أرباح النفط الصخري تحت رحمة تخفيضات أوبك وتغريدات ترامب

الخميس 6 ديسمبر 2018 10:12 ص

تزامن انحدار أسعار النفط الخام في الفترة الأخيرة مع بدء منتجي النفط الصخري في تحقيق عوائد جيدة بعد سنوات من الإنفاق الكثيف لتعزيز الإنتاج والحصة السوقية.

أبهج التحول المستثمرين الذين أضجرهم انتظار جني الثمار وهم يشاهدون طفرة خام غرب تكساس الصخري تجعل الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم ومُصدر رئيسي.

لكن تراجع أسعار النفط الخام الأمريكي 29 بالمئة منذ أكتوبر تشرين الأول بات يهدد هوامش الأرباح المتحسنة تلك، وإذا بقيت الأسعار دون 50 دولارا للبرميل فربما ينال ذلك من قيمة احتياطيات النفط الصخري، التي تستخدمها البنوك لتحديد قوة الاقتراض.

وقال ستيفن بروت الرئيس التنفيذي لمنتج النفط الصخري إليفيشن ريسورسز إن النشاط في أكبر حقل نفطي في الولايات المتحدة قد ينخفض عشرة إلى عشرين بالمئة العام القادم إذا بقيت الأسعار منخفضة.

وأوقد تراجع الأسعار شرارة موجة بيع في أسهم شركات النفط الصخري وقد تكدر انتكاسة أخرى مزاج المستثمرين تجاه القطاع لسنوات.

وفي ظل هذه الدينامية، يعلق منتجو النفط الصخري الآمال على إنقاذ يأتيهم في شكل تخفيضات إنتاج من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) عندما تجتمع يوم الخميس - وهو ما يضعهم على طرف نقيض مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يضغط على أوبك لإبقاء الصمامات مفتوحة.

ورغم أن ترامب داعم متباه بشكل عام لشركات الوقود الأحفوري، فقد سخر من احتمال خفض إنتاج أوبك باعتباره ”يسرق من بقية العالم“ عن طريق التضخيم المصطنع لأسعار بيع الوقود إلى المستهلكين.

ويوم الأربعاء، غرد الرئيس مجددا بأنه يأمل ”أن تُبقي أوبك على تدفقات النفط كما هي، غير مكبوحة. العالم لا يريد أن يرى ارتفاعا في أسعار النفط ولا يحتاج لذلك“.

وارتفعت العقود الآجلة للخام الأمريكي هذا الأسبوع، وبلغ سعر التسوية يوم الأربعاء 52.89 دولار للبرميل بفعل توقعات بأن تتفق أوبك على خفض الإنتاج في اجتماعها.

وفي نوفمبر تشرين الثاني، أشاد ترامب بالسعودية على تويتر لقيامها بزيادة الإنتاج مما ساعد على دفع أسعار النفط للهبوط نحو 30 بالمئة، إلى ما يقرب من 50 دولارا، فيما وصفه الرئيس الأمريكي بأنه ”مثل خفض ضريبي كبير“.

ومثل تلك التغريدات "مبعث إزعاج" لقطاع نفط أمريكي يحاول تقوية وضع ربحيته.

وقال بروت إن ”اتكاء“ ترامب على السعودية، الدولة الأكثر نفوذا في أوبك، "كان له أثر كبير".

وتابع ”بالنسبة لي، هذا كثير من التدخل“.

تأتي حملة ترامب ضد تخفيضات أوبك بعدما وقف بجانب المملكة وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رغم دعوة ساسة أمريكيين لفرض عقوبات على الرياض بشأن مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول في أكتوبر تشرين الأول. ويقول مراقبون سعوديون إن الأمير محمد يريد تفادي مواجهة مع ترامب، بما في ذلك بخصوص خفض إنتاج النفط والأسعار.

وقال فيل فلين المحلل لدى برايس فيوتشرز جروب في شيكاجو إن منتجي النفط الصخري حققوا اختراقات كبيرة في الأعوام الأخيرة على صعيد تحقيق أرباح في ظل انخفاض أسعار النفط، لكنهم يقتربون من حد فاصل سيضطر البعض عنده إلى تقليص الاستثمار.

