في مصر.. دراما رمضان بأمر كلاكيت المخابرات

الأربعاء 21 نوفمبر 2018 09:11 ص

2 مليون مصري توقف دخلهم، وانضموا لطابور العاطلين، بعدما أغلقت شركات الإنتاج الفني في مصر أبوابها، وسط غموض تام يسيطر على موسم الدراما الرمضاني، الذي نعاه البعض بعد تدخلات سيادية، تحت ستار شركة "إعلام المصريين".

لا حديث في الوسط الفني سوى ما تشهده صناعة الدراما حاليا من توقف شبه كامل لنشاطها، حتى امتلأت صفحات نجوم الدراما برسائل الشكوى والإحباط.

الأزمة ليست تسويقية أو في ضعف السيناريوهات، أو في غيرها من المشكلات التي عانت منها الدراما بالسنوات الأخيرة، ولكن في أن عدد المسلسلات سيقل في رمضان 2019، حيث تشير التوقعات إلى أن الموسم المقبل قد يشهد على الأكثر 18 مسلسلا فقط، من أصل 50 مسلسلا، اعتادت القنوات الفضائية أن تعرضها سنويا في رمضان.

الأشد إيلاما على صناع الدراما في مصر، أن أغلب هذه المسلسلات، من إنتاج شركة "سينرجي" التابعة لـ"إعلام المصريين" المملوكة لجهاز المخابرات العامة، في استكمال لخطوات بدأتها الشركة السيادية، لاحتكار صناعة الإعلام والفن بكافة فروعه في مصر.

خطة احتكار

في يونيو/حزيران 2017، خرجت تصريحات الرئيس "عبدالفتاح السيسي"، وعدد من المسؤولين تكشف عدم رضاهم عن محتوى المسلسلات ورغبتهم في تقويمها، وتحوّل الأمر إلى إجراءات رقابية بالجملة كإنشاء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام للجنة الدراما، وكتابة السيناريوهات بالأمر المباشر، والتوجيهات السيادية كما ظهر في تشابه مضمون معظم مسلسلات الموسم الماضي، وظهور مكثف لظباط الشرطة والجيش في قصص المسلسلات.

الخطة التي وضعت لم تقتصر على ذلك، فحسب بل امتدت السيطرة في الوقت نفسه للقنوات الفضائية، والتي أصبحت معظمها تحت إدارة مجموعة "إعلام المصريين"، والتي تمتلك أيضا شركة "سينرجي" للإنتاج الفني، وتعيين "تامر مرسي" رئيسا للمجموعة، وهي الخطوة التي تسببت في الأزمة الكبرى للدراما، بتحوّل أحد صنّاعها إلى متحكم وحيد في جهات شرائها وعرضها.

أولى نتائج احتكار "مرسي"، الواضح لسوق الدراما المصرية، حسب موقع "مدى مصر"، بدأت العام الماضي بإضعاف منافسيه، واستبعاد عدد من المسلسلات من موسم العرض في مصر كمسلسل "لدنيا أقوال أخرى"، و"أرض النفاق"، و"أهو ده اللي صار".

أحد المخرجين الشباب والذي عمل في موسم رمضان الأخير، يقول إن "مرسي"، كان ينتج من 5 إلى 8 مسلسلات كل موسم، بجانب المنتجين الآخرين، وعندما تحوّل إلى مالك لجهات العرض، أصبحت شركته تخطط لإنتاج ما يقارب 12 مسلسلا، لتوزيعها على قنوات "إعلام المصريين" ليحتكر الإنتاج والعرض معا.

ويملك "إعلام المصريين"، عدة مؤسسات إعلامية من ضمنها قنوات "أون"، وتليفزيون "الحياة"، وترددت أنباء عن شرائها أسهما في "سي بي سي"، وشراكته مع "دي ميديا" المالكة لقناة "دي إم سي".

المخرج الشاب، كشف أن هذا الاحتكار، دفع عدد كبير من المنتجين للتوقف عن العمل هذا العام.

