السلفيون في الأردن يحولون ولاءهم نحو «الدولة الإسلامية»

السبت 25 أبريل 2015 05:04 ص

إنّ نشوء تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في العراق وسوريا والحرب الأهلية التي شنّها هذا التنظيم كان لهما انعكاسات كبيرة على المشهد السلفي الجهادي في الأردن الذي تميّز مؤخرًا بتطوّر في الحركيّات الداخليّة للمجموعة.

بحسب تقدير الخبراء، يقاتل حوالي 2.000 سلفي جهادي في سوريا اليوم، لكنّ الباحث حسن أبو هنية قال في مقابلة أجراها مع المونيتور إنّه يعتقد أنّ هذا العدد أقلّ بقليل، مع 1.200 منتشرين حاليًا في سوريا وحوالي 350 سبق وقُتِلوا في النزاع.

وقال مروان شحادة للمونيتور، وهو خبير في التنظيمات المتطرّفة، «جرى توقيف 400 آخرين لمحاولتهم الانضمام إلى التنظيمات المتطرّفة في سوريا».

أمّا المثير للاهتمام فهو أنّ الحركة الجهاديّة الأردنيّة قد شهدت تحوّلات مهمّة في العامين الماضيين، ففي حين كان يتحدّر معظم الجهاديّين السلفيّين في البداية من جذور فلسطينيّة، نجد اليوم عددًا متزايدًا من القادمين من شرق الأردن الذين انضمّوا إلى التنظيم، مثل عامر الخلايلة.

وقال شحادة إنّ «مدنًا مثل السّلط ومعان، وهي مناطق قبليّة، قد أصبحت مراكز للجهاديّين السلفيّين. وقد توسّعت الحركة أيضًا في مدن أخرى مثل الزرقاء والرصيفة التي تشكّل مسقط رأس أبو محمد المقدسي».

وإنّ توسّع الحركة في الرصيفة، التي تضمّ مئات آلاف الأشخاص، قد تعزّز نتيجة ضعف التقاليد القبليّة والترابط.

وهي أيضًا تضمّ عددًا كبيرًا من قبيلة بني حسن التي انتمى إليها أبو مصعب الزرقاوي صاحب السمعة السيئة؛ ويعتبر الزرقاوي اليوم كـ"الأب الروحي" لداعش، وقد كان زعيم القاعدة في العراق حتّى مقتله في العام 2006.

إنّ الرصيفة، التي يتألّف عدد كبير من سكّانها من الشباب – في العام 2010، كان 68% من سكّانها دون الخامسة والعشرين من العمر – هي أيضًا مجاورة للزرقاء التي تشكّل معقل الجهاديّة السلفية في الأردن. تتألّف معظم شوارع المدينة حيث يستفحل الفقر من حواجز طينيّة وأزقّة ضيّقة، ويقع سكّان الزرقاء دون خطّ الفقر في الأردن مع معدّل دخل سنوي يبلغ 436 دينارًا أردنيًا (615$)، وذلك بحسب دراسة أجراها برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي.

نذكر أحد التغيرات المهمّة الأخرى التي تشكّل المشهد الجهادي السلفي في الأردن، وهو تحوّل دعم المقاتلين من جبهة النصرة إلى داعش.

قال الصحفي تامر الصمادي، وهو خبير في الجماعات السلفيّة، إنّ «حوالي 85% من المجتمع الجهادي يدعم داعش اليوم»، وقد استطاع داعش بالتالي جذب الأردنيّين الذين انضمّوا في بداية الحرب السوريّة إلى جبهة النصرة.

أبو سياف، وهو قائد سلفي أردني، يركّز على الدور القيادي الذي أدّاه الأردنيّون تحت جبهة النصرة، بالتحديد إياد الطوباسي، المعروف أيضًا بأبي جليبيب، صهر الزرقاوي والذي يقال إنّه حارب إلى جانبه في العراق وكان زعيمًا لجبهة النصرة في دمشق ودرعا. وكذلك عبد اللطيف، المعروف أيضًا بأبي أنس الصحابة، والذي كان قائدًا في جبهة النصرة.

قال أبو سياف، «يتضاءل الدّور الذي يؤدّيه الأردنيّون في داعش بسبب الاختلافات الأيديولوجيّة». وإنّ الوحدة القديمة المؤلّفة في جبهة النصرة هي أقرب إلى نهج القاعدة الأكثر عمليّة منها إلى ممارسات داعش الوحشيّة والمانوية.

ويكمن أحد التغيّرات الكبيرة الأخرى في ديمغرافيات مناصري الجهاديّين السلفيّين في الأردن في الجذب المتزايد لأعضاء الطبقة المتوسّطة.

