استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ظاهرة «الدولة الميليشياوية» في العراق بين التحجيم والتعميم!

الخميس 23 أبريل 2015 09:04 ص

ما نتناوله هنا هو واقع الحالة العراقية منذ 2003 وحتى الان، أي ان ما جرى بعد احتلال داعش للموصل ليس هو المنتج الاول لظاهرة الميليشا في العراق، انما كان فرصة ذهبية مضافة لمليشة الوضع برمته ومن ثم ابتزازه لتحقيق ذات الاهداف التي ارادها الامريكان والتي طعمت بالأهداف الإيرانية الداعية لدولة عراقية يحكمها الشيعة حتى لو استقل الكرد عنها، بمعنى ان تكون دولة بحكم طائفي شيعي بمشاركة سنية، وبذلك لن تقوم للعراق الوطني القوي الند للاطماع الامريكية والإيرانية قائمة، وانما بلدا مهموما بصراعات الحكم الشيعي ومعارضته السنية، حكم مرهون قراره بتوازنات الخارج وليس الداخل!

بامتياز قل نظيره يمثل العراق اليوم نموذجا صارخا للدولة الميليشياوية، الدولة الفوضوية التي لا يفضي سيرها إلا إلى الحتف المبرمج بحسب قواعد اللعبة الامريكية لاقامة شرق أوسط جديد يكون للعراق فيه سبق الريادة! عندما حل الأمريكان الجيش الوطني العراقي، فانهم قد فتحوا بذلك الباب على مصراعيه لاقامة جيوش المكونات، خاصة وانهم كانوا على علم اليقين بان الجيش الذي سيخلفونه لن يكون الا طائفيا واما واجهاته المطعمة بالتنوع المكوناتي فانها للزينة فقط، وهي غير قادرة على تغيير بنية الواقع المشرعن عرفيا، حتى لو ارادت ذلك وبدوافع مخلصة! 

للمكون الكردي جيشه وتسليحه وقيادته المنفصلة تماما عن ما يسمى بالجيش الاتحادي، ولم يجر لا دستوريا ولا اجرائيا التطرق إلى موضوعة دمجه بالجيش الجديد الذي أشرف على قيامه الأمريكان بأنفسهم وإنما تعاملوا معه على أنه جيش محلي مستقل، حرس الاقليم، فقط جرى الخوض في موضوع تمويله، هل يكون ضمن الميزانية المخصصة للاقليم ام ضمن مخصصات وزارة الدفاع العراقية ؟ ولم يجر حسم هذا الموضوع الخلافي حتى الآن، وبكلا الحالتين سيستمر الجيش الكردي بأمرة قائده العام الذي هو نفسه رئيس الاقليم والذي لا يقر باي نوع من الانقياد حتى ولو اسمي للقائد العام للقوات المسلحة الاتحادية، فالدستور الذي يسير عليه الاقليم وبالرغم من عدم حصول استفتاء عليه، لكنه نافذ بحكم الامر الواقع، وهو لا يقر بالقيادة الاتحادية لجيش الاقليم، وانما يقر بالمشاركة الكردية الرمزية بالتشكيلات الاتحادية، كأن يكون رئيس الاركان الاتحادي كرديا كما في حالة بابكر زيباري حاليا وهكذا!

الأهم في الأمر كله أن عقيدة جيش الاقليم القتالية هي مناقضة لما يفترض أن تكون عليه العقيدة القتالية للجيش الاتحادي، فالجيش الاتحادي يدافع عن وحدة وسلامة الاتحاد كله، أما عقيدة جيش الاقليم الفعلية فإنها تدعو لاسترداد الأراضي المتنازع عليها مع الاتحاد ومن ثم القتال من أجل استقلال الاقليم، ولهذا السبب نلحظ أن العلاقة بين الجيشين هي علاقة ندية ومتعارضة وقد حصلت مواجهات كثيرة بينهما جرى تطويقها او تأجيلها لان السير فيها يؤدي إلى استعجال اعلان الاقليم انفصاله واقامة دولته المستقلة وهذا ما لا تريده قيادة الاقليم نفسها لأنها حاليا مستفيدة استفادة مزدوجة كونها شريكة بكل ما هو اتحادي برغم استقلالها شبه الكلي عن الاتحاد أي أن الاتحاد يعطيها حصتها وهي محتفظة بما لديها من حصته، إنها تريده انفصالا ناعما يأخذ فيه الاقليم كل الذي يريده مضاعفا بغض النظر عن مصالح الدولة الاتحادية التي يدعي حاليا حرصه على استقرارها، جيش الاقليم لا يسمح للجيش الاتحادي بالدخول فيما تسمى بالمناطق المتنازع عليها، بل إن جيش الاقليم قد فرض سيطرته عليها تماما بما فيها محافظة كركوك النفطية وهو يعلن عن تمسكه بتبعيتها للاقليم شاء من شاء وقبل من قبل! 

جيش الاقليم نفسه مكون بشكل رئيسي من ميليشيات الحزبين الكرديين المسماة بالبيشمركة، حزبي البارزاني والطالباني، الأول يهيمن على مناطق دهوك واربيل وأجزاء من الموصل والثاني يهيمن على السليمانية وأجزاء كبيرة من كركوك وديالى وكل طرف يغذي فصيله من ميزانية الاقليم وما يحصل عليه من موارد نفطية وغير نفطية من داخل وخارج تغطيات الميزانيات الظاهرة والباطنة! 

