خبراء عرب يشيدون بالنفس الطويل لتركيا في قضية خاشقجي

الاثنين 3 ديسمبر 2018 12:12 م

أشاد صحفيون ومحللون سياسيون عرب باستراتيجية تركيا الإعلامية في إدارة ملف جريمة مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي"، ووصفها أحدهم بأنها قامت على "سياسة النفس الطويل" التي خلقت ضغطا كبيرا على العالم من أجل إظهار الحقيقة.

وقتل مسؤولون سعوديون "خاشقجي" (60 عاما)، في قنصلية المملكة بمدينة إسطنبول التركية، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ورأى الصحفيون والمحللون أن تركيا تنفذ استراتيجية إعلامية عالية المستوى، وتتعامل باحترافية ومصداقية، ما حافظ على الأضواء مسلطة على الجريمة.

وتقدم تركيا تسهيلات لوسائل الإعلام، وتقوم بتسريبات إعلامية ذكية، ما مكنها إجمالا من نقل الجريمة من قضية محلية إلى قضية دولية تواجه فيها السعودية غضبا عالميا.

وتواجه المملكة أزمة دولية كبيرة منذ أعلنت في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مقتل "خاشقجي"، بعد 18 يوما من الإنكار.

وقدمت الرياض روايات متناقضة، قبل أن تُعلن قتله وتجزئة جثته، إثر فشل "مفاوضات" لإقناعه بالعودة إلى المملكة.

وأعلنت النيابة السعودية أن من أمر بقتل "خاشقجي" هو "رئيس فريق التفاوض معه"، وأنه تم توجيه تهم إلى 11 شخصا، وإحالة القضية إلى المحكمة، مع المطالبة بإعدام 5 منهم.

ولا تزال المطالبات مستمرة للسعودية بتحديد مكان الجثة ومحاسبة الجناة، وخاصة من أمر بالجريمة، وسط اتهامات لولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، بالوقوف خلفها، وهو ما تنفيه الرياض.

احترافية عالية

وقال المحلل السياسي اليمني "حسن الجبري"، إن "السلطات التركية تعاملت بسياسة النفس الطويل مع القضية منذ بدايتها، وكذبت كل الادعاءات التي قالتها النيابة السعودية في كل مرة".

وأضاف أن "الواضح للجميع أن تركيا تعاملت باحترافية عالية، وشهد لها الجميع في إدارتها لهذا الملف الخطير، الذي حاولت جهات دولية عدم تسليط الرأي العام عليه".

وأعلنت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، مؤخرا، أنها توصلت إلى أن "قتل خاشقجي كان بأمر مباشر من بن سلمان".

لكن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، المرتبط بعلاقات وثيقة مع الرياض، شكك في تقرير الوكالة، وتعهد بأن يظل "شريكا راسخا" للسعودية".

وشدد "الجبري" على أن "تركيا أدارت الملف منذ اللحظات الأولى، من خلال استراتيجية إعلامية عالية المستوى".

حرفية ومصداقية

"تركيا تعاملت بحذر وحرفية ومصداقية"، بحسب الصحفي والكاتب اللبناني "فاروق عكاري"، الذي استدل بـ"سماح أنقرة لفريق تحقيق سعودي بأن يأتي ويجري التحقيقات المطلوبة".

وتابع "عكاري" أن أنقرة "لم تصدر حكما متعجلا، بل تريّثت وتركت التحقيقات تأخذ وقتها".

واعتبر أنه "من الجيد أن القضية حدثت على الأراضي التركية، فلو حصلت في بلد آخر لربما كانت قد طُمست بأعذارٍ وتبريرات أقبح من ذنب الجريمة نفسها".

وزاد "عكاري" بأنه "بالتوازي مع التحقيقات الجنائية، كان الإعلام التركي يتابع التطورات على الدوام".

وأوضح أن الإعلام التركي "لم يتسرع في مهاجمة أو اتهام أي طرف، بل عمل عبر استراتيجية إعلامية جعلت كافة الأضواء تتجه نحو الجناة الحقيقيين".