وتابع فلين ”في الحقيقة، يصاب كثيرون منهم بالرعب عند 50 دولارا، وكذلك مصرفيوهم.. يريدون من أوبك إجراء خفض ويريدون من ترامب التوقف عن التغريد عن النفط“.

وتشير تقديرات الحكومة الأمريكية إلى أن إنتاج النفط في الولايات المتحدة سيرتفع 17 بالمئة هذا العام إلى 10.9 مليون برميل يوميا في المتوسط، ثم يصل إلى 12.06 مليون برميل يوميا بحلول منتصف 2019. وبعد سنوات من زيادة الإنفاق الرأسمالي، تخطط شركات، مثل أناداركو بتروليوم، لتجميد أو خفض تلك الميزانيات، وتوزيع الوفورات على المستثمرين.

وقال بروس كامبل، رئيس المكتب الاستشاري كامبل لي آند روس لإدارة الاستثمار، إنه حتى لو تراجعت أوبك واستقرت الأسعار العالمية عند المستويات الحالية، فقد لا يكون ذلك كافيا لكي يستعيد النفط الصخري حظوته لدى المستثمرين. وتملك الشركة أسهما في رويال داتش شل نظرا لتوزيعات أرباحها وميزانيتها القوية، لكنها لم تعد ترى سببا يشجعها على الاستثمار في النفط الصخري.

وأضاف كامبل أن شركات النفط الصخري تستطيع خفض التكاليف أكثر، ”لكن الأمر يستغرق 12 إلى 18 شهرا للتمدد عبر النظام“ وجعل الأرباح ترتفع مجددا. وتابع أنه ما لم ترتفع أسعار الخام، فسيكون من الصعب على المستثمرين ”أن يجدوا مكانا يتحمسون له“.

 

متانة الصخر

منذ اندلاع حرب الأسعار في 2014-2016 بين أوبك ومنتجي النفط الصخري، حين دفع الارتفاع الكبير في الإمدادات العالمية الأسعار للهبوط إلى نطاق العشرين دولارا للبرميل، تعلم مستخرجو النفط الصخري في تكساس اعتصار الأرباح عند انخفاض الأسعار لما يصل إلى 38 دولارا للبرميل، نزولا من حوالي 71 دولارا في 2014، حسبما قالته ريستاد إنرجي الاستشارية.

لكن أسعار التعادل في حقول النفط الأمريكية الأخرى تدور بين 43 و48 دولارا للبرميل، ليس بعيدا عن قاع نوفمبر تشرين الثاني.

وأضافت ريستاد أن التكلفة التي يتحملها المنتجون في الشرق الأوسط تُقدر بنحو 11 دولارا للبرميل في العراق، و17 دولارا في السعودية، وأقل من 21 دولارا في الكويت.

لكن هذه الدول تحتاج إلى أسعار نفط أعلى بكثير لتمويل الإنفاق الحكومي. وقال مسؤول بصندوق النقد الدولي إن السعودية تحتاج إلى متوسط سعر للنفط عند 85-87 دولارا للبرميل لتغطية ميزانيتها الحكومية لهذا العام.

ومازالت الصناعة الأمريكية تتوسع في استخدام تقنيات حفر أكثر كفاءة، وتتوسع شركات النفط الكبرى بي.بي وشيفرون وإكسون موبيل في عمليات النفط الصخري وتشييد البنية التحتية لخطوط الأنابيب للحفاظ على زيادة الإنتاج.

وقال شون رينولدز مدير المحافظ لدى شركة الاستثمار فان إيك "النفط الصخري نشاط يعتمد على الحجم الكبير".

ويرى رينولدز أن القطاع بصدد الخروج من مرحلة التطوير المكلفة إلى ما قال إنه "وضع الحصاد"، حيث يجني أرباحا من استثمارات سابقة.