لقد سمح الأمريكان لكل الأحزاب العراقية بغالبتها الشيعية والكردية والتي اتبعتها بمشروعها الاحتلالي بترشيح منتسبيها الذين كانوا اصلا من ميليشياتها بالانتساب لتشكيلات الجيش الجديد، وكان في مقدمتها الأحزاب الشيعية التي عملت في إيران، فيلق بدر، ومجاهدي حزب الدعوة، وقد نجح الأمريكان حينها بتطعيم التشكيلات الجديدة بالعشرات من الضباط السنة والأكراد والشيعة وجميعهم كانوا من ضباط الجيش السابق، وعند انسحابهم تركوا التشكيلات العسكرية للجيش الجديد وهم الأعلم بأنه لن يصمد أمام اي تحدي جدي، وهو المطلوب لأمريكا، لأن هذا الحال سيجعل الحكم بحاجة دائمة إليهم، إضافة إلى تعزيزه لنزعة الفدرلة المطلوبة أيضا! 

في فترة حكم «المالكي» الثانية أصبح الجيش عبارة عن دمج ميليشياوي شيعي ليس للسنة والاكراد فيه سوى توازن الواجهة، كوزير الدفاع بالوكالة «سعدون الدليمي» ورئيس أركانه «الزيباري»، وذلك من خلال توسعته العددية التي تجاوزت النصف مليون، ووضعت موارد الدولة تحت تصرف حزبه الحاكم الذي تضخمت نزعته الميليشياوية الطائفية التي سادت أغلب تشكيلات الجيش الحكومي، ومن هنا عززت الأحزاب الشيعية الأخرى من قدراتها الميليشياوية، لأن بعضها لا يثق بالبعض الآخر، ولأن اشتراك عناصرها بالجيش الجديد ليس ضمانة لها خاصة وأن هناك اجهزة أمنية عديدة وفرق خاصة أخذت تتشكل من لون واحد لا ولاء لها غير الولاء للمالكي، جيش المهدي الذي كان قد جمد، جيش المختار، جيش العصائب، جيش حزب الله العراقي، جيش الائمة، إضافة إلى التوسعة شبه السرية العمودية والافقية لميليشيا بدر بقيادة «هادي العامري»، ومن لم يجد من هذه الميليشيات تمويل حكومي فان التمويل الإيراني يسد! 

الآن وبعد إعلان الجهاد الكفائي من قبل مرجعية النجف والذي تبنته حكومة «المالكي» ومن ثم «العبادي»، توالدت الميليشيات واصبح الحشد المكون من مجموعها الذي تجاوز العشرات، من ميليشيا «أبو الفضل العباس» إلى «الخرساني»، هو الفرصة الذهبية لإعلان ما لم يكن ممكنا إعلانه، «داعش» قوة سنية وبهزيمتها على يد الميليشيات الشيعية ستدغم هزيمة أي تحرك سني حتى لو لم يكن طائفيا لإقامة دولة علمانية تعتمد المواطنة بمعزل عن الطائفية والمناطقية، وعليه وفرت «داعش» فرصة ذهبية للتغطية على فساد حكومات الاحتلال، وعلى فشلها في تحقيق اي من شروط قبولها، نعم يمكن للسنة أن يؤسسوا صحواتهم وميليشياتهم لكنها يجب أن تكون مكملة لأهداف الحكم الشيعي وسائرة بفلكه ماذا والا فهي «إرهابية» حتى لو قاتلت القاعدة و«داعش»؟! 

إن اجتثاث الرحم الذي ولدت منه «داعش» سنية كانت أم شيعية، ومن سيأتي بعدها لا يمكن أن يتحقق بالجهاد الكفائي الذي يدافع عن واقع بائس ازاء واقع يحمل البؤس كله، إنما بالجهاد لعزل أحزاب الاسلام السياسي بمجمله عن الحكم وتفعيل قانون للأحزاب يحرم ويجرم أي حزب على أسس طائفية سنية كانت أم شيعية، نريد أحزابا وطنية قادتها يؤمنون بحرية وقدسية الانسان، نريد نزع القدسية عن أي فعل سياسي او اجتماعي أو فكري لا يحمل هذه الشروط حتى لو تلحف بمظلوميات ظالمة تسقط الماضي على الحاضر والمستقبل بدون أي مسوغ آدمي، غير مصادرة العقل لصالح النقل وبالتالي لصالح إعادة انتاج سلطة الاستبداد، وهذه المرة تحت راية آل البيت البريئة براءة الذئب من دم يوسف، من كل سفسطات الملالي الجدد ومن يحكم بفتاويهم! 

ظاهرة مليشة الدولة العراقية سائرة نحو التعميم وليس التحجيم، فالذي يجري يثير رعب وقلق الصغير والكبير من الاثنيات والمذاهب والأديان وحتى العشائر، وما حصل مؤخرا من اقتتال بالأسلحة الثقيلة بين عشيرتين في البصرة مثال حي على تضخم ظاهرة التسلح الميليشياوي المنفلت وعلى كافة المستويات المألوفة وغير المألوفة ماقبل «داعش» وما بعدها.

٭ جمال محمد تقي كاتب من العراق

 

  كلمات مفتاحية

العراق التعميم التحجيم الاثنيات المذاهب الأديان العشائر الميليشيات الشيعية

الميليشيات الشيعية تعسكر السياسة العراقية

مفتي العراق يوافق الأزهر في تنديده بمجازر ميليشيات شيعة ضد أهل السنة

العراق: تضخم «دولة الميليشيات» لمصلحة من؟

السنة في العراق بين مطرقة «داعش» وسندان «الميليشيات الشيعية»

جيش العراق الجريح يتكئ على الميليشيات الشيعية والمتطوعين

صعود الدولة الميليشياوية في العراق

«عمار الحكيم»: العراق سيحدد حدود الشرق الأوسط الجديد

عن «الجيش الذي لا يقاتل» .. مثال العراق