وأشار إلى أن هناك تكهنات وأحاديث في الوسط الفني تدور حول أن الرئيس نفسه غاضب من حجم الإنتاج الدرامي وأجور النجوم ومن صناعة المسلسلات بالتحديد، لذلك توسعت "إعلام المصريين" في الإنتاج للسينما، والبرامج، والمسرحيات.

وبحسب المصدر نفسه، فإنه "في الوقت الحالي تستطيع أن تبيع أي فيلم أو مسرحية أو برنامج مهما كانت تكلفته أو فكرته ولكن لا تنتج مسلسلا".

أما الكاتب "خالد منتصر"، فنعى الدراما المصرية، عدا "العشرة المبشرون بالدراما"، وهم حسب وصفه "نجوم بعينهم محددون بالاسم وأول المؤهلات المحددة للاختيار هي قربهم من صانع القرار الدرامي".

وأضاف: "لن نشكك في موهبتهم ولكن هناك موهوبون آخرون جالسون في البيت ينعون حظهم، كل جريمتهم إن دمهم تقيل علي قلب المنتج الشهير محتكر الدراما المصرية".

وتساءل: "كيف نقتل نجوم الصناعة وأسطواتها بسكين بارد؟، وكيف نغتال الحلم ونطفئ الأضواء ونقيم سرادقات العزاء لهذا الفن الذي اكتسب بصمة المحروسة؟".

وتابع: "الدراما ليست رفاهية أو فيشار ولب تسالي، الدراما ذاكرة وطن ومخزون وجدان أمة.. لا تقتلوا الدراما بالاحتكار.. فالإحتكار أول مسمار في نعش الانهيار".

"غادة" و"كاملة"

الفنانة "غادة عبدالرازق"، كانت واحدة من الممثلات اللاتي استغثن بجمهورها بعد منعها من العمل، كاشفة عن تعرضها لـ"حرب شرسة" من قبل مؤسسة إنتاج فني معروفة، بهدف منعها من المشاركة في أي عمل درامي خلال الفترة المقبلة.

وكتبت الممثلة المصرية رسالة استغاثة عبر حسابها على موقع "انستغرام"، قبل أن تحذف الصورة بعد ساعات، قالت فيها: "يا جمهور أنا بتحارب من مجموعة اسمها (الإعلام للمصريين) مش عايزيني أشتغل السنة دي في الدراما، مش أنا بس ناس كتير جدا فنانين وبيقولوا هنقعدكم في البيت ولو عاجبكم".

وأضافت: "ولو عاجبكم، ولو سألتهم بتتكلموا باسم مين يقولك باسم الجيش أو المخابرات، هل ده صحيح؟ مجرد سؤال علشان الوسط الفني كله بيسأل معايا ده حقيقة ولا كذبة، أرجو الرد عني وعن زملائي وشكرا".

وعقب ساعات من هذه التدوينة، اندلعت حرب إلكترونية على الممثلة المصرية، حتى تصدر وسما بعنوان "غادة عبدالرازق أفشل ممثلة"، قائمة الوسوم الأكثر تداولا على "تويتر" في مصر، دون معرفة من أطلقه بالتحديد، وسط مزاعم لبعض الناشطين أن يكون مطلقها هو لجان إلكترونية تابعة لـ"إعلام المصريين".

أما المخرجة "كاملة أبو ذكري"، فكانت استغاثتها مختلفة، حين قالت إن "رمضان، هو موسم سنوي لـ300 شخص على الأقل للكومبارس".

وأضافت: "السنة دي الناس دي كلها حتقعد في البيت بعد إيقاف أغلب المسلسلات"، وتابعت: "حد يفهمنا ليه حتقطعوا رزق 2 مليون مواطن بيشتغلوا ويدفعوا ضرائب وعايشين من المهنة دي".

تصفية خلافات

وفي وقت يؤكد فيه مصدر بشركة "العدل جروب"، صحة توقف نشاط الشركة في الإنتاج الدرامي، يقول إن هناك خلافا قديما بين المنتج "جمال العدل" و"تامر مرسي".