لكن استمرار انخفاض الأسعار سيهدد الأرباح القوية التي تحققت في الفترة الأخيرة. وقال رايان لانس الرئيس التنفيذي لكونوكو فيليبس خلال مؤتمر بالهاتف عن النتائج المالية الشهر الماضي إن أرباح الشركة في أحدث ربع سنة ارتفعت لأربعة أمثالها عنها قبل عام، بدعم من تخفيضات التكلفة التي أدت إلى "تحسن كبير في متانتنا في وجه انخفاض الأسعار".

وقال آل ووكر الرئيس التنفيذي لأناداركو إن شركته تحولت إلى الربحية وتتوقع زيادة الإنتاج بين عشرة و14 بالمئة العام القادم، بافتراض ”النفط عند 50 دولارا“.

ويعول منتجون آخرون على تكرار ما حدث في 2016، حينما خفضت أوبك الإنتاج وارتفعت الأسعار تدريجيا.

وقال بوب واتسون الرئيس التنفيذي لأبراكساس بتروليوم المنتجة للنفط الصخري في تكساس في مقابلة ”مررت بهذا من قبل“. وأبلغ موظفيه ألا يقلقوا بشأن السعر، قائلا ”سيعود من جديد. كل ما عليكم هو مواصلة العمل“.

وشأنها شأن شركات النفط الصخري الكبيرة الأخرى، استخدمت أبراكساس مشتقات مالية لضمان بيع بعض إنتاجها في المستقبل عند 56 دولارا للبرميل، في خطوة تتيح لها تفادى الهبوط الأخير ما لم يحدث تغير مستدام.

 

دروس حرب الأسعار

تتوقع وكالة الطاقة الدولية، التي تقدم المشورة لمستهلكي النفط الرئيسيين بشأن سياسة الطاقة، أن يرتفع إنتاج النفط من خارج أوبك 2.3 مليون برميل يوميا هذا العام، بينما من المنتظر أن ينمو الطلب 1.3 مليون برميل يوميا العام القادم. وربما يؤدي ذلك مجددا إلى فائض في المعروض بالسوق، ويدفع الأسعار العالمية للهبوط.

ويجب أن تقرر أوبك هذا الأسبوع ما إذا كان الاقتصاد العالمي سيحتاج مزيدا من النفط أو أقل. فبعد أشهر من الإنتاج بأقل كثيرا من المستوى المستهدف، قام قادة المنظمة بزيادة إنتاجهم في الصيف الماضي وبحلول أكتوبر تشرين الأول ارتفع إنتاجهم نحو 400 ألف برميل يوميا عن سبتمبر أيلول. وزادت روسيا أيضا إنتاجها نحو 460 ألف برميل يوميا فوق سقفها.

وقال مقسط أشرف العضو المنتدب للطاقة لدى أكسنتشر ستراتيجي للاستشارات ”تدرك أوبك أنه في الهبوط الأخير، لدى محاولة اقتناص نصيب في السوق، فإنهم لم يحصلوا على شيء. انتهوا بدرجة ما إلى فقد حصة سوقية“.

وقال كار إنجام الخبير الاقتصادي المعني بالنفط والغاز في تكساس إن الدرس الأول من حرب الأسعار الأخيرة هو أن منتجي النفط الصخري يستطيعون زيادة الإنتاج حتى عند مستويات أسعار تضر بميزانيات أعضاء أوبك.

وأظهرت بيانات حكومية أن الشركات العاملة في الحوض البرمي، أكبر مكمن للنفط الصخري في الولايات المتحدة، ضخت 1.6 مليون برميل يوميا في يونيو حزيران 2014، حينما كانت الأسعار في ذروتها عند 107 دولارات للبرميل وارتفع الإنتاج إلى نحو مليوني برميل يوميا بعد ذلك بعامين مع هبوط الأسعار إلى 26 دولارا.

وقال إنجام "تستطيع أوبك أن تنتظر ليوم القيامة، لكنهم لن يحصلوا على... تراجع في الإنتاج" من الحقل البرمي.

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

أوبك خفض الإنتاج نفط صخري أمريكا تغريدات ترامب الحوض البرمي أسعار النفط فائض المعروض

زيادة أسعار النفط ترفع أرباح شركة شل لثلاثة أضعافها