قال محمد أبو رمانة من مركز الدراسات الاستراتيجيّة في الجامعة الأردنيّة إنّ «السياسات الليبراليّة تُرجِمت في زيادة في الضرائب مدموجة بانخفاض في الإعانات، ما يعني أنّ عددًا متزايدًا من المنتمين إلى الطبقة المتوسّطة يرون مداخيلهم تنخفض ويجدون أنفسهم في حالة من اليأس».

ومن الأمثلة على مثل هذه الحالات نذكر سامي عريضي، وهو أستاذ في الشريعة، بالإضافة إلى إياد قليبي، وهو صيدلي، وقد انضمّ كلاهما إلى داعش في سوريا، بحسب ما أفاد رمانة.

يُعتبَر الشباب أيضًا مصدرًا مهمًا للذخائر البشريّة بالنسبة إلى داعش. ويعتقد أبو رمانة أنّ القمع الإقليمي للربيع العربي والافتقار إلى التكامل السياسي في صفوف المواطنين الشباب قد ساعدا داعش على التقدّم في أجندته.

استعمل التنظيم هذه القدرة لرفع الرهان ضدّ المملكة الهاشميّة. وفي شهر شباط/فبراير، نشر داعش شريط فيديو يظهر فيه الطيار المأسور معاذ الكساسبة وهو يتعرّض للحرق حيًا في قفص. بالإضافة إلى ذلك، هدّد داعش بشكل متكرّر النظام عبر تحميل أشرطة فيديو على يوتيوب يظهر فيها أفراد أردنيّون انضمّوا إلى التنظيم وهم يحرقون جوازات سفرهم ويتوعّدون بالزحف نحو المملكة.

تقوم سياسة الحكومة الأردنيّة بشكل أساسي على ثلاثة محاور لمواجهة خطر الجهاديّين المتزايد. أوّلاً، أبرأت الأردن عدّة جهاديّين شهيرين من تهم الإرهاب، مثل أبو قتادة والمقدسي، فهم يمثّلون خيارًا أكثر اعتدالاً من وجهة نظر عمان. جرت تبرئة أبي قتادة من تهم الإرهاب، في حين جرى إطلاق سراح المقدسي في شهر شباط/فبراير وهو كان قد سُجِن في البداية بناء على ادّعاءات بتهديد الأمن القومي وتجنيد جهاديّين للقتال في أفغانستان.

انتقد المقدسي حرق الكساسبة، في حين أنّ أبو قتادة، الذي يشكّل أيضًا أحد المؤيّدين الصريحين لجبهة النصرة، أدان علنًا قيام داعش بقطع رؤوس الصحفيّين واصفًا هذا التصرّف بغير الإسلامي.

وقال خبير طلب عدم الكشف عن هويّته، «اعتمدت الأردن استراتيجيّة 'فرِّق تسُد' عبر استمالة هؤلاء الأشخاص المستعدّين لإدانة داعش بشكل ملحوظ».

اعتمدت الحكومة الأردنيّة مقاربة ثانية ركّزت على اعتقال المشتبه فيهم ومحاكمتهم، وإنّ 60% من بينهم يتحدّرون من بلدات مثل الرصيفة والزرقاء، وذلك بحسب شحادة الذي يضيف أنّ النظام قد أظهر تساهلاً أكبر تجاه المنتمين إلى شرق الأردن من خلال إدانات أقلّ صرامة.

مع ذلك، تحايل الجهاديّون السلفيّون على الرقابة التي تمارسها المخابرات بتغيير مسار رحلاتهم، متوجّهين إلى العراق عبر تركيا أو دول عربيّة أخرى. وبحسب شحادة، ينطبق ذلك على عمر مهدي زيدان وسعد هنيتي.

أمّا الاستراتيجيّة الثالثة للمخابرات الأردنيّة فهي اختراق الجماعات المتطرّفة، وهذا نهج أكثر نجاحًا بدرجة كبيرة مع جبهة النصرة. وقال أبو هنية إنّ «جهاز مخابرات داعش قويّ جدًا بفضل جهود أبو علي الأنباري».

وتمامًا كما يخشى الأوروبيّون الآن عودة الجهاديّين إلى أوروبا، كذلك تشعر الأردن بالقلق إزاء التداعيات التي ستترافق مع عودة المقاتلين الأردنيّين.

  كلمات مفتاحية

الأردن السلفيون الدولة الإسلامية أبومحمد المقدسي أبوقتادة السلفية الجهادية جبهة النصرة

المجتمع الأردني يخشى «داعش».. ويعتنق فكره!

المجتمع السعودي والتعاطف مع «داعش» 

البحرين تراقب "المتعاطفين" مع داعش

تنظيم «الدولة الإسلامية» يقترب من «السويداء»: خبر سيئ للأردنيين

معان الأردنية.. مدينة تُدفع نحو الإرهاب!

سلفيو الأردن يناشدون السلطات بالسماح بدخول مقاتلين عائدين من سوريا