وتطرق إلى موقف "ترامب" من الجريمة بقوله إن "الجميع يرى تخبط مواقفه المعلنة تجاه مقتل خاشقجي".

تسهيلات إعلامية

فيما شدد الصحفي والمحللي السياسي الفلسطيني "ماهر حجازي"، على أن "تركيا نجحت في نقل جريمة قتل خاشقجي من قضية محلية إلى قضية رأي عام دولي".

وأردف أنه "لم تعد تركيا والسعودية طرفين للقضية، بل أصبحت السعودية في مواجهة عالمية تطالب بمحاسبة المسؤولين السعوديين عن الجريمة".

وتابع أن "تعامل تركيا إعلاميا مع القضية كان له أثر كبير في كشف ملابسات الجريمة، عبر النشر الإعلامي تباعا لكل جديد يرشح عن التحقيقات التركية".

كما أن "التسهيلات التي قدمتها الحكومة التركية لكافة وسائل الإعلام للتعاطي مع القضية كان له دور مهم في استمرار التفاعل مع القضية"، بحسب "حجازي".

وأردف أنه "توجد استراتيجية إعلامية تركية في نقل الأحداث إلى وسائل الإعلام، وتقديم كافة التسهيلات فنية وقانونية لوسائل الإعلام لأداء مهامها".

وحول موقف "ترامب"، رأى "حجازي" أنه "يحاول استثمار المأزق السعودي من باب المساومة السياسية والاقتصادية مع النظام السعودي ولي الذراع لتحقيق مكاسب اقتصادية من السعودية".

تسريبات ذكية

"إدراة تركيا لملف قتل خاشقجي متقدمة جدا"، وفقا للصحفي الفلسيطيني "معاذ حامد".

وقال "حامد" إن "تركيا تعاملت بذكاء منقطع النظير، وبدبلوماسية عالية المستوى، خلقت ضغطا كبيرا على حكومات العالم، للوصول إلى الحقائق".

وأضاف أن "التسريبات الصحفية من جانب مسؤولين أتراك كانت مقصودة".

وأوضح أن التسريبات "هدفت إلى إجبار الآخرين على التحدث عما لديهم من معلومات، ما شكل ضغطا ناجحا، رغم بقاء مكان جثة خاشقجي مجهولا".

وتابع: "التسريبات التركية إلى صحف عالمية كان لها الأثر الكبير في تفعيل القضية بشكل واسع".

وشدد على أنه "لو كانت التسريبات إلى صحف محلية لما أحدثت هذا الصدى، وهذا كله يؤكد على الإدارة السليمة والذكية لملف خاشقجي".

وأضاف أن "ترامب هو رجل أعمال وصاحب مال، وهو يرى في السعودية بئر نفط لا أكثر ولا أقل، وهو يحاول قدر الإمكان إبقاء علاقاته بالسعودية".

السلطة الرابعة

بينما قال "علاء الأحمد" الصحفي والناشط الحقوقي السوري، إن "هذه ليست أول مرة تدير فيها تركيا ملفات معقدة بحرفية عالية تعزز من دبلوماسيتها في إدارة الأزمات وثقل أنقرة في المنطقة".

وتابع أن "تركيا وضعت الإعلام في موضع الاعتبار من خلال التعامل مع الصحافة كسلطة رابعة فعلا".

وزاد بأن صحيفة "نيويورك تايمز" قالت في الأيام الأولى من الجريمة إن تركيا هي من باتت تتحكم في الأمور، وهذه إشارة قوية إلى الدور الاستراتيجي الذي لعبته أنقرة من خلال الإعلام".

وختم "الأحمد" بالتشديد على أن "ملف قتل خاشقجي يدحض الاتهامات التي توجه إلى تركيا بتقييد الحريات".

  كلمات مفتاحية

تركيا السعودية خاشقجي

مصدر تركي: CIA أبلغت تركيا بنتائجها حول مقتل خاشقجي

أردوغان يعتبر مقتل خاشقجي ووترغيت سعودية ستؤدي لتداعيات كبيرة