و"نيسان" الذي قام على توازن هش بات مهددا إذا لم ينج "كارلوس غصن" من هذه الفضيحة.

وأشار المحلل الياباني "كينتارو هارادا" إلى أن القضية جاءت في وقت كان فيه "غصن" المسؤول الأول عن المجموعة الأكبر في عالم السيارات (عشرة ملايين سيارة) يعمل على تثبيت التحالف بين الشركتين بشكل "لا رجعة فيه".

وأضاف "لا يمكن استبعاد امكانية أن يضعف التحالف" متسائلا "هل أن ذلك سيغير توازن السلطة بين الجانبين الفرنسي والياباني؟ هذا هو السؤال الرئيسي".

والأمر بالغ الحساسية، خصوصا وأن الدولة الفرنسية تملك 15% من رأسمال "رينو".

كما أشار إلى أن الجانب القضائي من القضية يثير أيضا "العديد من التساؤلات"، مضيفا "لماذا لم يتم اكتشاف عمليات الاختلاس إلا في هذا التوقيت، وكيف تمكن "غصن" و"غريغ كيلي" (مسؤول آخر في نيسان موقوف حاليا) من تزوير وثائق وحدهما؟".

وطلبت الدولة الفرنسية تشكيل إدارة موقتة لشركة "رينو" على ضوء عدم قدرة "غصن" على تولي إدارة المجموعة في الوقت الراهن، حسب ما أكد وزير الاقتصاد الفرنسي.

وتأثرت أسهم صانعي السيارات اليابانيين أمس وأقفلت على تراجع بنسبة 5.45% بالنسبة لـ"نيسان" و6.84% بالنسبة لـ"ميتسوبيشي".

وفي باريس خسر سهم رينو 1.42% بعيد افتتاح أمس بعد تراجعه 8.43% أمس الأول.

وبعد أن كان موضع اشادة لإنقاذه "نيسان" من الافلاس في أوائل سنوات 2000 ثم بعد ذلك لإنقاذه "ميتسوبيشي موتورز"، بموازاة إقامته تحالف متين مع مجموعة "رينو" الفرنسية، بدأ "كارلوس غصن" بالتعرض لأشنع الاتهامات.

وقال مسؤول في "نيسان" لصحيفة "يوميوري" اليومية "إنه جشع.. المسألة في نهاية المطاف مجرد مسألة مال"، مضيفا "كان يطلب من مساعديه القيام بأعمال صعبة في حين واصل تلقي راتب مرتفع حتى حين كانت انشطة نيسان لا تسير بشكل جيد".

وفي مقر الشركة اليابانية العملاقة في يوكوهاما بضواحي طوكيو، بدا الموظفون مذهولين.

وقال موظف عمره 37 عاما: "الأمر لم يكن البتة متوقعا، لا أدرى ما اقول…الأمر يأتي في اسوأ توقيت" بعد فضيحتين متتاليتين طاولتا "نيسان" نتيجة خلل في الكشف على السيارات في اليابان.

من جهة ثانية يرى بعض المحللين أن سقوط "غصن" ربما يخفي "انقلابا" دبرته الشركة اليابانية ضد منقذها لتفادي المضي أبعد في تحالف مع شركة "رينو" الفرنسية.

ولفت "كريستوفر ريشتر" محلل قطاع صناعة السيارات في شركة "سي.إل.إس.إيه" أنه بعدما حصد "غصن" الكثير من الإشادات على مدى سنوات على عمله، قام "سايكاوا" بتغيير الرواية كليا "واصفا النهوض بالشركة على أنه ثمرة عمل مجموعة كبيرة من الأشخاص".

وأشار كذلك إلى أن "سايكاوا" نعت "غصن" بأنه "رأس التركيبة" مضيفا "وجدت هذا الكلام في غير محله طالما لم يتم التثبت تماما من الوقائع".

غير أن هذه النبرة تكشف أن التوتر يعود إلى أبعد من تلك السنة.

فقد كتب "ديفيد فيكلينغ" المحلل الكبير في وكالة "بلومبرغ نيوز" أن الخلافات "كانت تعتمل خفية خلال السنوات الأخيرة وخرجت أخيرا على الملأ بصورة مباغتة".

وهذه الشكوك جعلت "هيروتو سايكاوا" يواجه أسئلة عن "انقلاب"، وهو رأي عبر عنه أيضا "نوبوتاكا كازاما"، الاستاذ في جامعة مايجي في طوكيو، حيث قال "قد يكون تم التخطيط له على أمل التصدي لعملية اندماج تبادر إليها رينو".

وحسب "ريشتر" فإنه "يبدو أن هناك إحساسا بالإحباط ومخاوف لدى الإدارة"، معتبرا أن "نيسان تتوق إلى الاستقلالية".

وخلص "هانس غرايمل"، الخبير في صحيفة "أوتوموتيف نيوز" الذي يعمل منذ سنوات في اليابان، أن "سايكاوا يستخدم بشكل واضح الاتهامات ضد غصن لزيادة وزنه داخل نيسان وترك بصماته على الشركة".

على صعيد آخر، حثت فرنسا شركة "رينو" على استبدال رئيسها التنفيذي "كارلوس غصن"، كما تخطط "نيسان" لعزله، غدا الخميس، من منصب رئيس مجلس الإدارة.

وفي أول تصريح علني منذ إلقاء القبض على "غصن"، قالت "رينو" أنها ما زالت تركز على شراكتها مع "نيسان" و"ميتسوبيشي".

وقال وزير المالية الفرنسي "برونو لومير" في تصريحات للإذاعة الفرنسية: "كارلوس غصن لم يعد في وضع يمكنه من قيادة رينو.. لقد أُضعفت رينو، وهو ما يجعل من الضروري جدا التحرك بسرعة".

وبعد محادثات بين "لومير" ونظيره الياباني "هيروشيجي سيكو"، أصدر الوزيران بيانا مشتركا أكدا فيه من جديد على دعمهما لتحالف رينو-نيسان، و"تمنيهما الحفاظ على هذا التعاون الناجح".

المصدر | أ ف ب

  كلمات مفتاحية

نيسان رينو ميتسوبيشي كارلوس غصن اليابان فرنسا