ويضيف أن "مرسي" ينتقم من منافسيه، بداية من فرض رقابة إضافية على أعمال "العدل جروب"، التي تعرض على قنواته، إلى استبعاد مسلسلين له العام الماضي، بالإضافة إلى فرض شروط تعجيزية على أعماله المقبلة، ما أجبره على التوقف هذا العام.

وأشار المصدر إلى معاناة الشركة، العام الماضي في إنتاج مسلسل "نسر الصعيد"، بسبب تدخلات الجيش في المضمون والإنتاج.

أما المنتج "عصام شعبان"، مالك شركة "كنج توت" للإنتاج، فيعترف بوجود أزمة بالفعل.

إلا أنه رفض تحميل شخص واحد مسؤولية الأزمة، أو الحديث عن وجود احتكار في السوق، وأكد أن الأزمة ليست مفتعلة وغير مقصودة.

وأضاف "شعبان" أن أزمة الدراما هي أزمة اقتصادية في الأساس، بسبب قلة الإعلانات، وهي حالة اقتصادية عامة في البلاد، لأن الصناعة دائرة بين المعلنين والمنتجين والقنوات، فإذا كانت القنوات تربح من الإعلانات فستدفع حقوق المسلسل للمنتج والذي سيستطيع الإنتاج بعد ذلك، ولكن بوجود مشكلة في الإعلانات والموارد، أصبحت هناك أزمة في دائرة الصناعة واقتصادها.

18 مسلسلا

المؤشرات الحالية، حسب رصد ما ينشر في الإعلام، تصب على تواجد 18 مسلسلا فقط في موسم رمضان الذي يتبقى على انطلاقه 5 أشهر، ولم يعلن رسميا حتى الآن سوى عن تواجد مسلسلين فقط هما "البرنسيسة بيسة" و"كلبش 3".

أما قائمة الغائبين فتزداد يوميا بأسماء النجوم والمسلسلات المؤجلة، بجانب المهددين بالغياب كـ"عادل إمام" الذي قد يغيب للمرة الأولى منذ 7 سنوات، بسبب اعتراض رقابي على مضمون مسلسله الجديد، الذي قيل أنه يدور حول شخصية طبيب الرئيس، ولصعوبة تسويق المسلسل، وكذلك لارتفاع أجره، بجانب قائمة أخرى تضمّ "هند صبري"، و"منى زكي"، و"عمرو يوسف"، و"إياد نصار"، و"غادة عبدالرازق"، و"يسرا"، و"طارق لطفي"، و"يحيى الفخراني"، و"ياسر جلال"، وغيرهم من وجوه الدراما المعروفة في السنوات الأخيرة.

أكد هذا العدد "توفيق عكاشة"، العائد برعاية "إعلام المصريين"، على قناة "الحياة"، لانتقاد أجور الفنانين الضخمة، والحديث عن خطة تقضي بعرض 18 مسلسلا في رمضان، بواقع 3 مسلسلات فقط لكل قناة.

ويعتبر ذلك العدد، كارثة بالنسبة لحجم السوق الدرامي في مصر على كل المستويات، فقد تأتي الدراما المصرية للمرة الأولى في تاريخها أقل عددا من نظيرتها في لبنان وسوريا والكويت والذين ينتجون في موسم رمضان من 10 إلى 20 مسلسلا.

وبالإضافة إلى ذلك، كشف المخرج الشاب "كريم مدحت"، على صفحته بـ"فيسبوك"، حول " قرارات جديدة من جانب جهة مسيطرة على الدراما"، تقضي بعدم بيع المسلسل لأكثر من قناة، ولكل قناة حد أقصى في الشراء لا يتعدى 4 مسلسلات، ولا تتعدى قيمة العمل الواحد 50 مليون جنيه.

المصدر | الخليج الجديد + مدى مصر

  كلمات مفتاحية

إعلام المصريين مسلسلات رمضان دراما رمضان سينرجي

مخرج مصري يشارك في إخراج مسلسل تركي ضخم